تسلمت القوات العراقية امس مهام الأمن في المدن العراقية بعد انسحاب القوات الاميركية منها بموجب الاتفاق الامني المبرم بين بغداد وواشنطن نهاية عام 2008 الماضي في يوم وصفه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بـ «العيد الوطني» داعيا الى تجاوز الخلافات الداخلية فيما شكر الرئيس العراقي جلال الطالباني قوات التحالف مؤكدا أن الأمن لن يستتب بالكامل الا في ظل مصالحة وطنية.
وصرح برايان ويتمان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (الپنتاغون) بأن الولايات المتحدة اغلقت او أعادت للسيطرة العراقية 120 قاعدة ومنشأة في العراق ومن المقرر اغلاق او تسليم 30 قاعدة او منشأة اخرى بحلول نهاية يوم امس.
يوم السيادة الوطنية
من جانبها اعتبرت الحكومة العراقية يوم الانسحاب بانه «يوم السيادة الوطنية» وأمرت بتنظيم احتفالات عسكرية ومدنية واسعة احتفاء بهذه المناسبة.
ووجه المالكي والطالباني كلمتين متلفزتين الى الشعب العراقي أكد فيهما قدرة القوات العراقية على مواجهة التحديات الامنية والخروج منها «مرفوعة الرأس».
وقال المالكي ان «هذا اليوم عيد وطني وانجاز مشترك لكل العراقيين وثمرة لتضحيات وجهود كل الشعب العراقي» مشيدا بالجهود التي بذلت لاعادة بناء القوات المسلحة كي «لا تعود أداة قمع بيد الحاكم كما كان سابقا» في إشارة الى رئيس النظام العراقي السابق المقبور صدام حسين.
ودعا العراقيين وقواهم السياسية الى الوقوف صفا واحدا خلف القوات الامنية العراقية «وأن لا ننظر الى مسألة الانسحاب من زاوية الحزبية الضيقة».
كما حث على تجاوز الخلافات من منطلق الوحدة الوطنية والتحلي بالحكمة في مواجهة التحديات التي تواجه العملية السياسية.
الاستحقاق الأكبر بالانسحاب النهائي
وقال المالكي «نحن نتطلع الى الاستحقاق الاكبر نهاية 2011 المتمثل في الانسحاب النهائي للقوات الاجنبية من العراق» مؤكدا ان اتفاق سحب القوات يسير وفق الجداول الزمنية المتفق عليها بين الحكومتين العراقية والاميركية.
وشدد على ان الحكومتين تعملان بدقة على تنفيذ بنود الاتفاق الأمني المبرم بينهما.
وأكد قدرات القوات العراقية على ملء الفراغ الأمني الحاصل نتيجة انسحاب القوات الاميركية من المدن منتقدا كل من يشكك في هذه القدرات.
وأضاف «يرتكب من يعتقد ان العراقيين عاجزون عن حماية الامن في بلادهم خطأ فادحا كما يخطئ من يظن ان انسحاب القوات الاجنبية سيترك فراغا أمنيا يصعب على القوات العراقية ملؤه» مشيرا الى ان «مروجي هذه الشائعات يوجهون إساءة للعراقيين الذين أثبتوا قدرتهم على صنع الحياة وبناء دولة القانون».
كما انتقد الجهات المسلحة التي رفعت السلاح في وجه الاميركيين تحت شعار «إخراج المحتل من العراق» وقال «لقد اتخذوا من شعار المقاومة وسيلة للارتزاق وكسب الاموال والسياحة في عواصم العالم.. هؤلاء هم أكثر الخاسرين من انسحاب القوات الاجنبية خلافا لادعاءاتهم الكاذبة».
واعتبر أن يوم انسحاب القوات الاميركية من المدن هو «يوم فرحة للعراقيين ويوم عزاء لاعداء العملية السياسية والوطن والانسانية ودولة القانون» حاثا الدول العربية والاسلامية والمجتمع الدولي على اتخاذ موقف حازم من أصحاب الدعاوى التكفيرية والقتل والارهاب.
