- وهاب يدعو الحريري من دار الفتوى للعودة ويتوقع استمرار تعليق الانتخابات
- الراعي يشيد بحكم سليمان.. وسليمان يستبعد الحل إلا بتطبيق «إعلان بعبدا»
بيروت ـ عمر حبنجر
كما كان متوقعا، انتهت مفاوضات فيينا النووية من دون اتفاق، لكن الرغبة في استمرار التواصل بين واشنطن وطهران أفضت إلى اعتماد التأجيل، وهو العلاج المعتمد لمشكلات لبنان الخلافية المعقدة، هو التأجيل، من رئاسة الجمهورية الى الانتخابات النيابية وصولا الى الموازنة العامة.
والتأجيل يعني التمديد، وهذه قاعدة سياسية باتت جزءا من التقاليد اللبنانية، إلا أن ما أثار الريبة في تمديد المفاوضات النووية هذه حتى يونيو المقبل هو الخوف من سريان هذه المهلة الطويلة على الاستحقاق الرئاسي في لبنان، المعلق بأهداب العلاقات الأميركية ـ الإيرانية، وبالتالي الخليجية ـ الإيرانية.
ظاهر الأمور أن هذه الجولة الطويلة من المفاوضات النووية بين ايران والغرب قد انتهت إلى التأجيل المكبل لطهران بالشروط النووية والسياسية، النووية موضع المفاوضات المباشرة، والسياسية المرتبطة بها ضمنيا، والمتصلة بالتوسع الإيراني خارج الحدود الوطنية، لكن الذي حصل أن ضحية هذا الصراع كان من الجانب الآخر، ولو اختلفت الأسباب، فاستقالة وزير الدفاع الاميركي هيغل تعني أن ثمة خللا في بنيان ادارة اوباما من اساسها، وان بدت «داعش» ايبولا المرحلة الأوبامية.
مصادر سياسية لبنانية لاحظت أن تأجيل المفاوضات اقترن بتلقي طهران 700 مليون دولار شهريا من رصيدها المجمد لدى الولايات المتحدة، اي ما يوازي 4 مليارات و900 دولار في الأشهر السبعة الفاصلة عن استئناف المفاوضات.
وأشارت هذه المصادر لـ «الأنباء» إلى قناعة في بيروت ان هذه الرشوة الاميركية لطهران من حسابها ستحاول واشنطن ان تعوضها بالحصول على مواقف سياسية من ايران تحد من انفلاتها الاقليمي الواسع على حساب استقرار جوارها العربي، أو هذا ما «وعدت» واشنطن به العرب في اللقاء الطارئ بين جون كيري والأمير سعود الفيصل في فيينا عشية إعلان التأجيل.
المصادر السياسية عينها تبدو واثقة من ان التمديد للمفاوضات النووية في فيينا تعني التمديد للفراغ في القصر الجمهوري في بعبدا، خصوصا ان غشاوات كثيرة تحجب مساعي رئيس مجلس النواب نبيه بري لإطلاق الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله معطوفة على معوقات أخرى يطرحها العماد ميشال عون بين الفينة والأخرى لمنع وصول سواه الى قصر الرئاسة اللبنانية، وآخر هذه المعوقات الطعن بقانون التمديد لمجلس النواب، وممارسة أقصى الضغوط على المجلس الدستوري وقضاته للقبول بهذا الطعن مع ما يعنيه ذلك من فراغ محتم على مستوى السلطة التشريعية وتاليا التنفيذية.
حزب الله اعتبر أن تأجيل الاتفاق النووي يعني تأجيل الدخول في مناخات التسويات على الساحات الملتهبة وأولها سورية ويليها العراق، ولم يأت على ذكر لبنان إلا من خلال الحملة على الفساد الغذائي. التيار الوطني الحر وصف التمديد للمفاوضات النووية بـ «الايجابية المؤجلة»، إذ يؤشر الى نية التوصل الى اتفاق بين طهران والغرب، ويدل على حاجة الجميع الى ابعاد كأس الفشل.
أما تيار المستقبل فالموقف هو ما سيعلنه الرئيس سعد الحريري في اطلالته التلفزيونية عبر قناة «ال.بي.سي.آي» مساء غد الخميس، حيث سيحدد موقفه من جملة قضايا أساسية، في طليعتها الاستحقاق الرئاسي ثم الحوار المطروح مع حزب الله.
رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب اطلق من منبر دار الفتوى دعوة الى الرئيس سعد الحريري للعودة الى لبنان لأن الوضع اللبناني بحاجة الى عودته وهو يعطي زخما كبيرا للحوار مع حزب الله ومع الاطراف الآخرين.
