- من شب على «الحداق» شاب عليه
- الغوص والحداق يشتركان بعامل واحد وهو.. الصيد
تعتبر البحار كنزا من كنوز الارض لما تحتويه من ثروات كثيرة ومتنوعة وبه ايضا الكثير من الاسرار والغموض، كما تعتبر البحار كثيرة العطاء والسخاء وايضا شديدة الغضب عند هيجان امواجها وارتفاعها، وهنا يأتي دور الانسان وبالاخص «الحداق»، فهو يعتبر كالطبيب النفسي لمعرفته بكيفية التعامل مع البحر والاوقات التي تجعله يتمتع في رحلته وسط المياه باخراج بعض ثرواتها واستغلاله لكرمها له، والصياد الذي يمارس هوايته بالطريقة الصحيحة سيجد الاماكن المناسبة للصيد، كما يستطيع التعرف الى انواع كثيرة من الاسماك من خلال المواسم المتجددة كل عام. وصفحة «بحري» تلتقي في هذا العدد حداقا عرف كيف يتعامل مع هذا اللون الازرق وعرف اسراره وكيفية التعامل معه والاستفادة من خيره الكثير، هو الحداق محمد الكندري، فالى تفاصيل اللقاء:
محمد، كيف تمكنت من ممارسة هواية الحداق ومتى كانت بداياتك البحرية؟
٭ ماذا اقول عن تلك الايام الجميلة التي اذكرها جيدا، فقد كنت بعمر 6 سنوات وكان والدي وخالي يأخذاني معهما خلال رحلات صيدهما على يال المقهى الشعبي، وحاليا مكانه سوق شرق، وقد تعلمت من الوالد امورا طيبة بالحداق، اما خالي فقد زودني بكل المعلومات البحرية من ترديع وحسبة الماياه والموادع وحتى السباحة، وعندما كبرت واصبحت هواية الحداق بدمي بدأت اذهب للحداق بمفردي الى المحادق الشمالية وتحديدا منطقة الدفان والحيشان ومداخن الصبية.
هناك اشخاص كثيرون دخلوا البحر وهم لا يعرفون شيئا عن اماكن صيد الاسماك وايها الافضل وبعد فترة من الزمن تعرفوا الى منابع صيد الاسماك، فهل انت احد هؤلاء الاشخاص؟ وما الاماكن التي تفضلها؟
٭ شوف، من الطبيعي ان الواحد لا يعرف شيئا في هذه الدنيا الا عندما يخوض تجارب كثيرة ويستفيد منها ولا يمكن لأي شخص ان يولد وهو يعرف كل شيء، فهذا شيء مستحيل، لكن ولله الحمد دخلت الى البحر وخضت فيه تجارب ومغامرات كثيرة، فكل صفعة من امواجه علمتني امورا بحرية كثيرة، فالبحر دائما فيه الجديد والجديد، ومع مرور الوقت عرفت محادق كثيرة ومن ابرز المحادق المميزة المحادق الشمالية مثل الحيشان والدوحة ولا يحلى صيد الشعم الا بالدفان بموسم الشتاء.
دائما الانسان يحب التغيير ويبحث عن كل ما هو جديد، وانت حدقت ووصلت به الى القمة، فما جديدك؟ وهل تركت الحداق؟
٭ انا اصلا لم اترك الحداق، فهو شيء اساسي في حياتي وغير ذلك فهو هوايتي منذ الصغر، والانسان اذا شب على شيء شاب عليه، لكني وجدت فيما بعد ان هناك هواية اخرى جميلة وممتعة جدا وتحتاج الى بعض المهارات، وهذه الهواية هي الغوص، والغوص يجعلك تشعر بروح المغامرة، وانت تغوص في عمق البحر واحيانا اخرى المجهول هو الذي يدفعك الى ممارسة مثل هذه الهواية، وللغوص شيئان جميلان وهما الغوص والصيد وغير ذلك، فإن للغوص فوائد كثيرة وعديدة منها تعليمك الصبر ويقوي العضلات ويزيد من لياقة الجسم، ولا ننسى ان الغوص كان مصدر رزق اساسيا ومهنة آبائنا واجدادنا الكويتيين قديما.
