ميونيخ - يوسف عبدالرحمن
استعادت مدينة ميونيخ، أمس، توازنها وعادت وتيرة الحياة فيها إلى طبيعتها بعد ليلة عاصفة وعصيبة توالت فيها الأحداث والتطورات عقب العمل الإجرامي الذي قام به مراهق من أصول إيرانية عمره 18عاما، مستهدفاً مركز «أوليمبيا» التجاري في المدينة.
وخلال جولة صباحية مترجلة في أنحاء المدينة عقب ساعات الفجر، بدت ميونيخ غارقة في السكون والظلمة حتى ساعات الصباح الأولى، حيث بدأت تدب فيها الحياة مع عودة بعض الألمان لممارسة أعمالهم ولكن وبما أن يومي السبت والأحد هما يوما عطلة نهاية الأسبوع، فإن أكثرية المواطنين خرجوا لقضاء عطلتهم في أرجاء المدينة إلى جانب السياح.
وتبدت ملامح الحياة والنشاط مجدداً في ميونيخ من خلال عودة حركة المركبات إلى الشوارع، كما عاد «الترام» إلى المسير عبر خطوطه الأرضية، إلى جانب ظهور الباصات والتاكسي بشكل طبيعي، وبدورهم بدأ الناس يسيرون في شوارع المدينة ويرتادون المحلات، كما فتحت المطاعم أبوابها أمام زبائنها.
وخلال جولتي في محيط مركز«أوليمبيا»، حيث وقع الحادث الإرهابي وبالرغم من تواجد بعض الحركة إلا أن عدد السياح انخفض مقارنة بالأيام السابقة، وذلك بالتزامن مع تواجد قوات الشرطة في الاماكن الحساسة والحيوية ومنها الأسواق التجارية.
وفي هذه الأجواء استعادت مدينة ميونيخ توازنها وتنفست الأمن من جديد خصوصا مع صدور أكبر جريدتين بعناوين مطمئنة للناس وهما: «die welt» و«suddeutsche zeitung».
«سُنبلي» جزار ميونيخ.. مختل عقلياً ومثله الأعلى اليميني المتطرف بريفيك
أسدل الستار على الجريمة المروعة التي تعرضت لها مدينة ميونيخ الألمانية، بعد ان أكدت السلطات عدم صلة منفذها الألماني الايراني الأصل «علي سنبلي»، لا بتنظيم داعش ولا باللاجئين.
وبات من المؤكد ان منفذ هذه المجزرة «مختل عقليا» دخل المستشفى للعلاج من مشكلات نفسية، باعترافه الشخصي في تسجيل مصور، وبحسب تقارير الشرطة.
غير ان تفاصيل الجريمة وتداعياتها ستبقى الى أمد غير قريب مع توالي التحقيقات التي بينت ان المراهق الذي قتل تسعة أبرياء قبل أن ينتحر كان على الأرجح يعمل منفردا، واستوحى هجومه من جريمة النرويجي اليميني المتطرف اندريس بيرينغ بريفيك، ويبدو انه كان يعتبره مثلا أعلى مستخدما صورته على حسابه على «واتس اب».
وصرح النائب العام في ميونيخ توماس شتاينكراوس-كوخ امام صحافيين غداة الاعتداء «ننطلق من مبدأ ان الأمر في هذه القضية عمل كلاسيكي لمختل عقليا» تحرك بلا دوافع سياسية على ما يبدو.
وأضاف شتاينكر «لا يبدو ان هناك دوافع أخرى» لإطلاق النار الذي اوقع تسعة قتلى و16 جريحا.
وأوضح قائد شرطة ميونيخ هوبرتوس اندري «وجدنا عناصر تدل على انه يهتم بقضايا مرتبطة بالمختلين عقليا» الذين ارتكبوا عمليات قتل وخصوصا كتب ومقالات في صحف.
وتابع النائب العام ان مطلق النار الذي ولد لأب يعمل سائق اجرة «يعاني شكلا من اشكال الاكتئاب»، وقال «انه مرض».
