على وقع القصف الجوي الذي استهدف مدينتي جدابيا والبريقة الواقعتين تحت ايدي المعارضة الليبية أمس، برزت بارقة امل ضئيلة بحل الازمة الليبية، بعدما كشفت صحيفة يوسبيريدس التي كانت تعرف باسم قورينا، في نسختها الالكترونية أمس ان الزعيم الليبي معمر القذافي وافق على اقتراح طرحه حليفه الفنزويلي هوغو تشافيز لإنهاء الأزمة الليبية.
وأضافت الصحيفة أن الجامعة العربية قبلت اقتراح تشافيز أيضا. ولم تذكر الصحيفة مصدرا لذلك.
وهذا ايضا ما اكدته قناة الجزيرة ناقلة عن مصدر فنزويلي أن القذافي اتصل بالرئيس الفنزويلي وابلغه موافقته على الاقتراح.
لكن مصطفى عبد الجليل المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي لمعارضي القذافي، اعلن رفضه لأي حوار مع القذافي متمسكا بمطلبه الوحيد في رحيل النظام وزعيمه كاملا إما بالتنحي أو الاسقاط.
ميدانيا هاجمت قوات موالية للزعيم الليبي أمس مناطق لتصدير النفط يسيطر عليها الثوار في شرق ليبيا لليوم الثاني بينما قال زعيم للانتفاضة الشعبية ضد حكم القذافي الممتد منذ 41 عاما إنه سيرفض أي اقتراح بإجراء محادثات مع القذافي لانهاء الاضطرابات في البلاد التي تحتل المركز الثاني عشر بين أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم.
وقال شهود إن طائرة حربية قصفت بلدة البريقة النفطية في شرق ليبيا بعد يوم من صد هجوم بري وجوي شنه أنصار القذافي على البلدة.
ودعا المحتجون إلى فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا في تكرار لمطلب نائب سفير ليبيا في الامم المتحدة والذي انضم إلى معارضي القذافي.
لكن مسؤولين غربيين عبروا عن الحذر تجاه أي شكل من أشكال التدخل العسكري بما في ذلك فرض منطقة حظر طيران واضعين نصب أعينهم تحذيرا للقذافي من أن التدخل الاجنبي في ليبيا قد يؤدي إلى فيتنام أخرى.
وقال ضابط تابع للمحتجين في ليبيا إن غارات جوية استهدفت أمس مطار البريقة وموقعا للثوار في بلدة اجدابيا المجاورة.
وقال جنود في صفوف المعارضة أيضا إنه تم إجبار قوات موالية للقذافي على العودة إلى بلدة راس لانوف التي يوجد فيها مرفأ نفطي كبير آخر وتقع على بعد 600 كيلومتر شرقي طرابلس.
وقال محمد المغربي وهو متطوع في صفوف الثوار مؤكدا تصريحات لآخرين «قوات القذافي في راس لانوف».
وفي مشهد غاضب ببلدة العقيلة شرقي راس لانوف صرخ محتج في وجه شاب افريقي ألقي القبض عليه وقيل إنه من المرتزقة وقال له «كنت تحمل أسلحة.. نعم أم لا؟ كنت مع كتائب القذافي.. نعم أم لا؟» ومع احتدام القتال بين أنصار القذافي والمحتجين الذين يسيطرون على مساحات من ليبيا رحبت جامعة الدول العربية بخطة سلام اقترحها الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز قيد البحث.
وقالت قناة الجزيرة الاخبارية إن خطة تشافيز تشمل بعثة وساطة من أميركا اللاتينية واوروبا والشرق الاوسط سعيا الى حل سلمي بين القذافي والمناهضين لحكمه.
واضافت القناة أن مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الوطني الليبي قال إنه يرفض أي محادثات مع القذافي.
وفي تحرك نحو الشرق سيطرت قوات حكومية تدعمها الطائرات أمس لفترة قصيرة على بلدة البريقة.
وصرح ضباط بين المحتجين بأن قوات المعارضة سرعان ما استعادت سيطرتها على البلدة التي يسيطر عليها الثوار منذ أسبوع. وقالوا إن المحتجين مستعدون للتحرك غربا تجاه العاصمة إذا رفض القذافي ترك السلطة.
وقد قال ناطق باسم الثوار الليبيين ان المعارضة المسلحة اسرت حوالي مائة مقاتل موالين للعقيد معمر القذافي خلال مواجهات عنيفة في مرفأ البريقة شرق ليبيا.
وقال الناطق طالبا عدم كشف هويته في بنغازي معقل الحركة الاحتجاجية «لدينا الكثير من الاسرى لا اقل من مائة».
وفي البريقة قال المسؤول في مستشفى المدينة عبد الفتاح المغربي ان المتمردين اسروا خمسة مهاجمين «هم ثلاثة ليبيين وافريقيين»، موضحا انهم نقلوا الى بنغازي لاستجوابهم.
