الشارقة - بداح العنزي
رحلة استثنائية في بحور الماضي تنطلق كل عام من قلب الشارقة لتعلن عن اكبر حدث يحكي قصة كفاح ويربط جيل الشباب بجسر المحبة لماضي الاجداد من خلال «ايام الشارقة التراثية» التي ينظمها معهد الشارقة للتراث تحت عنوان «تراثنا نبع الاصالة» واستمرت من الاول من ابريل الجاري حتى الرابع والعشرين حيث استطاعت القرية التراثية استقطاب آلاف الزوار من داخل الامارات وخارجها.
وتمثل ايام الشارقة التي تحظى بدعم ورعاية عضو المجلس الاعلى حاكم الشارقة الشيخ د.سلطان القاسمي، تمثل كنزا مميزا لما تحتويه من الحرف التراثية القديمة في تأكيد على اهمية محافظة الاجيال على هذا الموروث الشعبي النادر اضافة الى اقامة ورش عمل ومحاضرات وحكايات من التراث العربي كذلك تجهيز قرية خاصة للطفل شملت مسابقات ترفيهية ومسرحيات للاطفال وقصائد شعرية ورقصا فلكلوريا للاطفال ايضا لا ننسى حرص القائمين على المهرجان على ايجاد خيمة خصصت لسرد الحكايات القديمة يرويها عدد من كبار السن بهدف المحافظة على التراث حيث حرص القائمون على هذه الفعاليات على السعي لابراز القيمة السياحية للشارقة والتي اصبحت عاصمة للسياحة العربية عام 2015 رغم انها كانت عاصمة للثقافة الاسلامية العام الماضي، وقد شهدت القرية فعاليات تتعلق بالفنون الشعبية بمشاركة عدد من الفرق الشعبية من عدة دول حيث قدمت العديد من الفقرات المتنوعة التي لاقت استحسان زوار القرية.
من جانبه اكد رئيس معهد الشارقة للتراث عبدالعزيز المسلم، ان ايام الشارقة التراثية تعد تظاهرة ثقافية مهمة ومميزة زاخرة بالفعاليات والبرامج والانشطة التراثية المليئة بالنشاط والحيوية والمعرفة والتسلية، مشيرا إلى انها تعد قيمة حضارية وثقافية ومعنوية تقدمها امارة الشارقة الى دولة الامارات والعالم العربي، اذ اثبتت ايام الشارقة التراثية طوال مسيرتها انها محفل ثقافي مهم للتراث الشعبي والموروث الحضاري.
واضاف المسلم: ان للتراث اهمية كبرى في دولة الامارات، ويأتي في مقدمة الاولويات دائما، فمنذ البدايات الاولى لتأسيس الدولة كان التراث يأتي في عمق الاهتمامات الثقافية، كما ان الدعم المادي للتراث كان في ذروته دائما.
واشار الى انه «ضمن المشاريع الثقافية الكبرى التي اطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، كان افتتاح معهد الشارقة للتراث، كصرح ثقافي علمي كبير، فالتراث يحتل مكانة متميزة عند سموه، ودوما هناك مبادرات واسهامات من طرف سموه في مجال التراث بصفة خاصة والثقافة بصفة عامة، بالاضافة الى الدعم اللامحدود والمتابعة الدقيقة والتفصيلية لعالم الثقافة والتراث، والبحث عن كل ما يسهم في استمرار وديمومة تنميته وتطوره وتميزه، وبفضل رعاية ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، اصبحت الايام التراثية نموذجا يحتذى في تنظيم المهرجانات الثقافية الشعبية الكبرى».
وذكر ان المعهد يسعى من خلال ايام الشارقة التراثية، الى التعرف الى الموروث المادي والمعنوي، بما يسهم في خلق جيل مرتكز في تطلعاته على الاصالة، وعلى خبرات عريقة، اخذا بعين الاعتبار اهمية وضرورة تعزيز فرص التواصل بين الاجيال.
وأن «ايام الشارقة التراثية» تستحضر اصالة الماضي ونطلع الجيل الجديد على تاريخ الاجداد، ونقدم لهم تعريفا بتلك الحرف والمهن والعادات والتقاليد، وعن مختلف ملامح حياة الآباء والاجداد، وهي في الوقت نفسه تعبير صادق عن هوية هذا الشعب، وتجسيد حي لتاريخ ابناء الامارات، تتعرف اليه الشعوب الاخرى، سواء الذين يأتون الى «الايام» من كل انحاء العالم، او الذين يتفاعلون معها من خلال المتابعة عبر مختلف وسائل الاعلام.
وقال: «لقد كانت مهمة ابراز القيمة السياحية للشارقة هدفا رئيسا في تنظيم «الايام» هذا العام، نظرا لما لدى الشارقة من امكانات ومقومات سياحية وجغرافية وبيئية وثقافية، تبرز قيمة عليا للمنتج السياحي، وتقدم معنى جديدا للسياحة الثقافية والشعبية».
