لم تخل مسيرة العودة الكبرى - التي يشهدها قطاع غزة الصامد منذ شهور للمطالبة بعودة المهجرين لقراهم الفلسطينية المحتلة - من زيادة لرصيد الجرحى والمصابين حتى لم يكد يخلو بيت من مصاب وجريح، وذلك لأن العدو الإسرائيلي قصد أن يفاقم من أعداد الجرحى والمصابين من خلال استهداف وقنص فئة الشباب المقاوم حتى يصبحوا عالة بدلا من كونهم مصدر قلق للاحتلال.
لقد تعمد العدو أن يستخدم أسلحة لصناعة حالات مرضية مزمنة، وعاهات مستديمة ليس من السهولة التداوي منها، فهي تأكل من أطراف الجرحى فيصابون بشلل وعجز يقعدهم ويدمر حياتهم في ظروف اقتصادية صعبة لا تخفى على أحد في أكبر سجن يشهده العالم وحصار ممتد منذ 12 عاما.
تشير الاحصاءات إلى تجاوز عدد الجرحى والمصابين خلال الشهور الخمسة الأخيرة الستة عشر ألف مصاب جلهم بإصابات خطيرة في بيئة تفتقر للعلاج والبينة التحتية الأساسية من مستشفيات وأطباء وأجهزة طبية وكهرباء، تجعل الكثير منهم ينتظر من ينتشله من ألم العجز والجراح.
وفي ظل هذا الوضع المأساوي لجرحى غزة المتفاقم، التفتت بعض الجهات الخيرية لدعم هؤلاء المصابين، فالهيئة الخيرية الإسلامية العالمية طرحت حملات اغاثية عاجلة تناسب هذه الفئة الجديدة من الجرحى من خلال حملة «ويبقى الأمل» التي استهدفت توفير تكاليف العمليات الجراحية الطارئة مثل عمليات العيون الزجاجية، وأخرى اختصت بتعويض ما فقدوه من أجسادهم بحملة «كن طرفا بإعادة أحلامهم» بتركيب أطراف صناعية للجرحى وصل عددهم الى ستين شخصا، في حين أطلقت مؤخرا حملة جديدة لإغاثة غزة لتستمر مسيرة الخير والعطاء.
لا يخفى على أحد ما تمثله غزة من خصوصية ورمز لمقاومة المحتل مما يجعل التبرع لها ليس متاحا لكل أحد، ولا يجرؤ عليه الا القليل، فهو ليس كأي تبرع، وما يمثله من أولوية إنفاق لا يستوعب آثاره وثماره إلا أقل القليل، ويبقى ميدانا من ميادين العمل الخيري الإنساني الإسلامي الأكثر إلحاحا وتأثيرا في قضية الأمة.