حسين الشمري
قال الشاعر الاميركي روبرت فروست «ان الشعر الحر أشبه ما يكون بلعب كرة المضرب دون وضع شبك بين اللاعبين» وروبرت لم يكن بعيدا عن واقع القصيدة الحرة او التفعيلة بالشعر الشعبي التي ظلمت كثيرا من قبل الكثير من الشعراء الشعبيين الذين اطلقوا عليها ابشع الاوصاف واخرجوها من نطاق الشعر ومازال هناك من يعتبرها كلاما نثريا، وصادفت في العديد من اللقاءات التي أجريتها مع الشعراء استهجانا كبيرا لاصحاب هذه القصائد وهجوما شديدا عليهم بحجة انهم اصحاب حداثة غير مرغوبة بالشعر. للاسف ونحن في عام 2011 مازال هناك من ينكر جمالية وابداع الشعر الحر واعتباره ليس شعرا وهذا الامر مستغرب جدا لان الواقع الادبي والشعري الحالي ليس مشابها لواقع الشعر قبل 50 عاما وليس هناك ربط بين الواقع الشعري القديم والشعر الحالي لكي يتم تقسيم الشعر القديم الكلاسيكي الى «حقيقي» والحر الى «خرابيط» ولو كان هناك انفتاح في السابق لكتب الشعراء ما هو أبلى مما يكتب الآن وان التغيير في الشعر او اسلوب الشعر ليس وليد اللحظة بل ان التاريخ يذكر ابا نواس وابا تمام والمتنبي وبشار عندما خرجوا عن النمط المألوف في العصر العباسي وكذلك ظهور الموشحات بالدولة الاندلسية وابراز القصيدة ذات الطبيعة الصامتة والمتحركة والمتخمة بالصور الشعرية وحركة شعراء المهجر اصحاب التيار الرومانسي وحركة التجديد الكبيرة في عام 1974 بقيادة مجموعة من الشعراء وابرزهم بدر شاكر السياب ونازك الملائكة، ومهاجمو الشعر الحر لا يرغبون في فهم معطيات الادب والانفتاح الادبي كأنهم لا يريدون ان يفهموا الامر. لقد عانى الشعراء الحداثيون كثيرا في السابق وهوجموا كثيرا وشكك في شاعريتهم وثقافتهم وأصبحوا مدعي شعر ولكن في مقابل هذا الهجوم استطاع شعراء التفعيلة الحرة ربح المعركة في النهاية والدليل على ذلك اتجاه العديد من الشعراء الكلاسيكيين التقليديين الى عالم الشعر الحر. مسيرة التغيير دائما صعبة في بداياتها خاصة اننا في مجتمعنا لدينا رهاب من الامور الفكرية الحديثة ولدينا خوف دائم من التجديد والتطوير واغلب الشعراء الشعبيين يعانون من رهاب التجديد وقلة المطالعة لان الاراضي لا تصبح خصبة الا بعد المطالعة والتثقيف وما يحدث من جدب بآراء المهاجمين على الشعر الحر هو قلة وعي وقلة ادراك للتغيرات الادبية الطبيعية في الوقت الحالي وقد يبدو كلامي شديدا نوعا ما ولكن هذه الحقيقة.. اغلبية شعراء الساحة الشعبية يحتاجون للقراءة والاطلاع ليصبحوا أكثر مرونة وتقبلا للذوائق الاخرى وليتركوا احتكار الشعر بمدرسة معينة او تيار معين.
[email protected]