إن اشتغال العبد بذكر الله تعالى من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير يُورثه الفضل العظيم ويُكسبه الأجر الجزيل ويُنيله الخير الكثير.
فطُوبى لمن لهج لسانه بالذكر يوم أطال الله عمره بالإسلام، فبلغه الله تبارك وتعالى أعلى الدرجات في الجنة دار السلام، فقد أخرج أحمد في مُسنده عن عبدالله بن شداد رضي الله عنه: «أن نفرا من بني عُذرة ثلاثة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يكفنيهم؟ فقال أبو طلحة: أنا.
فكانوا عند أبي طلحة، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا فخرج فيه أحدهم فاستشهد، ثم بعث آخر، فخرج فيهم آخر فاستشهد، ثم مات الثالث على فراشه، فقال أبو طلحة: فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة، فرأيت الميت على فراشه أمامهم، ورأيت الذي استشهد اخيرا يليه، ورأيت الذي استشهد أولهم آخرهم، فدخلني من ذلك! فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أنكرت من ذلك؟ ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الاسلام، يكثر تكبيره وتسبيحه وتهليله وتحميده».
فهـذه الكلمـات سـبب لتكفيـر ما ابتلي بـه العبد من الذنوب، وهي ستر بفضل الله سبحانه لما اقتــرف من الخطايـا والعيـوب، فقد أخرج أحمد في مسنده والترمذي في جامعه عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما على الأرض رجل يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله إلا كفرت عنه ذنوبه، ولو كانت أكثر من زبد البحر».
وإن تساقط ذنوب العبد بهذه الكلمات الحسان الخيار قد شبه بأبلغ تشبيه وأحسنه بتساقط أوراق الاشجار، فقد أخرج الترمذي في جامعه عن انس بن مالك رضي الله عنه قال: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشجرة يابسة الورق، فضربها بعصاه، فتناثر الورق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر: لتساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة».
وإن هذه الكلمات لعظيمة بركاتها على أربابها ينعطفن حول العرش العظيم تُذكر بأصحابها، فقد أخرج أحمد في مُسنده وابن ماجه في سُننه عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد ينعطفن حول العرش، لهن دوي كدوي النحل تذكر بصاحبها، أما يحب أحدكم أن يكون له من يذكّر به؟».
* الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية