جاء بعث الجمهوريين مجددا أسرع بكثير مما توقع أغلب النقاد السياسيين في الولايات المتحدة، ولكن مشرعي الحزب المحافظ يعرفون أن الطبيعة المتقلبة للناخبين تعني أن التفويض الجديد الممنوح لهم قد يكون قصيرا للغاية.
فقد استعاد الحزب الجمهوري السيطرة على مجلس النواب الأميركي الاربعاء الماضي، وذلك بعد عامين فقط من ترك الرئيس جورج دبليو بوش غير المحبوب السلطة وبعد أربع سنوات فقط من استعادة الديموقراطيين الميالين لليسار السيطرة على نفس المجلس. ويأتي هذا الدور المتجدد في الحكم بعدما تلقى الرئيس باراك أوباما وحزبه الديموقراطي هزيمة مريرة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي أجريت في نوفمبر الماضي.
وتحولت رسالة «التغيير»، التي أتت بأوباما الى السلطة عام 2008، ضده وسط خيبة أمل الرأي العام بسبب الاقتصاد المتعثر وارتفاع معدل البطالة.
ومع ذلك، فإن الجمهوريين حصلوا على ركن واحد من ثلاثة أركان أساسية في الحكومة الأميركية حيث سيظل أوباما في البيت الابيض لمدة عامين على الاقل، بينما لايزال مجلس الشيوخ في ايدي الديموقراطيين على الرغم من عودتهم الاربعاء الماضي الى الاغلبية الضئيلة.
وبينما بلغت معدلات الرضا عن أداء الكونغرس 20%، فمن الواضح أن غضب الناخبين الأميركيين موجه الى المشرعين من الحزبين، وفي المقابل يقل معدل الرضا عن أداء أوباما عن 50%.
ويبدو أن رئيس مجلس النواب الجديد جون بوينر، الذي سيكون رئيس المجموعة البرلمانية للحزب الجمهوري حتى انتخابات الرئاسة 2012، أدرك هشاشة منصبه الجديد في الخطاب الذي ألقاه الاربعاء الماضي بعد انتخابه رئيسا للمجلس.
وقال بوينر «أحرجنا الشعب الأميركي، لقد أنعشوا ذاكرتنا وأعادوا إلى أذهاننا بالتأكيد كيف أن الامتياز الخاص بالخدمة هو أمر مؤقت، لقد ذكرونا بأن كل شيء هنا هو على سبيل الاستعارة منهم، بما في ذلك هذه مطرقة منصة المجلس».
وللمشاركة في حكومة مقسمة بالولايات المتحدة الكثير من المساوئ، ويدرك ذلك جيدا الجمهوريون الذي فازوا بالسلطة عام 1994 بعد عامين من رئاسة بيل كلينتون التي كانت غير محبوبة في ذلك الوقت.
وتحت قيادة نيوت جنجريتش، تسبب الجمهوريون في تجميد مهام وأعمال الحكومة الفيدرالية عام 1995 في محاولة لاجبار الرئيس للموافقة على ادخال تخفيضات على الميزانية. ويعتقد أن ذلك الاسلوب العدائي بشكل مبالغ فيه قد تسبب في ابعاد الناخبين عن الحزب الجمهوري وساعد كلينتون على اعادة انتخابه عام 1996.
وسيبذل الجمهوريون قصارى جهدهم للاستفادة من دروس سيطرتهم السابقة على الكونغرس في ظل ادارة بوش.
فقد القى الكثير من المحافظين باللائمة على بوش والمشرعين الجمهوريين، في التخلي عن المبادئ المالية المحافظة والمساهمة في الارتفاع الكبير للعجز في الميزانية الذي يواجه البلاد حاليا.