نرمين الحوطي
استوقفني كتاب كنت اقرأه يتحدث عن النساء اللاتي تركن بصمات في التاريخ العربي، واذ بي اقرأ عن حياة الملكة زنوبيا، وهنا توقفت قليلا، حيث وجدت صفات هذه الملكة اللافتة للنظر في وقتها وفي وقتنا الحاضر، حيث كانت الملكة زنوبيا عربية الاصل، ذات شخصية قوية، تتحلى بتربية عالية، تجيد اليونانية والآرامية وتتكلم بهما بمثل الطلاقة التي تتكلم بها العربية، ولم تكن تجهل اللاتينية، وكان لها اطلاع على تاريخ العرب بالإضافة الى كونها دونت لنفسها خلاصة لتاريخ الشرق، مما يدل على سعة اطلاعها، فكانت امرأة ليست كالنساء، تتمنى اي فتاة عربية ان تصل لعلمها وثقافتها، عاشت عظيمة، وتوارت عظيمة ايضا، كانت غزيرة المعارف، ومولعة بالصيد والقنص، كانت ملكة جليلة ذات رأي وحكمة وعقل وسياسة ودقة نظر وفروسية وشدة بأس، كانت تجالس اعوانها وتباحثهم، واذا جادلتهم غلبتهم بقوة برهانها وفصاحة لسانها، وكثيرا ما ضم مجلسها رجالا من امم شتى وبينهم وفود من ملوك الفرس والارمن، كانت عادلة بين رعايها، حقا كانت امرأة عظيمة سيرتها تجزم بأنها اقرب الى سير الابطال لما كانت تتمتع به من صفات جليلة.
وهنا تخيلت لو اننا في دولتنا نمتلك شخصيات مثل هذه الشخصية لكان التعليم والصحة وكل الميادين العلمية والعملية ادت دورها بإنتاج جميل بل مزدهر، ان الكويت تحتاج الى جنود محاربين لا يتحدثون فقط ولا يقتصرون على الذهاب الى الولائم والاجتماعات للظهور في الصحافة.
جميل جدا ان الانسان يعمل وعمله يخلد على صفحات تاريخ بلده، حيث ان هذا التوثيق هو مفتاح الامل لنا نحن الشباب ليصبح لنا منارة للعمل والجد والارتقاء بدولتنا، لماذا على الدوام ننتظر المقابل لعملنا، يكفي ان يكتب ويحسب لنا في تاريخ الامة العربية ما فعلناه، ان هذا لهو المكافأة الجليلة التي تشعر الانسان بما انجزه من عمل وارتقاء، جميل من الانسان ان يترك بصمة في عمله، وان يعمل دون ان يتكلم كثيرا، فنحن في هذه الفترة نحتاج الى هذه الشموع التي تضيء للغير وتحرق من وقتها وتفكيرها دون مقابل.
علينا ان نفني وقتنا في عمل من اجل اضاءة طريق العلم والتطور لغيرنا، والمثال امامنا امرأة تعشق العلم وتدفع الغير اليه، لا تفكر في ملذات الدنيا، فتعطي جميع لحظات حياتها لعملها ومشاكل منصبها، تحترم من يقرأ ومن يفكر، تشد على يد كل من يريد اعلاء اسم الكويت، لأنها تحب ان ترى اسم بلادها يذكر ويعلو في جميع ارجاء العالم، كما فعلت زنوبيا ووضعت بصماتها وبصمات بلادها في كل ارجاء العالم، هذه هي المرأة الكويتية التي احلم بها.