إن من اكثر القضايا المالية التي يصعب أو يشق على دفاع المتخاصمين إثبات تلاعب أحد المدينين لأجل أن يتم عدم المحافظة على الضمان العام ليتمكن من التملص من ديونه أو عدم تنفيذ التزاماته المالية لدائنيه، وبالتالي تبرز لنا الحاجة إلى أن يلجأ الدائنون للقضاء إما بسبب الدفع بعدم تنفيذ المدين لالتزاماته وإما بسبب إهماله في تقصير المطالبة بحقوقه لدى الغير أو بسبب غشه الذي يظهر في تحويل أمواله الموجودة في الضمان العام إلى المتصرف إليه أو الخلف بهدف عدم تنفيذ التزامه تجاه دائنيه.
وعلى الرغم من أن القانون ضمن حق الدائنين من خلال منحهم الحق في المطالبة بحقوق المدين التي لم يطالب بها بسبب الإهمال عن طريق رفع دعوى غير مباشره لمطالبة مدين مدينه بحقوق المدين الأصلي التي اهمل في المطالبة بها أو من خلال علم الدائن بلجوء المدين لأساليب الغش والاحتيال من أجل التهرب من سداد ديونه والتزاماته وهو أن يلجأ من خلالها الى رفع دعوى عدم نفاذ التصرفات.
وفي كلتا الحالتين فإن عملية حصر ما يملكه المدين من أموال وتتبع تصرفاته القانونية من بيع وشراء وإجارة وغيرها هذه لابد أن تكون لها قاعدة بيانات تشمل كل الإجراءات والحقوق والمطالبات التي يجب على الدائن أن يطلع عليها وتكون واضحة له للتعرف على الوضع المالي للمدين.
إن عملية إخفاء معلومات تتعلق بالمدين أو عدم وجودها في قاعدة بياناتية ثابتة تفسح للدائن الاطلاع عليها بهدف المحافظة على أموال الضمان العام لاستيفاء حقوقه، فهذه من الضروري أن تكون هناك وسيلة تحصر من خلالها البوابة القضائية المعلوماتية كل المعلومات المتعلقة بالأفراد سواء كانت تجارية أو مدنية وتمكن من له الحق من المطالبة بالمعلومات الكافية لتتبع المدين لتساعد الدائن على استيفاء حقه.
فاليوم، المشكلة أن كل المعلومات غير متاحة لأصحاب العلاقة لأجل المخاصمة القضائية، فمعظم المعلومات محظور الحصول عليها وهي ما أوقعت الكثيرين بحرج شديد، فعملية سرية المعلومات هذه من الضروري ان يتم التخفيف من حدتها وخصوصا لدى أصحاب العلاقة، فعلى سبيل المثال لو ذهب شخص لا تربطه بمدينة أي روابط قانونية لمعاملات تجارية او مالية واستفسر أو تتبع تصرفات شخص آخر بما يقوم به من بيع وإجارة وهبة وكل التصرفات القانونية الأخرى هنا نعتبر أن هذا الشخص لا يحق له الحصول على أي معلومات، ولكن في المعاملات المدنية من الضروري أن تكون عملية الحصول على المعلومات أيسر مما هي عليه اليوم وذلك لأن الحصول على المعلومة قبل تكبد رفع دعوى لدى القضاء، وهي قد لا تحتاج لأن يتكبد الدائن مشقة الدعوى من جانب آخر فلأجل الحفاظ على الضمان العام من الضروري ان من يطلب المعلومة وله ارتباط بمعاملات قانونية بأفراد وأثبت ذلك أن يتتبع كل تصرفات مدينة لأجل حفظ الحقوق من الضياع.
وذلك نظرا لحساسية القضايا المالية فهي ليست كغيرها من القضايا وذلك لأن في قوانين الجزاء على سبيل المثال يستطيع المتضرر أن يحصل على حقه من خلال سجن من اقترف بحقه أذى وهذا أكبر عقوبة يستحقها الجاني.
ولكن في القضايا المدنية والمطالبات المالية فإن عدم وضع قاعدة بيانات توضح حقوق الدائن تضيع من خلالها حقوقه ولا تعود له متى ما أفلس المدين أو تصرف بما يملك ونقلها لآخرين بهدف عدم سداد حقوق دائنه عمدا فإن ذلك يضيع حق الدائن فهو حتى ولو سجن المدين لعدم قدرته على الوفاء بديونه، ولكن هناك أموالا سلبت بدون وجه حق وضاعت من الدائن من يعوضها له، فالقضايا المدنية كما أشرنا ليست كما قضايا الجزاء التي تكون في اغلب الأحيان سجن الجاني تعويضا للضرر الذي أصابه وليس كالقضايا المدنية.