تعتبر جميع الوزارات والهيئات الحكومية الخاضعة لقوانين الخدمة المدنية مرافق عامة منظمة تحكمها لوائح وقوانين تنظم آليات العمل داخل مؤسسات الدولة، وتنظم الهيكل الإداري وفق قرارات الهيئة التنفيذية التي أعدتها مسبقا، وذلك لضمان استقرار الأعمال في الجهات الحكومية وعدم خضوعها للأهواء الشخصية في اتخاذ القرارات، وهذا ما يميز القطاع الحكومي عن القطاع الخاص وأعطاه الأفضلية لدى كثير من شرائح المجتمع في تفضيل الانخراط في العمل الحكومي لانتظامه ضمن قوانين ولوائح منظمة تحكم العمل الإداري ولا مجال فيه للخروج عن القرارات والقوانين المعمول بها سلفا.
إلا انه في حالات نجد ان التشريع أغفل بعض الجوانب التي من شأنها قد تساهم في غموض بعض جوانب العمل الإداري وبالأخص فيما يتعلق بالجزاء الواقع على الموظف الذي يتم التجني عليه في بعض الأحيان من قبل رؤسائه.
فقد يعتقد البعض ان مثل هذه الأمور غير واردة في العمل الحكومي ولكن في بعض الأحيان نعم يقع ظلم على بعض الموظفين وهو الذي أسفر بالتالي عن تضخم الدائرة الإدارية في المحاكم بالعديد من القضايا المرفوعة من قبل الموظفين لتظلماتهم من الجزاءات الواقعة عليهم والتي لا يكون لها سند قانوني والتي غالبا ما ينتصر لها القضاء في كثير من الأحيان فتكون الأحكام لصالح الموظفين.
ولكن في المقابل غالبا ما يستند الكثير من المسؤولين في قراراتهم إلى لوائح محدده سلفا من قبل ديوان الخدمة المدنية، ولكن هذه اللوائح بحد ذاتها قد أغفلت العديد من الجوانب التي يستند اليها الموظف في حال وقوع الظلم عليه فهي أعطت له الحق أن يتظلم من جراء الضرر الواقع عليه من قبل المسؤول الذي ظلمه ولكن في المقابل ما هو الجزاء الواقع على المسؤول الذي يثبت عليه التعسف مع موظفيه؟
فليس فقط التظلم بحد ذاته ورفع الظلم بأن يتم رفع العقوبة الواقعة على الموظف وإلغاء القرار سواء أكان من جهة العمل نفسها أو بقرار من المحكمة ولكن في المقابل أين دور التشريع في حماية الموظفين من تعسف بعض المسؤولين.
فالكل يعرف ان الكويت بلد صغير ومترابط في كثير من الأحيان والمجتمع اليوم مثقف وواع ويعرف ما له وما عليه، وبالتالي فإن تفكير البعض بمثل هذه العقلية لن تؤتي أكلها مع الوضع الحالي مع التقدم الذي تشهده أطياف المجتمع على الصعيدين العلمي والعملي.
لذلك فمن الضروري أن تحمي الحكومة نفسها من بعض المسؤولين لديها الذين لا يحسنون التعامل مع الأدوات القانونية لديهم فالمسؤول الذي يثبت عليه انه مسؤول ظالم ويبخس ويتجنى على موظفيه هذا بالتأكيد لابد ان يكون هنالك تشريع يحمي الموظف من تعنته، وبالتالي من يوقع جزاء ظالما على موظف دون دليل ودون سند قانوني من الطبيعي ان تتم محاسبة هذا المسؤول في المقابل على ظلمه حتى يكون عبره لأي شخص يمارس الظلم داخل أروقة الأجهزة الحكومية.
فالوظيفة الحكومية شرف يناله المواطن ان ينال فرصة خدمة الدولة وتأدية دوره في المشاركة في بنائها وتعميرها، والدستور كفل حقوق الموظف العام ونظمتها القوانين، وبالتالي فإن جميع أجهزة الدولة غير مملوكة لأي كان فهي ليست شركة خاصة بل ملك الدولة والدولة تدير مرافقها العامة ضمن قوانين وأنظمة ولوائح لابد عدم الخروج عنها.
وعليه من الضروري أن يتم تشريع قانون ليحد من كم القضايا الإدارية التي ترفع باستمرار من قبل موظفين يتم إيقاع الظلم عليهم ومعاقبتهم دون أي مبرر، ففي بعض الحالات نجد ان بعض المسؤولين إذا لم يتملق له الموظف يكون هذا الموظف غير مقبول لديه وقد يظلمه ويوقع عليه جزاء لدوافع شخصيه وهذه الشخصانية لابد من التخلص منها.