عقدت الحكومة المصرية الجديدة بكامل أعضائها أمس أول اجتماعاتها بالتزامن مع استمرار الاحتجاجات في ميدان التحرير وعدد من المدن المصرية.
ورغبة من القيادة في إعادة الحياة الى طبيعتها، قرر الرئيس المصري حسني مبارك بصفته الحاكم العسكري أمس خفض ساعات حظر التجوال الى 10 ساعات بدلا من 11 ساعة.
وبحسب التلفزيون المصري يبدأ حظر التجوال في تمام الساعة الثامنة مساء حتى السادسة من صباح اليوم التالي.
في غضون ذلك، عقد الرئيس محمد حسني مبارك، اجتماعا مع ممثلي السلطتين التشريعية والقضائية في البلاد.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية ان الاجتماع الذي عقده مع رئيس مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) فتحي سرور ورئيس محكمة النقض سري صيام عقد بمقر رئاسة الجمهورية بحي مصر الجديدة.
دقيقة صمت وزارية
من جهة أخرى، عقد مجلس الوزراء أول اجتماع له أمس برئاسة د.أحمد شفيق، وذلك بمقر مجلس الوزراء واستعرض آخر التطورات على الساحة الداخلية والجهود التي تبذلها الحكومة لتحقيق الامن والاستقرار وإعادة الحياة الى طبيعتها في البلاد.
كما استعرض المجلس تنفيذ تكليفات الرئيس حسنى مبارك التي وردت في خطاب تشكيل الحكومة بضرورة اعطاء الاولوية القصوى للتشغيل ومكافحة البطالة واعادة الثقة في الاقتصاد المصري، وفي بداية الاجتماع وقف الحاضرون دقيقة حدادا على أرواح الشهداء الذين سقطوا خلال المظاهرات.
وقالت الحكومة بعد الاجتماع انه تم الاتفاق على وضع خارطة طريق للحوار، مشيرة إلى أن مبارك سيبقى في منصبه للإشراف على التغيير.
وأكدت أنها ستمضي قدما نحو الإفراج عن الناشطين المعتقلين وضمان حرية الصحافة والغاء قانون الطوارئ، وتم تشكيل لجنة لدراسة التعديلات الدستورية.
لكن المعارضة عادت وأكدت ان الحكومة لم تستجب لمطالبها بالتغيير الكامل للنظام السياسي، وقال عبد المنعم أبوالفتوح العضو البارز في جماعة الاخوان المسلمين ان بيان الحكومة قدم نوايا حسنة لكنه لم يتضمن اي تغييرات حقيقية.
بينما قال جمال سلطان رئيس تحرير صحيفة المصريون ان المحتجين لن يرحلوا حتى يستجاب لمطالبهم.
واضاف ان المشكلة ان تردد الحكم في اتخاذ خطوات جادة سيؤدي إلى تعقيدات وإلى زيادة المظاهرات الشعبية وربما إلى إجبار الجيش على التدخل.
لكن الوزير السابق رشيد محمد رشيد قال «اعتقد ان وجود مبارك في المرحلة الانتقالية القادمة خلال الأشهر القادمة مهم جدا».
افتتاح البورصة الأحد
على الصعيد الاقتصادي، أعلن رئيس البورصة المصرية د.خالد سري صيام أمس أن استئناف عمل البورصة المصرية سيكون اعتبارا من يوم الاحد المقبل.
وأكد صيام في تصريحات للصحافيين أن قرار العودة جاء بعد مشاورات مع هيئة الرقابة المالية وشركة مصر للمقاصة والشركات العاملة في السوق وجمعيات المستثمرين والاوراق المالية.
وقال انه تم الاتفاق على اتخاذ حزمة من الاجراءات الاستثنائية والضوابط عند استئناف التداول سيعلن عنها في وقت لاحق.
لا لصندوق النقد الدولي
من جانبه، أكد وزير المالية د. سمير رضوان أمس أن «مصر لن تلجأ لصندوق النقد الدولي لمواجهة الخسائر المالية التي نجمت عن الأحداث التي شهدتها مؤخرا».
وكشف رضوان أمام اجتماع لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب ان «محافظ البنك المركزي فاروق العقدة أرسل برسالة رسمية الى صندوق النقد الدولي بعدم الحاجة الى المساعدة النقدية أو المالية لأن الاجراءات المحلية التي ستتخذها الحكومة كافية لحل الأزمة الحالية».
ووافقت اللجنة في اجتماعها على ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بتعديل بعض أبواب الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2010 - 2011 والاعفاء من أداء الضريبة الاضافية المستحقة على عدم أداء الضريبة العامة على المبيعات واعفاء المنشآت والمؤمن عليهم من المبالغ الاضافية.