وقال بعد لقائه مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان ان الحوار هو حاجة ماسة للبنان واللبنانيين وهذا الحوار يشكل ضمانة وحماية للوضع اللبناني في ظل الاخطار الحالية، واذا بدأ حوار جدي بين كل الاطراف اللبنانية تتم الانتخابات الرئاسية في ظل هذا الحوار، اما اذا بقيت الخطوط مقطوعة كما هي اليوم فاعتقد ان انتخاب رئيس جديد للجمهورية سيبقى مؤجلا الا اذا اتفقنا على الحوار الجدي المبني على اسس واضحة.
واضاف: لم ار ظروفا جدية لاجراء انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، كنا نراهن على المفاوضات الاميركية ـ الايرانية في حلحلة عدة مواضيع، والآن مددت، وهذا الامر سيأخذ وقتا اكثر، واعتقد ان موضوع الانتخاب سيبقى معلقا الا اذا اخذ الحوار اللبناني ـ اللبناني مداه.
في هذا السياق، التقى الرئيس نبيه بري امس السفير السعودي علي عواض عسيري الذي سبق ان فصل المطالبة السعودية بإدراج حزب الله على لائحة المنظمات الارهابية عن الحوار المطروح بين حزب الله والمستقبل.
النائب محمد الحجار عضو كتلة المستقبل اكد على ضرورة احياء الحوار بين الاطراف السياسية وعدم التعويل على سير الاحداث الخارجية، وقال: نحن في تيار المستقبل نسعى لاستمرار التواصل بين الفرقاء السياسيين وان يتعزز هذا التواصل بمبادرات، مذكرا بانه سبق للرئيس سعد الحريري طرح ملاقاة حزب الله في منتصف الطريق للاتفاق على رئيس توافقي.
بدوره، توقع النائب عاطف مجدلاني ان يحسم الرئيس الحريري الموقف، معتبرا ان اي حوار من دون جدول اعمال لا طائل منه، فالحوار المنطلق من فراغ لا يؤدي الى اي مكان، اما عن حملة العماد عون على اتفاق الطائف فتهدف الى احداث فجوة في الجدار القائم في طريقه الى بعبدا.
وزير حزب الله محمد فنيش اكد على ضرورة الحوار، وقال: نحن منفتحون عليه، وهناك مساع يقوم بها الاصدقاء والحلفاء والاجواء ايجابية، ولكن حتى الآن لا نقاط ولا مواعيد.
حزب الكتائب طالب من جهته بوقف المزايدات الرئاسية ووضع المبادرة التي اطلقها الرئيس امين الجميل في عهدة القيادات المسيحية للاجتماع الفوري واجتراح ما يخلق الفراغ.
ومن روما، اكد البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال حفل استقبال على شرف الرئيس ميشال سليمان انه لا يصح الا الصحيح، والصحيح هو لبنان والدستور.
وقال ان لبنان لا يقوم على الكذب والبلطجة، لا يقوم الا على الحقيقة، على الكرامة.
واضاف: الرئيس ميشال سليمان طوال عهده حافظ على كرامة كل اللبنانيين وعلى كرامة الدستور والمؤسسات ورفع لبنان الى هذا المستوى من الدول في العالم العربي والاسرة الدولية.
الرئيس سليمان الذي منحه الفاتيكان وسام البابا بيوس التاسع من رتبة فارس يوم الاثنين الماضي دعا جميع الاطراف اللبنانية لاسيما الموارنة منهم الى وضع المصالح الشخصية جانبا والمبادرة فورا الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وقال: الميثاق الوطني حل ازمة لبنانية مع بداية الاستقلال، وتحدث عن لا شرق ولا غرب، واحداث 1958 انتهت بلا غالب ولا مغلوب، والحرب الاهلية انتهت بالطائف، والاحداث من 2005 الى 2008 انتهت باتفاق الدوحة، ومشكلتنا لا تنتهي الا بتطبيق اعلان بعبدا، ومذكرة تفاهم بكركي.
في هذا الوقت، عقدت لجنة قانون الانتخاب اجتماعها الثالث امس برئاسة رئيس لجنة الادارة والعدل روبير غانم. وقال النائب علي فياض ان الاقتراح المقدم من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية منحاز مذهبيا ولن نقبل به.
ورد عليه النائب احمد فتفت بالقول ان هذا تشويش وتشويه للحقائق عن قصد، ما اوحى ان عمل هذه اللجنة «طبخة بحص».
واستأنف المجلس الدستوري البحث في الطعن المقدم من التيار الوطني الحر في قانون التمديد النيابي وسط اعتبار التيار ان تمديد الولاية للمرة الثانية مرفوض. وقد استمع المجلس الى تقرير المقرر حول الطعن وارجأ اجتماعه الى اليوم لاعداد مسودة القرار.