غاص آباؤنا وأجدادنا في بحر الكويت وجنوا منه الخير الكثير من اللؤلؤ والمرجان والأسماك فكانوا يختارون دائما أفضل الأماكن لغوصهم وصيدهم فهل سار محمد على خطاهم ووجد لنفسه أماكن مميزة للغوص؟
٭ احنا أصلا ما راح نوصل الى ما وصل اليه آباؤنا وأجدادنا هؤلاء رموز بحرية كتبوا أسماءهم بخيوط من ذهب بصفحات التاريخ البحري ولقد عانوا الكثير والكثير حتى وصلوا الى منبع المغاصات البحرية المعروفة بعطائها سواء من اللؤلؤ أو الأسماك، صدقني جلست سنوات طويلة وأنا أبحث عن أفضل أماكن الغوص والصيد بالمسدس البحري ولم أجد خلال كل هذه السنوات أفضل من المحادق الجنوبية يا سلام يا سلام على الزور وشنو اللي فيها ولا الخيران والرؤية الواضحة شيء خيالي، أما بنيدر فحدث ولا حرج يا أخي الغواص ما يدور إلا على أهم شيئين السمكة الطيبة والرؤية الواضحة وما اعتقد ان أحدا راح يلقى أأمن وأحسن من هذه الأماكن التي ذكرتها.
البحر شديد الغضب إذا ارتفعت أمواجه وهو ايضا شديد الخطورة، وقالوا عن هيجان البحر انه نوع من أنواع غضب الطبيعة.. حدثنا عن المخاطر التي واجهتك خلال رحلاتك بالغوص.
٭ شوف كل شيء في هذه الدنيا توجد به أمور سلبية واخرى إيجابية وهذا ينطبق على البحر ايضا، فهو كما ينعم علينا بالثروة والخير الوفير والمتعة، من جانب آخر يثير فينا الخوف والحذر منه واجب، ويجب ان يكون الواحد مهيئا دائما وجاهزا للتعامل مع هذا الشرس اللطيف وانا ولله الحمد لم أصادف أي شيء خطر لكن يجب دائما الحذر من الأسماك السامة وان يكون الواحد هادئا عند ظهور أشياء تحدث بالصدفة تحت الماء حتى يستطيع أن يتجاوزها بسلام.
الحداق والغوص مثيران ما الفرق بين الهواتين؟
٭ أحب أن أقول ان الغوص والحداقة يشتركان بعامل واحد وهو الصيد ويختلفان في امور كثيرة فبالحداق تكون المتعة بضربة السمكة على الخيط ولكنها تأخذ وقتا أطول فأحيانا الواحد يجلس بالساعات حتى يحظى بسمكة، أما الغوص فشيء مختلف تماما فهو يشعرك دائما بالمغامرة والخوف والمتعة وانا أحب مواقف الأكشن تحت الماي اكثر من أن اكون فوق الماي أو ماسك خيطا.
بحر الكويت فيه من الخير الشيء الكثير ولكنه يحتاج الى شخص ذي خبرة حتى يتعرف على أفضل أماكن تواجد الأسماك المفضلة لديه، فهل توصلت الى تلك الأماكن؟
٭ نعم لقد صدقت بحرنا فيه أنواع كثيرة من الأسماك فقد أنعم الله علينا ببحر عجيب بكل ما تعنيه الكلمة ولكن هناك من يدمر هذا الخير ويقضي على خيراته ولا يهمه سوى ملء جيبه بالمال من خلال رمي القراقير والمشابك وشباك الصيد والعديد وانا ومن خلال خبرتي المتواضعة توصلت الى أماكن سمكتي المفضلة عندك السبيطي يكون دائما متواجدا على الأسياف وبالدوحة والحيشان والشعم حاليا وبهذا الوقت تحديدا تجده بالدفان وغير ذلك فهو يتواجد بالحيشان والدوحة ومداخن الصبية.
يقولون «الصاحب ساحب» هل وجد محمد أصدقاء له يشاركونه رحلاته البحرية؟
٭ بلا شك ما في إنسان إلا وله أصدقاء يحب ان يرافقوه ويشاركوه ليس في رحلاته البحرية بل في كل شيء وهناك أصدقاء مقربون يكونون معك بالسراء والضراء والفرح والحزن ويشجعونك وتجدهم على يمناك فالصديق الحقيقي لا يظهر إلا عند الأزمات والظروف الصعبة، ومن وجهة نظري اصبح الصديق بهذه الأيام شيئا نادرا، فلهذا دائما أحب أن يشاركني أصدقائي المقربون خلال رحلاتي سواء كانت تلك الرحلات للغوص أو للحداق فمعهم تحلو المشاركة ويكون هناك شيء من التحدي والإثارة ومن هؤلاء الأصدقاء فيصل الخليفة وحمود العازمي وغازي الديحاني وعبدالعزيز الشمري.
صفحة «بحري» تتمنى لك التوفيق في حياتك البحرية فهل لديك ما تقوله في نهاية لقائنا؟
٭ أحب أن أشكر جريدة «الأنباء» على تخصيصها صفحة أسبوعية بحرية تعنى بكل الهوايات البحرية، كما أوجه كلمة الى كل اخواني الحداقة والغواصين بأن يحافظوا على بحرنا وثروتنا فإذا نحن لم نحافظ عليها فمن يا ترى سيهتم بها؟!