من المعلوم أن الدول تدار بثلاث سلطات التشريعية والقانونية والتنفيذية وكل هذه السلطات لها اختصاصاتها وضوابطها... ثم ظهرت على إثر ذلك السلطة الرابعة وهي الإعلام الذي ممكن أن تدار عبر الحكومات أو متنفذي الشعوب حتى أصبحت هذه السلطة مؤثرة على كثير من القرارات والتوجهات.
بعد أن كان العالم على أشباه جزر متناثرة ومتباعدة ومن خلال أدوات التواصل والاتصال التي جعلت العالم كقرية صغيرة، فأصبح البعيد قريبا والمسموع مرئيا والصغير كبيرا مما جعل الناس يتنافسون لتسويق انجازاتهم وابداعهم... فأصبح للفكر دور في التنمية والمنافسة، أظهر ذلك عدة مشاريع ضخمة سواء كانت خاصة أو عامة، والتي منها المشروع الانساني والخيري الذي له أثر كبير على كثير من البشر من خلال التجديد والتطوير في أصوله وأساليبه.. فالأديان والمذاهب والثقافات والتقاليد تدعو الى كثير من القيم السامية والرفيعة التي تجمع ولا تفرق وتساهم في تنمية الانسان وعلاقته بأخيه الانسان وباقي المخلوقات وهذا ما يسمى بالانفتاح الإنساني بعيدا عن التعصب لدين أو مذهب أو جنس أو جنسية.
لذا، ولعلي أقف مؤيدا لأن يسمى العمل الإنساني والخيري بالسلطة الخامسة والذي له أثر مباشر على توجيه المجتمعات الى الطريق السليم من خلال تنميتهم.
في الماضي كان العمل الخيري لا يتعدى الشكل التقليدي المعهود، توزيع الطعام والأموال وحفر الآبار ورعاية الايتام دون الدخول في تنمية وتطوير الفقير الذي له قدرة ذهنية وبدنية كبيرة في إنجاز العمل الذي يسد حاجته... بل من الممكن أن يكون رئيسا لدولة أو وزيرا فيها أو استاذا جامعيا اذا سعى العمل الخيري إلى تنميته وفق قدراته ورغباته.
التقيت برجل في العقد السابع من عمره في أحد مساجد داكار عاصمة السنغال، ولما عرف أنني من الكويت سلم علي بحرارة ومودة وقال: انا الدكتور فلان مستشار رئيس الجمهورية واستاذ بالجامعة والفضل يعود بعد الله الى الكويت فقد درستني في المعهد الديني وكلية الشريعة وفتحت لي ابواب النجاح.
هذه تجربة لابد لمؤسسات العمل الخيري والإنساني الاستفادة منها وانتهاج منهج التطوير والتجديد في خططها ومشاريعها، فالعمل الإنساني ليس بعيدا عن العمل الاقتصادي أو الاجتماعي بل إن مجال الابتكار به أوسع أفقا من غيره لتعامله مع عدة ثقافات وأجناس ممكن للمؤسسة الخيرية أن تبدع فيه.
فلتحرص مؤسسات العمل الإنساني والخيري على أن تبادر في تنمية البشر وبناء الإنسان من خلال سد حاجاته وتوفير متطلباته بما يحقق تلك التنمية... ولعل الكويت لها في ذلك السبق حيث نرى أن بعض المؤسسات الخيرية توجهت الى ذلك وعلى رأسها الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية التي بدأت بعد خبراتها الطويلة وجهود العاملين فيها منذ انشائها بنقلة نوعية في مجال التطوير والتدريب سواء في خططها التي تحاكي واقعا محسوسا أو مشاريعها التي ترتكز على أسس علمية وموضوعية او حتى الكفاءات المتميزة واستقطابها لهم للاستفادة من خبراتهم.
[email protected]