وأضاف اندري ان المحققين كشفوا «رابطا واضحا» بين اطلاق النار والنرويجي بريفيك الذي قتل 77 شخصا قبل خمسة أعوام تماما.
وفي جديد المعلومات، تداولت وسائل إعلام معلومات تفيد بأن علي سنبلي، قد فتح حسابا مزيفا باسم فتاة «سيلينا أكيم» على فيسبوك وارسل عبره دعوات لتناول الطعام مجانا لاجتذاب المراهقين الضحايا الى حتفهم قبل ساعات من بدء تنفيذ المجزرة، بحسب صحيفة «التيليغراف» البريطانية.
الى ذلك، أعلنت وزارة خارجية كوسوفو في بيان ان «ثلاثة شبان البان (كوسوفيين) لقوا مصرعهم في الهجوم».
كما اعلن وزير الخارجية التركي مولود جاوش اوغلو مصرع ثلاثة اتراك وان السلطات اتصلت بذويهم.
اما وزارة الخارجية اليونانية فأكدت ايضا ان مواطنا يونانيا بين ضحايا الاعتداء.
وردا على سؤال لوكالة فرانس برس في المكان، قالت جارة تعرف الشاب انه «كان شخصا طيبا، يضحك مثل كل شخص طبيعي».
وأكدت دلفي دالبي (40 عاما) التي تقيم في الطابق الاول، بينما كان الشاب يقطن في الشقة الخامسة «لم اره يوما غاضبا ولم اسمع عن اي مشكلة له مع الشرطة او مع الجيران».
وفي تسجيل فيديو قصير ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مساء الجمعة بعيد اطلاق النار، يظهر رجل مصاب وهو يشتم رجلا آخر يرتدي ملابس سوداء يحمل مسدسا ويقف على سطح المركز التجاري.
وقالت الشرطة انه قد يكون منفذ الهجوم.
ويرد صوت يبدو انه صوت المهاجم، على الجريح قائلا: «انا ألماني، ولدت هنا.
في حي هارتس 4».
ثم قال عبارة غامضة «كنت اخضع لعلاج في مستشفى».
وستنكس الأعلام في جميع انحاء ألمانيا تكريما لأرواح الضحايا.
ورغم استبعاد فرضية الإرهاب من هجوم ميونيخ، مازالت المانيا تحت تأثير الصدمة خاصة وانه يأت بعد اربعة ايام فقط من هجوم بساطور في قطار في بافاريا قام به مراهق اخر من طالبي اللجوء الأفغان لكن الأخير اكد دعمه لـ «داعش».
وكتبت الصحيفة المحلية «تي تسد» في عنوانها الرئيسي «هجوم على ميونيخ».
وقالت صحيفة محلية اخرى «ابيندتسايتونغ» ان «الأمر وصل الينا.
سكان ميونيخ كانوا يعتقدون انهم في أمان.
الخوف كبر بعد كل هجوم في باريس واسطنبول وبروكسل».
وأضافت «منذ الجمعة بات واضحا انه لم يعد هناك امان في اي مكان وحتى في المدينة الأكثر امانا في المانيا».
وهذا هو الهجوم الثالث ضد مدنيين في اوروبا في اقل من عشرة ايام بعد عملية الدهس في نيس الفرنسية في 14 يوليو التي أسفرت عن سقوط 84 قتيلا، والهجوم بساطور في فورتسبورغ.
وتسبب المراهق الذي يبلغ من العمر 18 عاما في إغلاق عاصمة إقليم بافاريا بعد أن فتح النار قرب مركز تسوق مزدحم.
وقال رئيس مكتب مكافحة الجريمة في الولاية روبرت هايمبرغر إن الصبي كان يحمل 300 طلقة في حقيبته عندما عثر عليه ميتا نتيجة جرح من عيار ناري.
وذكر أن التحقيقات لم تقدم أي سبب على أنه لم يكن يعمل بمفرده مضيفا أن القاتل ولد ونشأ في منطقة ميونيخ وأمضى فترة من حياته يتلقى رعاية نفسية.