سيف الاسلام يعترف
من جانبه اعترف سيف الاسلام نجل الزعيم الليبي لتلفزيون سكاي نيوز أمس بشن قصف جوي لبلدة البريقة الشرقية نفذته الحكومة الليبية لكنه قال انه استهدف تخويف الميليشيا واستعادة السيطرة على المنشآت النفطية.
واضاف في مقابلة جرت في سيارته «قبل كل شيء.. كانت القنابل لمجرد تخويفهم كي يبتعدوا.. وليس لقتلهم». وتابع «اتحدث عن الميناء ومصفاة النفط هناك. لن يسمح احد للميليشيا بالسيطرة على البريقة. انه مثل السماح لشخص ما بالسيطرة على ميناء روتردام في هولندا».
وحاولت الحكومة الليبية إقناع الناس في طرابلس بمواصلة حياتهم بشكل طبيعي لكن الازمة تؤثر في الحياة اليومية.
وامتدت الصفوف أمام البنوك، وقال سكان إن أسعار الغذاء ارتفعت بينما انخفضت بشدة قيمة الدينار الليبي أمام الدولار في التعاملات بالشارع.
تحقيق دولي
وفي لاهاي اعلن المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو ـ اوكامبو امس الخميس في لاهاي فتح تحقيق حول احتمال وقوع جرائم ضد الانسانية في ليبيا يستهدف الزعيم الليبي معمر القذافي وابناءه وعددا من كبار المسؤولين في نظامه.
وقال مورينو ـ اوكامبو خلال مؤتمر صحافي عقده في لاهاي «نود ان نعلن لكم ان مكتب المدعي العام قرر في الثالث من مارس 2011 فتح تحقيق حول جرائم ضد الانسانية قد تكون ارتكبت في ليبيا منذ 15 فبراير».
واضاف «حددنا افرادا يتمتعون بسلطة يكون لهم نفوذ على قوات الامن التي ارتكبت هذه الجرائم».
واوضح ان التحقيق يشمل معمر «القذافي والحلقة المقربة منه بمن فيهم ابناؤه».
وتابع «لكننا حددنا ايضا افرادا يتمتعون بسلطة بحكم الامر الواقع (...) يمكن تحميلهم المسؤولية في نظر القانون».
كما حدد المدعي العام «وزير الخارجية ورئيس جهاز امن النظام والاستخبارات العسكرية ورئيس الامن الشخصي للقذافي ورئيس منظمة الامن الداخلي»، من دون ذكرهم بالاسم.
وتابع المدعي العام «نريد اغتنام هذه الفرصة للاشارة الى انه اذا ما كانت القوات التي يقودونها ترتكب هذه الجرائم، فيمكن تحميلهم المسؤولية قضائيا».
وقال انه يتوقع ان يصدر قضاة المحكمة الجنائية مذكرات توقيف «خلال اشهر».
على شفير حرب أهلية
من جهته حذر الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف من ان ليبيا على شفير حرب اهلية، مشددا على خطورة الازمة الراهنة في هذا البلد.
وقال مدفيديف في تصريحات نقلتها وكالات الانباء الروسية ان «ليبيا كانت ولا تزال على شفير الحرب الاهلية ومهمتنا الاساسية كانت انقاذ جميع رعايانا». وهو ما كانت حذرت منه وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون.
بري في رسالة إلى الرئيس الفنزويلي: جرائم النظام الليبي تخطت حدود بلاده
بيروت ـ احمد عز الدين
من جهته بعث رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري امس برسالة الى الرئيس الفنزويلي تشرح الجرائم التي ارتكبها الزعيم الليبي معمر القذافي التي تخطت حدود بلاده، والجريمة التي ارتكبها في حق لبنان والإنسانية بإخفائه الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين.
وجاء في الرسالة: «إن غضب الشعب الليبي وثورته اليوم ما هما إلا تعبير عن مظاهر الشكوى والظلم اللذين يتعرض لهما من حاكمه معمر القذافي، الذي لاتزال سجونه ملأى بالآلاف من الليبيين الأبرياء ويداه ملطختان بدماء شعبه المقهور».
وأشار بري في رسالته إلى أن «جرائم معمر القذافي قد تخطت حدود بلاده الى العالم، وسبق له أن ارتكب في حق لبنان جريمة إنسانية نكراء تمثلت في إخفاء قائد وطني عظيم هو الإمام السيد موسى الصدر بعدما دعاه رسميا إلى ليبيا مع رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي الأستاذ عباس بدرالدين، في تاريخ 31/8/1978»، لافتا إلى أن «هذه الجريمة المتمادية التي ارتكبت في حق لبنان وشعبه مرفوعة اليوم أمام أعلى محكمة في لبنان، وسيكون يوم الرابع من مارس 2011 يوما للنظر في هذه القضية بعدما صدر قرار اتهامي في حق معمر القذافي شخصيا مع مجموعة من مساعديه، وهو مسؤول ايضا عن الإعداد لعمليات إجرامية معروفة في عدد من الدول العربية والأجنبية وكذلك الجرائم الخطيرة التي قام بها اخيرا ولايزال تجاه شعبه».