نادي السيارات
واشار الى ان مشاركة نادي الشارقة للسيارات القديمة في هذه المسيرة تأتي لتضفي لمسة جميلة على فعاليات «الايام»، لافتا الى ان «الايام» في كل عام تبحث عما هو جديد، ويشكل اضافة جاذبة للجمهور.
واكد ان «الايام» بكل فعالياتها تعد تظاهرة ثقافية تسهم في التعريف بحضارة الامارات، وتشكل جذبا سياحيا مهما للدولة للتعرف الى ثقافتها وتراثها الحضاري، مشيرا الى ان الهدف الاساسي للمعهد و«الايام» يكمن في العمل على تعريف الجيل الحالي والاجيال المقبلة بأصالة الماضي، وتمكينهم من استتكشاف ذلك الزمن بكل ما فيه من عادات وتقاليد اصيلة تعبر عن الموروث الشعبي للاجداد.
وقال: «تعد الايام محطة مهمة وعنوانا كبيرا في التعريف بالتراث والاصالة وضرورة صونه، والاستفادة منه والبناء عليه، فهي قيمة حضارية وثقافية ومحفل ثقافي مهم للتراث الشعبي والموروث الحضاري تقدمه الشارقة في كل عام للامارات وللعالم العربي، فمن خلال الايام يمكن التعرف الى الموروث المادي والمعنوي، وايجاد جيل يعتز بأصالته ويبني عليها ويطورها، يما يضمن تميزها وديمومتها وتفاعلها مع واقعه ومستقبله، في ظل الاستفادة من خبرات الماضي».
مشاركة واسعة
شملت فعاليات ايام الشارقة التراثية على برنامج فكري يشارك فيه 76 شخصية بارزة، منهم مفكرون وأكاديميون وباحثون وإعلاميون مهتمون بالتراث، ويضم مقاهي ثقافية، يتخللها توقيع على كتب تراثية عدة من قبل مؤلفيها.
ويتخلل الفعاليات يوم التراث العالمي، الذي يتضمن الاحتفال به استعراض أزياء الشعوب والفنون الشعبية، والعادات والتقاليد.
وستحيي فرق التراث الشعبي الإماراتي خلال الايام مجموعة من الفنون الشعبية، تشمل الهبان والنوبان والطنبورة والعيالة والسومة والرزيف والوهابية والدان والحربية والليوا والأنديمة والرواح والندية.
تجدر الإشارة إلى أن الفعاليات تغطي مناطق ومدن «خورفكان، كلباء، الذيد، الحمرية، دبا الحصن، المدام، المليحة»، فيما يقضي الزوار، من مواطنين ومقيمين وسياح، وقتا ممتعا في الترفيه السياحي، والاطلاع على نماذج حية من تراث الإمارات.
وتطل هذا العام الأيام التراثية بشعار جديد هو «المعارف التقليدية عماد التراث»، وهو شعار تتجسد فيه عظمة الشعب الاماراتي، ماضيا وحاضرا، من خلال معارفهم التقليدية لتسلط الايام من خلال الفعاليات والفقرات المقامة الضوء على هذه المعارف التي نشأت في البيئة التقليدية، وهي جزء لا يتجزأ من التقاليد الثقافية للمجتمعات الأصلية، وتشمل أشكالا معرفية عديدة حول مجمل طرق المعيشة، كالمعالجات الشعبية والزراعة والري والملاحة والفلك وما إلى ذلك من معارف.
شكر وتقدير
جهود مميزة قامت بها أماني النقبي منسق محتوى وعلاقات اعلامية بمركز الشارقة الاعلامي لتوفير كل ما يحتاجه الوفد الاعلامي وتسهيل تنقلهم من والى القرية التراثية مع اطلاعهم على كل الاجنحة المشاركة فيها.
قرية الطفل
ضمن فعاليات المهرجان وطوال أربعة أسابيع كانت هناك باقة متنوعة من الأنشطة التي تؤمنها خبرات وطنية ودولية في ثقافة الطفل، جعلت التراث قاعدة تنطلق منه لبناء قريتنا هذه ولتشيّد صرح عالم أرحب يسع أحلامكم ويفتّق مواهبكم، واشتملت فقرات قرية الطفل على الآتي:
قصر الأمراء
وهو غرفة لرواية حكاية من حكايات الأمراء باعتماد تقنيات ضوئية حديثة الى جانب بعض المؤثرات المحسوسة مثل الريح والمطر والثلج.
ركن للأشغال اليدوية
وهي رحلة استثنائية مع ثراء الحرف التقليدية في جميع أصقاع العالم، نؤلف فيها بين الأزمنة المتباعدة لنقرّب بينها، ونهدي لأطفالنا حوارا فريدا بين الحضارات من خلال ورشات نوعيّة ذات مضامين مدروسة موجهة الى الأطفال ليستفيدوا من ثراء محيطهم الإنساني وتنوّع قيمه وتعدّد تجاربه.
خيمة الحكاية
وهي حكايات عجيبة ذات مضامين تنهل من التراث وتطوّع مضامينه الى طفل اليوم، ليظل طفلنا دوما بمثابة نخلة باسقة جذعها في أرض ثقافتنا الخصبة ورأسها يتطلع الى الآفاق البعيدة.