بيروت ـ عمر حبنجر
بين زيارة رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط الى دمشق ولقائه الرئيس بشار الأسد، وبين اطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تناغم سياسي واضح، ولا غرو في ذلك فالزيارة الجنبلاطية تمت من الباب السوري لحزب الله، وكانت التهدئة والحرص على الاستقرار المضمون الظاهر لكلام نصرالله عن المحكمة الدولية واجراءاتها وعن الثوابت الوطنية التي التزم بها جنبلاط حيال المقاومة ومن خلفها دول المتابعة، ومن دون ان يعني انتقال جنبلاط من ضفة الى اخرى كما قال جنبلاط امس. وفي مؤتمره الصحافي في منزله في شارع كليمنصو في بيروت، أشاد جنبلاط باستقبال الأسد له وشكر مساعي حزب الله وأمينه العام لإتمام الزيارة، وأبدى استعداده لزيارة طهران اذا وجهت اليه الدعوة، وركز على الثوابت بينه وبين سورية، وأقر بمتابعة العلاقة مع دمشق من خلال الحزب، مع تكليف الوزير التقدمي الاشتراكي غازي العريضي بالتواصل المباشر عند الضرورة. واستهل جنبلاط حديثه بالحرص على ابقاء بعض ما دار بينه وبين الرئيس الأسد للتاريخ، لأن فتح صفحة المستقبل أهم بكثير من الماضي مؤكدا أنه تطرق والأسد لأمور خاصة لن نتكلم عنها بالإعلام.
دعم وحماية المقاومة
وأضاف: في المستقبل المهم هو رسم الخط البياني السياسي، الذي يبتدئ أولا بدعم وحماية المقاومة في الدفاع عن لبنان وفي استمرار عملية التحرير، وثانيا ببناء العلاقة بين لبنان وسورية على أساس المؤسسات، في السياق الأمني والاقتصادي والسياسي، هذه العلاقة التي اذكر انها بنيت بالدم وبالتضحيات المشتركة التي أوصلت الى اتفاق الطائف.
الملف الفلسطيني
وأضاف: تحدثنا طويلا عن اهمية الاستقرار اللبناني بالنسبة لسورية، وعن الموضوع الفلسطيني داخل لبنان، السياسي والمعيشي، وضرورة معالجة الشقين السياسي والمعيشي لأنه لا يمكن الاستمرار في هذه الحالة المعيشية السيئة والمزرية، والسياسية التي قد تحمل في طياتها بعض الأخطار. وتابع: كما تحدثنا عن امكانية الابتداء بترسيم الحدود بين الدولتين ابتداء من المناطق التي ليست تحت الاحتلاق (اي من الشمال وليس من مزارع شبعا في الجنوب) وهذه من النقاط التي أجمع الحوار عليها.
بناء الثقة
وتابع جنبلاط يقول: النقطة الأساس التي ركز عليها الرئيس السوري كان بناء الثقة بين الدولتين وبين المسؤولين في لبنان وسورية، وهذا يعتمد على لغة واحدة في التعاطي، ثم انتقلنا الى الموضوع الخاص والعام واسميها الخصوصية، في الجبل وأهمية التواصل الموضوعي والتاريخي بين اهل الجبل والعائلة السورية العربية الكبرى، وتثبيت الموقع العربي لهذا الجبل، وفي ذات الوقت انتقلنا الى الموضوع الذي كنا نعمل عليه معا، على التواصل الموضوعي بين العرب الدروز في فلسطين واخوانهم في لبنان وجبل لبنان، وضرورة ان تساعد سورية في هذا الموضوع، وبالتحديد مع العرب الدروز الاحرار برئاسة السيد سعيد.
العريضي للمتابعة
وأخيرا كشف جنبلاط انه لن يكون هذا اللقاء الأخير، وسيكلف الوزير غازي العريضي بالاستمرار في تعزيز هذه العلاقة مع القيادة السورية، وشكر جميع الذين ساهموا في الوصول الى هذه المحطة التاريخية المهمة، وخص بالذكر السيد حسن نصرالله وحزب الله الذين قاموا بكل الاجراءات السياسية واللوجستية لتحقيق هذا اللقاء.