زيادة في حجم الإيداعات
بدوره أكد محمد بركات رئيس مجلس ادارة بنك مصر ورئيس اتحاد البنوك المصرية أن أمس شهد زيادة كبيرة في حجم الايداعات فاق حجم السحوبات في غالبية فروع بنك مصر والقاهرة، وكذلك انخفض بصورة كبيرة حجم السحوبات على الدولار الاميركي بأكثر مما كان متوقعا.
وأضاف بركات انه تم امس تشغيل 17 فرعا أخرى من فروع بنك مصر ليصبح هناك 50 فرعا تعمل بكامل نشاطها بالاضافة إلى 35 فرعا لبنك القاهرة تزاول العمل بصورة كاملة، مؤكدا انه سيتم اليوم تشغيل فروع أخرى سواء لبنك مصر أو القاهرة.
وأشار إلى أن هناك اكثر من 500 ماكينة صرف آلي تتم تغذيتها بصورة يومية لتلبية احتياجات المواطنين.
هجوم أمني
أمنيا، أفاد مصدر أمني بأن مسلحين ملثمين شنوا هجوما صباح أمس على مبنى قطاع الأمن المركزي التابع للشرطة المصرية بمدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة.
وأوضح المصدر أن المسلحين استخدموا قذائف «ار بي جي» في هجومهم ما أدى إلى إصابة ضابط شرطة ومجند، مشيرا إلى أنه تمت السيطرة على الموقف وفر المسلحون.
وأضاف أن تحقيقا بدأ في هذا الهجوم وتم نقل المصابين إلى مستشفى رفح المركزي لتلقي العلاج، من جهته واصل الجيش أمس العمل على اعادة الحياة الى طبيعتها في القاهرة.
إلا أن المتظاهرين في ميدان التحرير اندفعوا خارج خيامهم لمنع ما اعتبروه محاولة الجنود تضييق منطقة الاحتجاج، ونام عشرات المحتجين داخل سيور عربات الجيش والدبابات.
وقال محمد شلبي (27 عاما) وهو من المحتجين «الجيش بدأ يتململ وكذلك المحتجون، يريد الجيش تضييق مساحة الاعتصام في وسط الميدان لإعادة الحركة المرورية لطبيعتها مرة أخرى».
غير ان الكثير من المصريين ومنهم من شارك في المظاهرات التي عمت البلاد في الأسبوع الماضي احتجاجا على حكم مبارك يرغبون بشدة في عودة الحياة إلى طبيعتها ويشعرون بالقلق إزاء أثر الأزمة على الاستقرار والاقتصاد.
يأتي ذلك فيما واصل آلاف المتظاهرين المصريين اعتصامهم في ميدان التحرير الذي يدخل يومه الخامس عشر اليوم وسط تجدد الدعوات للخروج بمظاهرات مليونية اليوم أيضا في اطار اسبوع الصمود.
وبدا المتظاهرون في ميدان التحرير مستقرين في أماكنهم ومارسوا حياة شبه طبيعية، وشوهد بعضهم وهم يخرجون من خيامهم التي نصبوها في الميدان ويؤدون التمارين الصباحية.
كما تطوع متظاهرون بتوزيع وجبة الإفطار على بعضهم البعض فيما جلس آخرون يستمتعون بأشعة الشمس.
وأنشد متظاهرون عبر الإذاعة الداخلية في الميدان أشعارا وطنية كما دعا متحدث عبر الإذاعة الداخلية المتظاهرين الى الثبات والاستمرار في اعتصامهم.
وشهدت ساعات الصباح تراجعا في أعداد المتظاهرين المرابطين في الميدان وهو ما أرجعه البعض الى ان أعدادا قليلة من المتظاهرين تبيت في الميدان وينضم إليهم آخرون خلال ساعات النهار ومنهم أيضا من يذهب صباحا الى عمله ثم يعود للانضمام الى المظاهرات.
منع العمل في مجمع التحرير
المعتصمون في ميدان التحرير منعوا الموظفين من الوصول إلى أهم مجمع للدوائر الحكومية في القاهرة يقع في الميدان نفسه وشكلوا حواجز بشرية منعت أيا كان من دخوله. وافاد مراسل «فرانس برس» بأن المتظاهرين خرجوا من ميدان التحرير واقاموا حاجزين بشريين على طرفي المدخل الخلفي للمجمع الحكومي مانعين الموظفين من الدخول اليه.
وحاول ضابط كبير ثني المعتصمين عن خطوتهم، الا انه لم ينجح في ذلك، واصر المعتصمون على الوقوف بين مدخل المجمع الخلفي وبين عناصر الجيش لمنع اي كان من الدخول. ووقف عشرات الموظفين وراء اسلاك شائكة للجيش بانتظار تطور الوضع ومعرفة ما اذا كانوا سيتمكنون من دخول المجمع.
والمعروف ان المدخل الرئيسي لهذا المجمع للدوائر الحكومية الذي يطلق عليه المصريون اسم «المجمع» يطل مباشرة على ميدان التحرير وهو بالتالي مغلق حكما بسبب تواجد المعتصمين في الميدان منذ نحو أسبوعين.