- المصالحة بين البلدين ستعزز الاستقرار الإقليمي
اتخذت اريتريا وإثيوبيا مزيدا من الخطوات المتسارعة لإحلال السلام بينهما، حيث سحبت أسمرة قواتها من الحدود مع أديس أبابا فيما عينت الأخيرة سفيرا اول لها في أريتريا للمرة الاولى منذ 20 عاما.
وتأتي هذه الخطوات بعد جهود ديبلوماسية بين البلدين العدوين السابقين شملت تبادل زيارات على أعلى المستويات وانطلاق أول رحلة جوية تجارية بين البلدين منذ 20 عاما. وذكرت وكالة الأنباء الإريترية أن أسمرة قامت بسحب قواتها من الحدود مع إثيوبيا في بادرة مصالحة بعد قطيعة وحرب استمرا 20 عاما.
وأضافت الوكالة انه بهذه الخطوة تكون إريتريا هي الدولة البادئة بسحب قواتها من الحدود بين البلدين. وأضافت انه: «حري بالمهتمين بالاستقرار والاقتصاد القوي في المنطقة أن يبذلوا ما في وسعهم لمساعدة البلدين على تجاوز حرب لا معنى لها تسببت في معاناة كبيرة للشعبين». وكان نائب رئيس الأركان الإثيوبي برهانو جولا قد تعهد الأسبوع الماضي بتحريك قواته المتمركزة في المناطق المتاخمة للحدود مع إريتريا وأنه ينتظر تعليمات رئيس وزراء البلاد آبي أحمد.
ويرى المراقبون أن الانسحاب السلمي لجيشي البلدين المدججين بالسلاح سيعزز من الاستقرار الإقليمي ومن شأنه استعادة الثقة فضلا عن تحقيق المرونة في اقتصاد البلدين. وقبيل ساعات من خطوة أسمرة الإيجابية، قالت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان أمس انه «تم تعيين رضوان حسين سفيرا لإثيوبيا في اريتريا ليكون الاول منذ 20 عاما» بحسب ما ذكرت وكالة «فانا» الإخبارية شبه الرسمية. وأشارت الوزارة إلى أن رضوان حسين الذي عمل سفيرا لإثيوبيا لدى ايرلندا، أصبح مبعوث أديس أبابا لدى أسمرة. وتأتي خطوة تعيين إثيوبيا سفيرها في أسمرة، بعد أيام من فتح الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي سفارة بلاده في إثيوبيا.
وبهذه الخطوات الإيجابية تنهي أسمرة وأديس أبابا رسميا، واحدة من أطول المواجهات العسكرية في أفريقيا، والتي أسفرت عن سقوط نحو 80 ألف قتيل.
وكانت إريتريا تشكل الجزء الساحلي من إثيوبيا بمرفأيها (عصب ومصوع) قبل أن تعلن استقلالها في العام 1993 إثر طرد القوات الإثيوبية من أراضيها في 1991.
وأدى خلاف حول ترسيم الحدود إلى نشوب حرب بينهما استمرت من 1998 إلى عام 2000 قبل أن يتحول النزاع بينهما إلى حرب باردة بعد انقطاع العلاقات الديبلوماسية.
وفي هذا الإطار، قال المحلل المهتم بقضايا القرن الأفريقي عبدالمنعم أبو ادريس ان «محركات داخلية في البلدين تمثلت في وصول تيار تغيير وإصلاح للسلطة في أديس أبابا بقيادة أبي احمد فضلا عن التضرر اقتصاديا وأمنيا بسبب النزاع خلال العقدين الماضيين علاوة على حوجة إثيوبيا لميناء بسبب التكلفة السياسية والاقتصادية بالاعتماد على موانئ في كينيا وجيوبتي والصومال والسودان». وأشار ابوادريس الى ان ما حفز أريتريا على المصالحة «الأوضاع الاقتصادية عبر الاستفادة من رسوم تأجير الموانئ والعبور والخدمات فضلا على حصولها على كهرباء رخيصة من إثيوبيا، لاسيما مع نقص إمدادات الطاقة الكهربائية طوال السنوات الـ 4 الأخيرة فضلا عن إغلاق الباب أمام المعارضة في البلدين».
ومن جانبه، قال المحلل السياسي الإثيوبي أنور إبراهيم ان البلدين أدركا أن الوضع الراهن حالة «اللاحرب واللاسلم» لا يمكن أن تستمر.
ولفت إلى أن المصالحة التاريخية أتت بعد العديد من المحاولات الفاشلة إلا ان التغيرات التي حدثت في المنطقة والحراك السياسي في البلدين وتقاطعات مصالح دولية وإقليمية حققت هذه الخطوة التاريخية.