[email protected]
إليك طرق ذاتية تتعودها لمحاربة الفساد والفاسدين ولتقوّي مناعة نفسك عند المواجهة.
في سنة 1441هـ الموافق 2020م اجتاحتنا «كورونا» مخلفة ملايين من الإصابات ومثلها من المتشافين وكثير من الأموات، وظهرت كوارث خفية منها بؤر الفساد والمفسدين، وكانوا في الجائحة أثناء ظهورها في أوج ظهورهم وسطوتهم على المجتمع والإعلام والقرار.
وسبحان الله.. هناك أمور لا تلتقي أبدا خاصة الحق والباطل والصالح والطالح، فالكل يذهب ويميل مع صاحبه، وهذا الميل خلق في الإنسان لضرورة بقائه فإنه لولا ميله مثلا إلى المطعم والمأكل والمنكح ما أكل ولا شرب ولا نكح (أي تزوج) فهو- أي الإنسان- مستحث له لما يريده خاصة (المال) لكن تبقى عملية التقوى والضمير الحي والأخلاقيات.
اليوم، الكويت بعد انكشاف الملف الماليزي و«ضيافة الداخلية» والملف البنغالي وعمليات غسيل الأموال وملف سواد الوجه للفاشينستات وغيرهم من سراق المال العام يجعلني أكتب اليوم عن طرق صفع الفساد خاصة أن هذا (الهوى المستجد) اتضح كبر حجمه، ومعلوم ان هذا (الهوى الفاسد) يهوي بصاحبه لأن صاحبه منقاد بلذة جمع المال الحرام، وهذا يعني أن هواه الفاسد أضله وحثّه على نيل المزيد من الشهوات عاجلا وآجلا، فالفاسد يعميه فساده ولا يحسب أبدا لحظة سقوطه التي ستقصم ظهره وتسبب له ومن حوله (ألماً وندماً)، وتبقى النظافة لصاحبها.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: «لو علمت أن الماء البارد يَثْلِمُ من مروءتي لما شربته»!
وهكذا على الإنسان ألا يستهين بأمر الفساد، فإنه مدمّر للناس والمجتمعات والأوطان ولا منجى من هذا كله إلا بالدين والصبر وإحياء وتحريك القوة الصالحة في النفس المؤمنة التي تظهر وقت الحاجة.
الإنسان- أي إنسان- تحكمه الفطرة بين سائر البهائم والأنعام، ولهذا فإن الإنسان مسؤول عن فعله صغر أم كبر، وينضبط إما بالدين أو يكون عقله حاكمه يعمل بأخلاقيات وضمير حي مما يعينه على دفع بريق حثّ الشيطان له لنيل المحرمات، وهذا من قلّة يملكون عزّاً وهمة، ويغار على نفسه وعليها ويصبر على كل مرارة الحاجة ويتجرّع ثمن العوز لكنه صاحب همة عالية يتجاوز وسوسة الشيطان وقهر ارتكاب المعصية والفساد ويتفكر في أحواله، ويصل إلى انه لم يخلق للاستفادة من الفساد وإنما لمحاربته، ولهذا أعطى الله عزّ وجلّ الإنسان العقل ليميز بين ما ينفعه وما يضره.
هكذا عزيزي القارئ (الفضيلة والرذيلة)، وأي إنسان تضلله عيناه وينساق للرذيلة والفساد ويسعد لحظات بشهوة استحواذ المال او الأشياء العينية مثل السيارات الفارهة واليخوت والعقارات قد يفرح (وقتيا) لكنه بعدها الى انفضاح امره وتنكيس رأسه وتقبيح ذكره فيذم ويذل ويلبس عارا لا يغسله الماء ابدا.
يقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: «إذا أعجبت أحدكم امرأة فليذكر مناتنها».
ومضة: عزيزي القارئ الكريم في زمن الفساد والمفسدين وازِن الأمور، خاصة أولئك الشباب الذين هم في بداية طريقهم لتكوين انفسهم بين سلامة دينك وهذا الكم من (مغريات الفساد).
وتذكّر ان الشيطان اللعين اذا رأى العبد ضعفت عزيمته، ازدادت سطوته الشيطانية على هذا الانسان الذي يحكمه هواه. بينما آخر له القوة والعزم والإرادة وشرف النفس وطهارتها ما يجعله يقهر الشيطان.
إذن، الصلاح موجود والفساد موجود وهما في صراع أبدي حتمي وكل هذا يحكمه الدين او هوى الشيطان. يقول الله تعالى: (فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ) [القصص- 50].
آخر الكلام: ان الفاسد ليس اهلا لأن يطاع ولا يؤم الناس ولا يكون في موضع القرار ولا متبوعا يُسمع له كما فعل الاعلام واظهر لنا مجاميع من الفاسدين الذين تصدروا المشهد في مجتمعنا، قال تعالى: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف: 28].
قارئي الكريم: عليك ان تتذكر وأنت في هذه الحياة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «حُفّت الجنة بالمكاره وحُفّت النار بالشهوات».. وما أكثر الشهوات ووسائل المفسدين.
زبدة الحچي: ان مخالفة الفاسدين ومواجهتهم ومحاربتهم تورث للعبد الصالح قوة في يده وقلبه ولسانه، وكلما تمرد الإنسان ورفض سلوك درب الفساد اكتسب قوة الى قوته.
عزيزي القارئ الكريم: تذكّر أن المشكلة الحقيقية هي في الإنسان، وإلا كيف وجد كل هؤلاء الفاسدين من يعينهم ويسهّل لهم كل الأمور؟
البلاء كله في «النفس الإنسانية الفاسدة» التي لا تحلل ولا تحرّم، وهكذا نجد من نصر هواه وسار في درب الفساد ضاع دينه وعقله وصار (عبداً ذليلاً) لحب المال الحرام ويدخل ركب الفاسدين بعيدا عن الناجحين الناجين في هذا الاختبار والابتلاء.
ويبقى السؤال: من أوهن الناس عزما؟
إنه والله وتالله من غلب هواه عقله وجره الى دروب الفساد والمفسدين ومصيره الافتضاح!
إن الدين والتوحيد والإيمان مضادان لهوى النفس وإن وجدت نفسك منجذباً الى المال الحرام وزمرة الفاسدين فتحصّن بالله وافزع الى صلاتك (واكسر الصنم) حتى تهدأ نفسك انك كسرت احد الاصنام الفاسدين، ألم تسمع القول: صنم كل انسان هواه.. فتخير هواك نقيا صالحا أم فاسدا طالحا.
فالله سبحانه وتعالى المسؤول ان يعيذنا وبلدنا وشعبنا من أهواء نفوسنا الأمّارة بالسوء، ويبعد عنا جميعا زمرة الفاسدين الذين ظهروا في جائحة كورونا ويجعل هوانا تبعا لما يحبه ويرضاه، وأن ينصر سمو نائب الأمير وولي عهدنا الأمين، ورجاله لمحاربة الفساد وأهله، انه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
.. في أمان الله