التأكيد على الثوابت
وردا على سؤال حول ما إذا كان سينتقل من الوسطية الى مكان آخر قال الموضوع ليس الانتقال من موقع الى آخر، الموضوع هو التأكيد على الثوابت التي أكدت عليها، ومنها وفي مقدمها دعم وحماية المقاومة واستمرار عملية تحرير الأرض وترسيم الحدود ثم بناء علاقات سياسية اقتصادية أمنية صحيحة وفق اتفاق الطائف بين الدولة السورية والدولة اللبنانية. وسئل عن الضمانات، وعما إذا كانت العلاقة بينه وبين سورية ستكون مباشرة أم من خلال حزب الله، فأجاب: طلب الرئيس الأسد التأكيد على الثوابت وعندما نؤكد على الثوابت، أعتقد ان هذا أفضل ضمانة، أما العلاقة مع سورية، فعند الضرورة نطلب مساعدة السيد حسن وحزب الله، وفي الوقت نفسه وضعنا آلية التواصل المباشر، وليس من تعارض بين الأمرين.
في نفس الخندق
وردا على سؤال حول الثوابت التي أطلقها قال جنبلاط انها قديمة، وعندما نحتاج الى سورية بالنسبة لمواجهة الاستعمار أو اسرائيل فسنكون في الخندق نفسه، وبالوقت ذاته نعلم ان سورية تحترم الاستقلال اللبناني والتنوع اللبناني.
أزور إيران إذا دعيت
وكان آخر سؤال لجنبلاط، عما إذا كانت زيارته المقبلة الى إيران فأجاب: إذا جاءتني دعوة أذهب، وقبل انتهاء المؤتمر الصحافي وردا على سؤال حول من تغير بعد هذا اللقاء، وليد جنبلاط أم بشار الأسد أجاب جنبلاط: هذه أسئلة ذات طابع شخصي، لقد تحدثنا عن الماضي ولن أفصح لا من قريب ولا من بعيد عن هذا الماضي وأتمنى عليكم ألا تتصلوا بي لتسألوني عن هذا الماضي، وفتحنا باب المستقبل وعلى ثوابت دعم وحماية المقاومة والعلاقة بين الدولتين.
وعن تفاصيل الترتيبات للزيارة، قالت صحيفة السفير ان مسؤول الارتباط بحزب الله وفيق صفار رافق جنبلاط بالسيارة الى دمشق، وفيها استقبله معاون الامن العام للحزب الحاج حسين خليل، وان الرئيس الاسد حرص منذ اللحظة الاولى من اللقاء على اراحة ضيفه عبر اعطائه اشارات ودية، حيث بادره بالقول انه يرغب في المكاشفة والمصارحة المتبادلة. واستعاد الرجلان، خلال المراجعة المشتركة للماضي، المحطات الخلافية في علاقتهما وصولا الى المرحلة، ما قبل تسلم بشار الاسد مقاليد السلطة، وسأل الرئيس السوري ضيفه عن اللحظة التي تؤرخ بداية خلافهما، وبعد المسح السياسي للمرحلة السابقة اتفقا على طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة، وناقشا التحديات الراهنة وبحثا في كيفية حماية حزب الله ولبنان وتطوير العلاقة الثنائية بين البلدين.
رئيس اللقاء الديموقراطي عن حادث «طائرة من ورق»: لماذا هذا الهيجان غير المبرر الآن؟
ردا على سؤال حول ما تعرض له منزل الإعلامي تحسين خياط ومحيط محطته التلفزيونية، بسبب فيلم «طائرة من ورق» الوثائقي، قال جنبلاط: ان المحازبين بشكل عام تخطوا مرحلة التعبير وبعض العصبية الضيقة اللبنانية التي عندما تستفحل تؤدي الى الانعزال، والانعزال ليس ظاهرة فئوية مسيحية أو غير مسيحية، الانعزال هو الانعزال، لا نستطيع ان نستفحل في الانعزال اللبناني، بعيدا عن التواصل القومي الطبيعي، يبقى ان نتجاوز أيضا ثقافيا بعض المحطات التي يخرج بها بعض الموتورين الى الشارع، أو الذين يجهلون بعض الحقائق وأعطي مثالا فيلم «طائرة من ورق» وقال: مع الأسف هذا الفيلم عرض منذ 5 سنوات من قبل (المخرجة) رندة الشهال، رحمة الله عليها، وهو يروي قصة اجتماعية سياسية، فلماذا هذا الهيجان غير المبرر الآن، هذا نوع من الانعزال غير مقبول.