يشكك منتقدو الحكومة الأميركية والحلفاء الأوروبيون في التحالف المناهض لتنظيم داعش والمعارضة السورية التي لا تثق في نوايا روسيا، في أحدث اقتراح لوزير الخارجية الأميركي جون كيري لتوثيق التعاون بين واشنطن وموسكو ضد الجماعات المتطرفة في سورية.
ووصف عدد من المسؤولين العسكريين ومن مسؤولي المخابرات الأميركيين الخطة بالساذجة وقالوا إن كيري يخاطر بالوقوع في الفخ الذي نصبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتشويه سمعة الولايات المتحدة لدى جماعات المعارضة المسلحة المعتدلة ودفع بعض مقاتليهم إلى أحضان داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة الأخرى.
وعبرت بعض الدول الأوروبية التي تشارك في التحالف ضد التنظيم عن قلقها بشأن تبادل معلومات المخابرات مع روسيا التي يقولون إنها شريكة غير جديرة بالثقة.
والاقتراح الحالي الذي يأمل كيري في وضع اللمسات الأخيرة عليه خلال أسابيع يضع تصورا لسبل تبادل واشنطن وموسكو لمعلومات المخابرات من أجل تنسيق الضربات الجوية ضد جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سورية ومنع سلاح الجو السوري من مهاجمة جماعات المعارضة المعتدلة.
ويقول حلفاء كيري في وزارة الخارجية والبيت الأبيض إن الخطة تمثل أفضل فرصة لتقليص القتال الذي يدفع آلاف السوريين إلى التدفق على أوروبا والذي يمنع أيضا وصول المساعدات الإنسانية إلى عشرات الآلاف الآخرين.
ويقولون إن الخطة تمثل أيضا فرصة للحفاظ على مسار سياسي.
ويصر مسؤولان يدعمان جهود كيري إنه لا يوجد بديل للعمل مع الروس في نهاية المطاف.
وقال فيليب جوردون مستشار البيت الأبيض السابق لشؤون الشرق الأوسط والذي يعمل الآن لدى مؤسسة مجلس العلاقات الخارجية البحثية «ثمة أسباب للتشكك كما هو الحال مع أي نهج في سورية لكن أولئك الذين ينتقدون هذه الخطة على أنها لا يمكن أن تنجح أو أنها معيبة لأسباب أخرى مثل العمل مع روسيا عليهم مسؤولية تقديم شيء أفضل أو أكثر فعالية».
ويرى منتقدو كيري إن الخطة بها عيوب ويرجع ذلك جزئيا لأنها على وضعها الحالي ستترك للروس وللنظام مطلق الحرية في استخدام القوات البرية ونيران المدفعية ضد الجماعات المعتدلة التي تحارب قوات الحكومة السورية.
يقول المنتقدون أيضا إن استهداف جبهة النصرة صعب لأن مقاتليها في بعض المناطق يمتزجون بمقاتلي جماعات معارضة أكثر اعتدالا.
وقال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه «هذا يؤكد مشكلتين أساسيتين يبدو أن كيري يتجاهلهما.. الأولى: هدف الروس في سورية لايزال إما إبقاء الأسد في السلطة أو إيجاد خليفة ما مقبول بالنسبة لهم.. والثاني: أثبت بوتين مرارا وتكرارا ليس فقط في سورية، أنه لا يمكن الوثوق به في احترام أي اتفاق يبرمه إذا قرر أنه لم يعد في مصلحة روسيا».
وخلال أيام هناك فرص لاجتماع كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في جنيف أو لاوس.
لكن حتى إذا تم إقرار هذه الخطة فإنها من غير المرجح أن تقدم إغاثة سريعة للمدنيين المحاصرين في الحرب الأهلية المستمرة منذ 5 سنوات والتي تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنها قتلت 400 ألف شخص.
وقال كيري للصحافيين أمس الأول إن الرئيس باراك أوباما «أذن وأمر بهذا المسار» وإن الخطة ستعتمد على خطوات محددة وليس على الثقة.
ولكن حتى كيري امتنع عن التعبير عن التفاؤل وقال بدلا من ذلك إن تلك المحاولة تظهر «قدرا من التبشير بالخير».
وذكر ديبلوماسي أوروبي أن كيري ولافروف اتفقا على صياغة خارطة تبين مواقع نشاط جبهة النصرة.
وقال الديبلوماسي لـ «رويترز»: «سيقرر الجانبان عندئذ من خلال التحليل المشترك من المستهدف.. من خلال وضع الولايات المتحدة في غرفة التخطيط نفسها على موسكو حينها ضمان أن طائرات الأسد أوقفت القصف».
وأضاف الديبلوماسي: «انه متفائل بطريقة كيري لكن الشيطان يكمن في التفاصيل وأنهم غير مقتنعين بأن موسكو جادة».
من ناحيته، قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون إن لدى الولايات المتحدة وروسيا تفاهما للحد من خطر تدخل الطائرات أو تصادمها مع بعضها البعض وإن البريطانيين أحيطوا علما بذلك التفاهم.
وقال فالون خلال مناسبة في واشنطن: «لكن ذلك لا يمتد بالتأكيد إلى أي تعاون بشأن الاستهداف ونحن لن نرحب بذلك».
ويشعر كثير من المسؤولين الأميركيين بالقلق من أن تبادل معلومات المخابرات مع روسيا يهدد بخطر كشف مصادر المخابرات الأميركية وأساليبها وقدراتها.
وهنا يقول أندريه كليموف نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس الأعلى للبرلمان الروسي إنه حتى إذا تم الاتفاق على الخطة فإنها ستكون لفترة قصيرة فقط حتى تتولى الإدارة الأميركية الجديدة زمام الأمور.
وتنتهي فترة رئاسة أوباما في يناير المقبل.
وعقب اجتماع مع بوتين الأسبوع الماضي عبر كيري عن قلقه إزاء القصف العشوائي من قبل القوات السورية لكنه لم يذكر الانتهاكات الروسية لاتفاق وقف الأعمال القتالية على الرغم من أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.آيه) أشارت إلى تلك الانتهاكات علنا.
وقال المسؤول الأميركي الثاني: «ما يلفت النظر ليس ما قاله كيري لكن ما أخفق في قوله»، مضيفا ان كيري استبعد: «حقائق مزعجة» بشأن الانتهاكات الروسية.
أما المعارضة السورية، فقالت إنها تشعر بقلق بشأن ما إذا كانت روسيا يمكن أن تنجح في منع النظام السوري من استخدام قواته الجوية.
وقالت بسمة قضماني عضو الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية الرئيسية، لـ «رويترز» في واشنطن الأسبوع الماضي «وضعت إدارة (أوباما) رهانها على التعاون بحسن نية مع الروس بنتائج مخيبة للآمال حتى الآن».