بلا شك يعتبر برنامج شاعر المليون أنجح برنامج شعري على الاطلاق منذ سنوات طويلة، وهو ليس كما يصوره البعض مجرد برنامج مسابقات ناجح بل هو برنامج شعري حقيقي متكامل، بكل فقراته التي تجمع بين الفقرات التعليمية الحقيقة وبين تعريف الجمهور بشعراء جدد أو معروفين وتسليط الضوء على فنون شعبية عبر الفقرات المصاحبة لحلقات البث المباشر التي تضم أيضا لقاءات مع شعراء كبار كما حصل في النسخة الماضية عندما استضيف الشاعر الكبير خلف بن هذال العتيبي وغيره من نجوم الشعر من جميع أقطار الخليج العربي.
ولكن النسخة الثانية تحولت إلى «صدمة ورعب» للشعراء المشاركين حتى للنجوم الذين رأينا كثيرا منهم كانوا أشبه بشعراء جدد أمام اللجنة التي قيمت قصائدهم التي قدموا للمشاركة بها.
ولاحظنا تردد البعض منهم رغم تجربته التي تفوق العشرين عاما أثناء التعقيب على ملاحظات بعض حكام اللجنة.
قائمة الـ 100 واللاعب كاكا
غير أن «الصدمة والرعب» كانت في إعلان أسماء المائة شاعر والتي ومنذ إعلانها تسببت في ربكة كبيرة بين أواسط الشعراء وخاصة مع خروج أسماء لها ثقلها، وإن كان خروجهم لا يعني أنهم فاشلون أو شعراء درجة ثانية ولكنهم فقط لأنهم لا يتواءمون مع فكرة البرنامج بتوليفة الشعراء الذين يبحث عنهم البرنامج وهذا ما نعتقده، وحقيقة لنشبه المسالة بطريقة الأندية الأوربية فمثلا قد لا يرغب نادي يوڤينتوس في ضم أشهر لاعبي العالم وأفضلهم النجم كاكا، ليس لأن كاكا سيئ ولا لأن فريق يوڤينتوس أعلى منه مستوى، ولكن لأن كاكا قد لا يتناسب وجوده مع حاجة الفريق.
وكثيرا ما يحدث في الأندية الأوربية أن يتم التفاوض مع نجم كرة قدم ويأتي للتدريب أسبوعين ولكن لا يتم اختياره لأن مدرب الفريق لم يجدوا لديه انسجاما مع بقية أعضاء الفريق، وهذا ما حصل مع شعراء شاركوا في تصفيات جولات أعضاء لجنة شاعر المليون، فهم عندما لم يتم اختيارهم أبدا ليس لأنهم سيئون ولكن لأن أعضاء لجنة التحكيم وجدوا فيهم عدم انسجام مع توليفة من الشعراء المتناسقين يريدون أن يروهم أمامهم في التصفيات النهائية، فمن خرج من تشكيلة الـ 48 ليس بالضرورة سيئا، فمثلا خروج مدغم أبو شيبة لم يكن لأنه سيئ أو أنه ليس بشاعر على مستوى المنافسة بل لأسباب أخرى أبرزها كما أسلفنا أنه قد لا يتناسب مع تشكيلة المنتخبين الـ 48 وكذلك خروج عدد من الشعراء والشاعرات بينهن مثلا الشاعر سارة البريكي التي قدمت قصيدة جميلة وكان حضورها جميلا كما أن لها حضورا في الأمسيات والقنوات الفضائية الشعرية ولكن هي الأخرى لم يكن خروجها لأنها سيئة.
النسخة الثالثة من «شاعر المليون»
ورغم تبريرنا الذي نعتقد بمنطقيته إلا أن كثيرا من الشعراء النجوم سيفكرون ألف ألف مرة قبل المشاركة في برنامج شاعر المليون في نسخته الثالثة وخاصة أن تصفيات النسخة الثانية ستنطلق بالشعراء الـ 48 الأسبوع القادم، وذلك لأنهم يرون بسياسة التحكيم نوعا من أنواع سياسة الصدمة والرعب، رغم أن أعضاء اللجنة وطوال الحلقات المسجلة لاستقبال الشعراء في الكويت وابو ظبي والرياض والدمام والدوحة كانوا منصفين في تقييم وشرح قصائد الشعراء والتعليق عليها.
