بيروت ـ زينة طبّارة
رأى رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون ان زيارة الرئيس الإيراني د.محمود أحمدي نجاد الى لبنان، لم تحمل في مضمونها وتفاصيلها اي نتائج عملية لصالح قيام الدولة اللبنانية على مستوى المؤسسات، كما لم تحمل في أبعادها سوى تكريس شراكة الدولة الإيرانية مع سورية في الواقع اللبناني، معتبرا ان الزيارة فُرضت بشكلها على الرئيس اللبناني ميشال سليمان تحت عنوان الصداقة اللبنانية ـ الإيرانية وهو ما يفسر ما سعى إليه هذا الأخير لعدم اتخاذ الزيارة أبعادا سياسية، وعمل بالتالي على احتواء تداعياتها على المستويين الداخلي والخارجي.
ولفت شمعون في تصريح لـ «الأنباء» الى ان لبنان الرسمي تصرف مع الزيارة بما تمليه عليه واجباته حيال استقبال جميع الرؤساء والملوك، وبما تفرضه البروتوكولات الرئاسية والرسمية في التعاطي مع زيارات مماثلة، إلا ان الاستقبال الشعبي الذي أعد على طريق المطار من قبل حركة أمل وحزب الله، أعطى الرئيس الضيف صفة أبعد من صفة رئيس دولة، بحيث أكد ان ايران مرجعية سياسية وعسكرية أساسية لفريق لبناني معين، وهي معنية مباشرة بتوجيهات وخيارات الدولة اللبنانية حيال التطورات في المنطقة.
ولاية الفقيه
وردا على سؤال حول نوعية الخطاب الذي اعتمده نجاد خلال لقاءاته الرؤساء الثلاثة والقوى السياسية والشعبية، لفت شمعون الى ان خطابات نجاد توزعت بين سياسية هادئة مقتضبة في قصر بعبدا وعين التينة والقصر الحكومي، وأخرى شعبية تجييشية في الضاحية وبنت جبيل، مشيرا الى ان ما كان لافتا للانتباه هو خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي تفاخر خلاله بإيمانه المطلق بولاية الفقيه، معتبرا ان هذا التفاخر المبني على إيمان بها يؤكد ولو بصورة مبطنة ان الوصول الى إعلان ولاية الفقيه هو التوجه الأساس، المعتمد لدى حزب الله، كون الإيمان المطلق بالشيء يطغى على التوجهات ويسير أدنى تفاصيلها بشكل غير مباشر، مكررا سؤاله الدائم لحزب الله وتحديدا للسيد نصرالله عما اذا كانت ولاية الفقيه مازالت الهدف الذي سبق ان أعلن عنه حزب الله في المبادئ التأسيسية للحزب في العام 1985، مطالبا بإجابة واضحة وعلنية على هذا السؤال من قبل قيادة الحزب تبدد الشكوك حول نظرة حزب الله لمفهوم الدولة اللبنانية وحول رؤيته للنظام القائم.
المحكمة الدولية
من جهة اخرى، لفت شمعون الى ان خطاب نجاد تميز بشكل عام بالهداوة النسبية مقارنة مع خطاباته المعتادة، سواء أكان ذلك بتوصية خارجية ام مراعاة منه لحساسيات الداخل اللبناني، إلا انه لم يعف المحكمة الدولية من سهام التخوين والتسييس للتأكيد على ان الهدف منها هو النيل من أصدقاء إيران ـ بحسب توصيفه لحليفه حزب الله، مشيرا الى ان أدنى ما كان يتمناه اللبنانيون هو اعتبار نجاد ان المحكمة الدولية شأن لبنان داخلي وان الخلافات اللبنانية ـ اللبنانية حولها تحل تحت سقف المؤسسات اللبنانية الدستورية، معتبرا ان هذا الكلام عن المحكمة الدولية جاء ليدعم حزب الله في مواقفه المنقلبة على المحكمة وعلى ما نص عليه البيان الوزاري في هذا الخصوص وصدق عليه الحزب من خلال نوابه في المجلس النيابي، مضيفا ان موقف الرئيس الإيراني العلني المشكك بمصداقية المحكمة الدولية يؤكد ان إيران ماضية حتى النهاية في مواجهة قرارات الشرعية الدولية والمجتمع الدولي على خلفية ملفها النووي.
وختم شمعون معتبرا ان كلام نجاد عن ان المقاومة ستحرر فلسطين أمر لا خلاف عليه من حيث مضمون كلمة التحرير انما الخلاف يكمن فيما لو كان المقصود من كلام نجاد هو ان تحرير فلسطين يبدأ من الأراضي اللبنانية عبر المقاومة، وذلك لاعتباره ان لبنان معني مباشرة بالمسار العربي الموحد فيما خص الصراع العربي ـ الإسرائيلي وبجميع التوجهات العربية، وبالتالي فإن عملية التحرير تقع على عاتق جميع الدول العربية مجتمعة وليس على عاتق الساحة اللبنانية انطلاقا من استعمال الآخرين لها على انها ساحة لتنفيس الاحتقان الإقليمي والدولي وعلى حساب الدولة اللبنانية حكومة وشعبا ومؤسسات.