عواصم ـ هدى العبود ـ الوكالات
فتحت مراكز الاقتراع ابوابها امس في سورية لاجراء اول انتخابات «تعددية» منذ خمسة عقود والتي يتم تنظيمها في ظل اجواء من العنف والتي وصفتها المعارضة بـ «المهزلة».
وبث التلفزيون السوري صباح امس صورا لعدد من المراكز الانتخابية في عدد من المحافظات السورية منها الرقة وحمص ودمشق وحلب واللاذقية وادلب ودرعا وكتب في اسفل الصور «السوريون يقولون كلمتهم في صناديق الاقتراع».
كما اجرى لقاءات مع عدد من المواطنين المشاركين في الانتخابات وقال احدهم من حمص ان «الانتخابات تجرى باجمل صورة وخاصة بوجود التعددية الحزبية».
واعتبر اخر انها «البداية الحقيقية لبناء سورية المتجددة».
وأكد وزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار ان انتخابات اعضاء مجلس الشعب «تسير بشكل طبيعي» وأن مراكز الاقتراع تشهد «اقبالا ملحوظا من قبل الناخبين» بحسب ما نقلت عنه وكالة سانا الرسمية.
واضاف الشعار: لا مشكلة حتى الآن باستثناء بعض الامور التي قد تحصل في اي جو انتخابي.
واقيم 12152 مركزا انتخابيا في مختلف المدن السورية موزعة على 15 دائرة انتخابية، ويبلغ عدد الناخبين فيها 14 مليونا مدعوين لاختيار 250 عضوا في مجلس الشعب من بين 7195 مرشحا.
بدوره، اعتبر رئيس الوزراء السوري عادل سفر ان الانتخابات التشريعية التي تشهدها سورية تأتي في مرحلة تاريخية ومهمة من حياة البلاد جرى خلالها اطلاق برنامج الاصلاحات الشامل على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مضيفا ان هذه الانتخابات استحقاق وطني يعمل على ترسيخ قيم حياة برلمانية لها قواعدها وأسسها في مجال الرقابة والتشريع ورسم السياسات.
ودعا سفر في تصريح للصحافيين عقب ادلائه بصوته الانتخابي المواطنين الى انتخاب اعضاء مجلس الشعب الاكفاء القادرين على تمثيلهم حيث سيلعب المجلس دورا كبيرا في مراقبة اداء الحكومة، مؤكدا ان التعددية السياسية ستنعكس بشكل ايجابي على عمل الحكومات المقبلة من خلال وضع برامج عمل وسن تشريعات واقرار قوانين قادرة على تحقيق طموحات المواطنين وتطلعاتهم.
وأوضح سفر ان سورية ماضية بانجاز برنامجها الاصلاحي بغض النظر عما يحاك ضدها من مؤامرات تهدف الى تعطيل عملية التنمية الشاملة فيها معتبرا ان البعض ليس لديهم رغبة حقيقية في الاصلاح الذي يلبي ارادة الشعب بل انساقوا وراء المؤامرة التي تهدف الى تخريب سورية وسلب ارادتها وقرارها الحر، مشيرا الى ان الحكومة المقبلة ستكون مبنية على نتائج الانتخابات الحالية التي ستفرز توضعات سياسية على مستوى مجلس الشعب وسيكون هناك برنامج للحكومة تقدمه الى المجلس يلبي طموحات المواطنين وتطلعاتهم.
ويشارك في هذه الانتخابات سبعة احزاب من بين تسعة اعلن عن تاسيسها منذ اصدار قانون تنظيم الاحزاب الجديد بالاضافة الى المستقلين وقائمة الوحدة الوطنية التي اعلنت عنها الجبهة التقدمية التي يقودها حزب البعث وتشرف على الحكم في البلاد.
ويقوم مؤيدو المرشحين بتوزيع بطاقات الاقتراع امام المركز داعين الى انتخاب مرشحهم.
ويقول الطالب في جامعة دمشق ليث الحلاج (22 عاما) «يجب ان يكون للانتخابات مصداقية كي يقبل الناخبون بالاقتراع وبذلك يظهرون اهتمامهم بالازمة التي تمر بها البلاد ويجدون لها حلا».
بدورها وصفت المعارضة السورية الانتخابات بـ «المهزلة»، مؤكدة ان المشاركة فيها ستقتصر على مؤيدي النظام.
ودعا المجلس الوطني السوري المعارض السوريين «للاضراب او التظاهر في ساعات الانتخاب للتعبير عن رفضهم لهذه المسرحية».
واضاف البيان «بصفاقة قل نظيرها، يدعو النظام السوري لاجراء انتخابات لمجلس الشعب على وقع الرصاص والقذائف من كل نوع وجرائم الابادة والعقوبات الجماعية».
واعتبر البيان ان اجراء هذه الانتخابات «يستهين بدماء الاف الشهداء السوريين» ويدل على «استهتار نظام الرئيس بشار الاسد بالمبادرة الدولية العربية».
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ان مناطق عدة في ادلب (شمال غرب) ودرعا (جنوب) وحماة (وسط) شهدت اضرابا عاما احتجاجا على اجراء الانتخابات، اضافة الى بعض احياء العاصمة دمشق وبلدات ريفها.
وقال ناشطون في المكتب الاعلامي للثورة في حماة لوكالة فرانس برس ان احياء حماة واسواقها شهدت اضرابا كاملا ردا على انتخابات مجلس الدمى.
واضافوا ان الاضراب يشمل بلدات الريف وان قوات الامن تقوم باجبار الاهالي على فتح محالهم في طيبة الامام.
وقال عضو المكتب الاعلامي للثورة في ادلب نور الدين العبدو في اتصال عبر سكايب مع فرانس برس لا يوجد في ادلب وريفها اي علامات على وجود انتخابات في البلاد. واضاف «النظام يحاول ان يوهم نفسه انه مازال قائما من خلال تنظيم هذه الانتخابات المهزلة فيما هو عاجز عن حكم المدن والقرى الا بقبضة الدبابات».
وفي دمشق، قال فادي (47 عاما) انه لن يشارك في الانتخابات مضيفا لقد شاركت في الاستفتاء على الدستور ولم اوافق عليه لكن الامر مختلف الان.
واعتبر ان المشاركة الان «لا معنى لها» لان تصويته يعد «موافقة على الوضع القائم».
وافادت لجان التنسيق المحلية بان مدينة السويداء (جنوب) ذات الغالبية الدرزية شهدت اعتصاما داخل نقابة المهندسين «رفضا للحل الامني ورفضا لانتخابات مجلس التصفيق وتضامنا مع جامعة حلب التي سقط فيها الخميس الماضي اربعة قتلى بنيران القوات النظامية التي اقتحمت الجامعة عقب تظاهرة ليلية تنادي باسقاط النظام.
بدورها، اعربت الصين امس عن املها في ان تساعد الانتخابات البرلمانية في سورية في تعزيز عملية الاصلاح واعادة الاستقرار الداخلي.
صرح بذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية هونغ لي في مؤتمر صحافي تعليقا على الوضع الحالي في سورية، وقال ان بلاده تأمل في ان تساعد الانتخابات ايضا سورية في الاستجابة لمطالب الشعب السوري التي وصفها بـ «المعقولة» بدفع عمليات الاصلاح وحماية مصالح سورية. من جانبها، اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية ان الانتخابات التشريعية التي تنظمها دمشق امس «بمثابة مهزلة شنيعة» وذكرت مجددا بضرورة «انتشار سريع لجميع مراقبي الامم المتحدة في سورية».