انضم رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان أمس الأول إلى المسؤولين السابقين الذين شغلوا هذا المنصب الرفيع الذي يبقى فيه لأكثر من عام.
غير أن كان، الذي نجا من اقتراع برلماني بحجب الثقة عن حكومته في وقت سابق الشهر الجاري، أعلن في وقت سابق أنه سيغادر المنصب وسط ضغوط متزايدة تهدف لتنحيه عنه.
ومن المتوقع أن يتولى قيادة البلاد رئيس وزراء جديد في غضون شهر، ليكون الثالث بين أعضاء الحزب الديموقراطي الياباني الذي تولى مقاليد الأمور في سبتمبر 2009.
وكان الفوز الساحق الذي حققه الحزب في انتخابات عام 2009، بعد نحو نصف قرن من حكم الحزب الليبرالي الديموقراطي، دليلا على تطلعات الناخبين وآمالهم الكبيرة المعلقة على الحزب.
ولكن يوكيو هاتوياما، سلف كان، لم يتمكن من البقاء في السلطة لأكثر من ثمانية أشهر، كما لم يتمكن أي من زعماء الحزب الليبرالي الثلاثة ـ شينزو أبي وياسو فوكودا وتارو أسو ـ من الاحتفاظ بالمنصب لعام كامل.
وتولى كان رئاسة الوزراء عقب استقالة هاتوياما المفاجئة وسط تراجع مؤشرات تأييده بسبب موقفه المتضارب إزاء قاعدة عسكرية أميركية تقع في جزيرة أوكيناوا جنوبي اليابان.
وأحد الأسباب الرئيسية وراء تغير الوجوه على منصب رئيس الوزراء بهذه السرعة، هو الهياكل المحدودة الأفق للأحزاب السياسية اليابانية والتي لم تشهد تغيرا ملموسا منذ الحرب العالمية الثانية، ومن ثم فإن الأحزاب لا تفرز قيادات قوية مستقرة.
وقال المحللون إن انتقال السلطة من الحزب الليبرالي للحزب الديموقراطي الياباني لم يحدث تغيرا في هذه الأنماط.
وفي هذا الصدد، يقول تومواكي إيواي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة نيهون: «إن الأساس الذي تقوم عليه الأحزاب ضعيف، كما أنها ليست منظمة بشكل جيد وغير مؤسسة على معتقدات سياسية راسخة». وأشار إيواي إلى أن برامج الأحزاب تحظى بأهمية خلال الحملات الانتخابية إلا أنها تصدر دون إجماع حزبي، ومن ثم لا يشعر نواب البرلمان بوخز الضمير عندما ينكثون عن الوعود التي أوردتها البرامج الحزبية، ما يزيد خيبة أمل الناخبين.
وأضاف «إنهم يعتقدون أن كل ما عليهم فعله هو الفوز في الانتخابات، أو تملك زمام السلطة». وأوضح أن الأحزاب تعتمد على شعبية المرشحين لدى اختيار قادة جدد، ولا تعول كثيرا على مؤهلات أولئك المرشحين. «يتم اختيار زعيم الحزب كواجهة للحزب.. لذا عندما يفقد شعبيته.. يبدأ أعضاء الحزب في التفكير في بديل».
وكان آخر خمس رؤساء وزراء في اليابان يحظون بنسب تأييد مرتفعة تتراوح بين 60% و70% في بداية فترة حكم كل منهم، غير أن معدلات تأييد حكوماتهم تراجعت بنحو 20% عندما غادروا المنصب.
كان جونيشيرو كويزومي آخر رئيس وزراء تمكن من البقاء في منصبه لفترة طويلة (2001 ـ 2006) حيث نجح في الإبقاء على نسب تأييده مرتفعة، ليظل رئيسا للوزراء طوال خمسة أعوام وخمسة أشهر. وقد هوت شعبية كان بعد أن اقترح زيادة الضرائب، وهو مشروع له حساسية سياسية في اليابان، وجاء قبيل انتخابات مجلس المستشارين في يوليو الماضي.
كما واجه كان انتقادات بسبب استجابة حكومته المتأخرة وغير الملائمة لكارثة الزلزال المدمر الذي ضرب شمال شرق اليابان يوم 11 مارس الماضي والذي تلته موجات مد عاتية (تسونامي)، وكارثة في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية.
فبعد مرور حوالي ثلاثة أشهر على الكارثة، لايزال نحو مائة ألف شخص يعيشون في مخيمات إيواء، علاوة على البيانات المتواصلة عن التسربات الإشعاعية والإدارة المتخبطة للأزمة في محطة فوكوشيما، وقد تسبب ذلك كله في تعرض كان لاتهامات بعدم الكفاءة.
قضى كان، ذلك الناشط الذي تحول لنائب في البرلمان، معظم حياته السياسية مشغولا بالقضايا الداخلية، ولكنه يفتقر إلى الحنكة الديبلوماسية والخلفية الاقتصادية.
يقول النقاد إنه رغم هذا القصور، تمكن كان من البقاء لأن وسائل الإعلام ساندته بشكل غير مباشر بمهاجمة خصومه الرئيسيين في أوساط حزبه، بما في ذلك زعيم الحزب السابق إيشيرو أوزاوا.