[email protected]
قرأت مقالات كثيرة عن عطاء المرأة الكويتية في اليوم العالمي للمرأة، وتعود بي الذاكرة إلى (جدتي وأمي وخالتي وعمتي وأختي وزوجتي وابنتي) كلهن نماذج في حياتي تذكرني بعطاء المرأة الكويتية قديما وحديثا، غير أنني في خضم التفكير في هذه المناسبة التي مرت، تذكرت واحدة من بنات وطني تستحق الكتابة عنها وعن إنجازها، إنها المهندسة سارة أكبر التي سطرت ملحمة عطاء وطنية لا تنتهي في إطفاء أكثر من 700 بئر أشعلتها قوات صدام المندحرة من الكويت في عام 1991 حيث غطى الدخان الأسود الكويت من سخم النفط المشتعل في البحيرات والآبار وعدد كبير من الألغام الأرضية التي زرعها الجيش الصدامي لعرقلة جهود الإطفاء وإنزال أكبر عدد من الخسائر في صفوف المقاومة!
سارة أكبر هي (أيقونة) ملحمة الاحتلال من بعد الشهداء، وقائدة التحدي في أكبر إنجازات الكويت عقب التحرير، فهي التي قادت إطفاء تلك الآبار المشتعلة، وقد تجلت صلابتها في إصرارها على إطفاء أكثر من 700 بئر مشتعلة في مدة قياسية أثبت فيها (عيالنا) صورة جميلة من صور التلاحم الوطني والتكاتف والصمود في محاربة الحرائق وسط حقول الألغام والدخان الأسود الخطر الذي يرم السخم الأسود الذي تسبب في انتشار السرطان في أبناء الشعب الكويتي، وكان واحدا من التحديات التي قابلت سارة أكبر مثال المرأة الكويتية الناجحة.
يحق لنا كشعب كويتي أن نطرح ابنتنا المهندسة سارة أكبر عاشقة الذهب الأسود التي ولدت عام 1958 في مدينة الأحمدي مركز النفط مثالا يحتذى لعطاء المرأة الكويتية التي قادت فريقا من المحترفين في تخصصاتهم لتخمد مئات من الآبار المشتعلة، وهي واحدة من الكويتيات اللاتي رفعن رأس بلدهن في المحافل الدولية والمؤتمرات التي حضرتها ولم يعوقها (حجابها) ولم يغط قدراتها العقلية بالتزامها الشرعي ووجودها ما بين عشرات، بل مئات من الرجال!
أرى من واجبي كإعلامي وصحافي اليوم أن أشيد بالرجل الذي تعيش معه مهندستنا وهو من مملكة البحرين، وأشكر عيالها: أحمد، دلال، بدر، وأتمنى لهذه الأسرة الحياة السعيدة لأنهم يجسدون البيت الخليجي الواحد، فالكويت والبحرين وبقية دول الخليج العربية كلها كيان واحد.
٭ ومضة: ثلاثون سنة مرت على إطفاء آخر آبارنا النفطية المشتعلة التي أشعلتها القوات العراقية الصدامية والتي تركت فينا حتى اليوم منظرا لا ينسى من (السخم الأسود) الذي أضر بصحة الشعب الكويتي وأورثه أمراضا خبيثة وذكريات مرة، وفي المقابل هناك بطلة من النساء الكويتيات اللاتي اندفعن بحماس وحب الكويت لإطفاء هذه الآبار المشتعلة والخطرة.
٭ ومضة: شكر وتقدير لابنتنا سارة حسين أكبر التي حازت جائزة الأمم المتحدة في عام 1993 تقديرا لجهودها في مكافحة الحرائق.
٭ آخر الكلام: تقول المهندسة سارة أكبر: كانت KOC بيتي.. ولم أسمع كلمة (مع السلامة) عندما تركتها!
في عام 2009 أجرت الزميلة سهام حرب من جريدة القبس مقابلة مع المهندسة سارة أكبر، ولفت نظري في المقابلة هذه الجزئية الحزينة في كادر صحافي: سؤال بلا جواب.
تقول: عملت 18 سنة في KOC وعندما انتقلت إلى شركة الاستكشافات لم يقل لي أحد (مع السلامة) ولم يكلف أحد نفسه ليبادر بإقامة حفلة وداعية كما جرت العادة في الشركة، مما أثر في نفسي وأحزنني، ولقد كانت الشركة بيتي وكنت أعمل بها يوميا حوالي 12 ساعة وبذلت كل ما أستطيع من جهد لمصلحة شركة نفط الكويت، ولذلك أسأل ما الذنب الذي اقترفته بحق الشركة حتى أعامل بهذه الطريقة؟.. سؤال لم أجد له جوابا!
ونحن بعد مرور أكثر من 11 سنة نسأل: لماذا لا تُكرَّم هذه الأيقونة النفطية؟
٭ زبدة الحچي: م.سارة أكبر (رقم نفطي) نعتز به وهذه (السمكة النفطية) عزيزة على أهل الكويت، فالكل من جيلنا المخضرم يذكرها ويذكر بطولتها وهي (مواطنة كويتية) لها (حشيمة وكرامة) نتذكر ونذكر ببطولتها الفذة وهي تخوض في بحيرات النفط المشتعلة وسط الألغام لتطفئ البئر تلو البئر بروح المغامر والتفوق المهني.
يا ابنتنا سارة يا أم أحمد: تكريمك الحقيقي عند ربنا عز وجل!
في أمان الله..