بدوره عبر الرئيس جلال الطالباني عن شكره «للاصدقاء من قوات التحالف» مضيفا أن «الواجب يقتضي، ونحن نحتفل في هذا اليوم، ان نعرب عن شكرنا وامتناننا لاصدقائنا من قوات التحالف الذين تحملوا الاعباء والاخطار وتكبدوا معنا خسائر بشرية ومادية اثناء تخليص العراق من ابشع نظام استبدادي ثم اثناء العمل المشترك في سبيل استتباب الامن ولإشاعة جو الاستقرار والطمأنينة».
وأثنى على الجهود التي تبذلها القوات المسلحة العراقية غير أنه لفت الى أن الامن لن يستتب بالكامل الا في ظل مناخات سياسية مؤاتية وتحت خيمة المصالحة الوطنية وتحقيق وحدة وطنية حقيقية وتعزيز حكومة الوحدة الوطنية «تضم جميع القوى المؤمنة بالمسيرة الديموقراطية وتجسيد المشاركة الحقيقية في إدارة البلاد».
مصرع 5 جنود أميركيين
وبالتزامن مع تنفيذ عملية الانسحاب اعلن الجيش الأميركي في بيان ان خمسة من جنوده قتلوا في العراق أمس الاول متأثرين بجروح أصيبوا بها خلال قتال.
وأضاف البيان أن الجنود الخمسة أعضاء في الفرقة متعددة الجنسيات-بغداد وأن الحادث رهن التحقيق ولكن لم يذكر المزيد من التفاصيل.
هذا وانفجرت شاحنة صغيرة مفخخة امام محطة وقود جنوب مدينة العمارة مركز محافظة ميسان جنوب العراق لكن من دون وقوع خسائر بشرية بحسب افادة مصدر امني عراقي.
في غضون ذلك انفجرت سيارة ملغومة في سوق مزدحمة مما اسفر عن مقتل 26 على الاقل واصابة 56 آخرين في مدينة كركوك.
إحباط هجوم صاروخي
وكان قد اعلن مسؤول في «جهاز مكافحة الارهاب» العراقي، احباط هجوم بالصواريخ على بغداد واعتقال 3 ارهابيين بينهم عربي خططوا لتنفيذه امس تزامنا مع انسحاب القوات الاميركية من المدن العراقية. واوضح مصدر لوكالة فرانس برس ان «شاحنة محملة باكثر من تسعين صاروخا كشفت وفق معلومات استخباراتية، عند احد المداخل الغربية لمدينة بغداد، قبل ان تدخل الى المدينة».
واكد ان «الشاحنة استطاعت تجاوز اكثر من عشر نقاط تفتيش لان الصورايخ كانت مخبأة في هيكل الشاحنة ومغلفة بمواد عازلة تماما».
ويتولى جهاز مكافحة الارهاب، الذي يضم قوات عراقية خالصة ويرتبط برئاسة الوزراء مسؤولية ملاحقة عناصر الارهاب بدعم من القوات الاميركية.
تأهب أمني
ازاء ذلك وضعت قوات الجيش والشرطة والمخابرات العراقية في حالة تأهب قصوى لمواجهة أي موقف من شأنه إثارة أعمال عنف أو القيام بتفجيرات استغلالا للفراغ الامني الذي يمكن أن ينشأ نتيجة انسحاب القوات الأميركية الى قواعد خلفية. ورغم التطمينات التي حرص المسؤولون العراقيون على تأكيدها بشأن جاهزية القوات العراقية وقدرتها على مواجهة جميع التحديات الامنية غير ان العراقيين ينتابهم القلق من احتمالات تدهور الوضع الامني على خلفية الانسحاب الاميركي من المدن.
وبحسب مصادر امنية عراقية، تم نشر نحو 160 الفا من رجال الجيش والشرطة والاجهزة الامنية في شوارع بغداد، وضعت جميعا في حالة الانذار فضلا عن عشرات الالاف في المدن العراقية الاخرى التي تحصنت في ثكنات الجيش الأميركي التي بدأ الانسحاب منها تدريجيا منذ مطلع العام الحالي في مراسم احتفالية.
تعاون أمني
وذكر مسؤولون بوزارتي الدفاع والداخلية العراقية ان القوات الأميركية ستبقي عددا محدودا من قواتها داخل المدن لمعاونة القوات والاجهزة الامنية في مجالات المراقبة والرصد والسيطرة والاسناد الناري والجوي والمدفعي واجهزة الاتصالات والأقمار الاصطناعية.