الشعراء الأكثر حظوظا
بقي أن نعرف أن هناك شعراء يراهن عليهم في حالة تأهلهم لمرحلة الـ 48 وأبرزهم الشاعر الخطير ناصر الفراعنة الذي يمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة قبل المجلات وقبل النشر أو الحضور لبرنامج شاعر المليون، وهناك أيضا الشاعر فالح بن قشعم الهاجري الذي ينتظر أن يقدم شيئا مميزا وهناك من الكويت أيضا الشاعر ناصر بن دهيم الدوسري وبالطبع الشاعر المميز جدا وصاحب الجماهيرية العريضة الشاعر خلف مشعان العنزي الذي يعرف باسم خلف المشعان، والشاعر المتميز والخطير أيضا الشاعر عقاب الربع، وبالطبع صاحب الحضور والتجربة الشاعر خالد محمد العتيبي الذي يشتهر بشعره القوى والمباشر، ولشعراء القلطة هذا العام من يمثلهم أيضا فبعد أن مثلهم خير تمثيل الشاعر الرائع تركي الميزاني يمثلهم هذا العام الشاعر ثنيان سرور الذي ينتظر أن يدخل موال القلطة إلى شاطئ الراحة هذا العام، ورغم اننا نتحدث عن الشعراء النجوم إلا أن هناك شعراء مجيدين ورائعين رغم عدم وجود تسليط كافي للضوء عليهم وبينهم بدر الخالدي الذي ينتظر أن يكون مفاجأة شاعر المليون في نسخته الثانية، ويعتقد أيضا أن مجرد دخول شاعرة كالشاعرة البحرينية منيرة سبت سيغير كثيرا من الموازين خاصة في ظل تواضع المشاركة النسائية في النسخة الأولى من البرنامج وهناك أيضا مواطنتها الشاعر ظما الوجدان التي أبدعت في قصيدة المقناص، ولشلات الشاعر القطري المميز والمعروف خليل الشبرمي التميمي دور كبير في منح حلقات التسجيل ابهارا اكثر خاصة وأن شلاته تحولت في جميع منتديات الانترنت الى الشلات الأكثر طلبا لجمال شعره وقوة شعره.
شعراء باهرون
رغم اشتمال حلقات الجولات المسجلة على عدد كبير من الشعراء إلا أن شعراء غير معروفين تمكنوا من انتزاع إعجاب الجميع ومنهم الشاعر العماني مطر البريكي والشاعر سعد السبيعي صاحب الحضور الأكثر خفة ظلا وأسلوبا وشاعرية، أما الأكثر تفاعلا من أعضاء اللجنة فكان الشاعر الشاب عايض القحطاني من قطر والذي صدم الجميع بمشاركته بقصيدتين على وزن الهلالي الوزن الذي يهرب منه كثير من الشعراء، وهناك الشاعر الإماراتي عبدالله الشامسي الذي أبهر لجنة التحكيم بقصائد قوية رغم أنه لم يسبق له النشر في أي مطبوعة، وأخيرا وليس بآخر الشاعر الأكثر إبهارا الشاعر السعودي بدر السبيعي الذي شارك بقصيدة تثبت شاعريته رغم صغر سنة.
شعراء لم يجازوا واشتهروا
حقيقة لا بد أن نذكر أن هناك مشاركين (ولا نقول شعراء) تمكنوا من المشاركة ولكن رغم أنهم لم يجازوا إلا أنهم حققوا شهرة تكاد تفوق شهرة كثير من الشعراء وأبرزهم على الإطلاق الشاعر الذي بدأ يعرف باسم «توم كروز» لأنه وبعد خروجه بعدم الإجازة قال قصيدة جاء فيها:
شاعر وجذاب ومملوح ومزيون
توم كروز لولا بعض السمار
والي مشكك في كلامي أكيد مجنون
يبشر بعزه ما له الا مستشفى شهار
وكذلك الشاعر الكويتي علي اليامي الذي حصلت مشادة بينه وبين عضو لجنة التحكيم بدر صفوق ما أدى إلى استبعاده إلا أن حكايته تحولت إلى قصة تروى وقسمت الناس إلى فريقين فريق يرى أن اليامي أخطأ بينما يرى الفريق الآخر أن صالح اليامي شاعر جيد ولكنه ظلم، ولكن رغم هذا كله حصل صالح اليامي على شهرة كبيرة حتى ان مقولته «أنت تفكيرك مشتت» تحولت إلى مثل متداول خاصة بين محبي الشعر وحتى العامة، بينما تحولت جملة بدر صفوق الحكم الأكثر إثارة إلى جملة هي الأخرى متداولة كمثل بين محبي الشعر ومتابعي شاعر المليون.
سيف محمد الرشيدي
صفحة الواحة في ملف ( pdf )