عبدالحميد الخطيب
ليلة اخرى هي قبل الاخيرة من ايام مهرجان الخرافي الخامس للابداع المسرحي والتي عرض بها مسرحية «خارج المنافسة» حيث يفتح الستار على احد الاشخاص وهو نائم ويبدو عليه انه يعيش حلما مزعجا لكثرة تقلبه وبالفعل يتحول المسرح الى حلم بعد دخول استعراضات اوروبية لمجموعة من الممثلين بأزياء مختلفة حيث نجد هذا الشخص النائم قد صحا ووقف بينهم وسألهم هل انا احلم؟ فيخرج له احد الاشخاص الذي يجيبه: نعم انت في حلم فيتعجب ويقول كل يوم احلم احلاما رومانسية واخرى واقعية لكن مثل هذا الحلم الغريب لم يمر بي ابدا، ويستغرب من الموجودين معه في الحلم ويسأل عنهم فيقولون له: نحن اناس ليس لنا احلام ونتمنى ان تعطينا انت شهادة خبرة في الاحلام.
فيتعجب من كلامهم ويحاول فهم ما يجري حوله ويقول لماذا هذا الحلم المزعج وانا ليس لدي اي مشكلات او ازمات؟ وكذلك انا واقعي ولست حالما كغيري، ويتدخل احد الاشخاص ليقطع عنه تفكيره فيسأله الا تحب ان تكون وزيرا؟ فيعترض ويقول: لا اريد ان اكون وزيرا فيكفيني ما انا فيه من أمور شائكة، فيسألونه ما هي هذه الامور الشائكة؟ فيقص لهم قصته التي بدأت منذ محاولته اخذ قرض من البنك وذهابه الى المقاول الذي يتولى بناء بيته ثم المخفر ثم المحكمة حتى وصل الى لجنة الديون وما تبع هذا التنقل من احداث مختلفة مر بها هذا الشخص الذي يحاول بكل طريقة ان يعيش حياته بعيدا عن المساءلات والمطالبات لدرجة انه يفكر ان يرشح نفسه في الانتخابات ويحدد لنفسه جدولا انتخابيا حيث يقدم شكره لكل من يقف بجانبه ويساعده للوصول الى المجلس معتبرا ان ترشيحه من اجلهم واعدا اياهم بكل شيء جيد. هنا يتحول الحلم الى كابوس وتظهر امامه المعوقات الكثيرة فيعلم ان الغرض من هذا الحلم هو تنبيهه الى ان يحقق احلامه ولكن بشروط المشاركين معه في حلمه فيرفض مطالبا اياهم بان يتركوا له حق الحلم دونما تدخل من احد راجيا الناس بان يستفيقوا من غفلتهم ويبتعدوا عن الحسد والحقد والاشاعات وان يصحوا من احلامهم حتى لا تتحول الى كوابيس واستغرب عن احتياج الناس لكتب لتفسير الاحلام حيث طالبهم بان يقرأوا في كتب تفسير الآلام التي تظهر لهم واقعهم ومدى التأخر الذي جعلنا كلنا بالقاع، تنتهي المسرحية بتقلب هذا الشخص على السرير ويستفيق للحظات ثم يعود مرة اخرى لنومه العميق.
حقيقة الحلم
العرض جاء متناسقا وقويا وممتلئا بالاحداث والخط الدرامي سلسا وبسيطا رغم كثرة التنقلات الحوارية داخل هذا الحلم وحتى في استرجاع لحظة ماضية كانت بديعة من فريق العمل ووضح التحكم الكبير في مجريات الامور والممثلين من قبل المخرج عبدالعزيز الصايغ الذي اعطى رؤية واقعية لمشاكل يعيشها من خلال هذا الحلم البسيط، كما استطاع توظيف امكانات الممثلين بطريقة احترافية واضحة وساعده في ذلك النص الذي بدت عليه السلاسة وعدم الاستهتار بعقلية الجمهور، وهذا ما وضح من المتابعة الحثيثة لكل المتغيرات الدرامية التي تحيط ببطل المسرحية ولا ننكر هنا هذا التفوق للفنان حمد بورسلي الذي بهر الجميع بهذا الاداء المتميز، خصوصا عندما جسد مشكلة لاحد المقيمين الهنود واداؤه في الاستعراضات كان عاليا جدا مع هذه المجموعات التي استطاع المخرج تحريكها بسهولة وكانت احد عوامل نجاح هذا العرض.
المؤتمر الصحافي
في نهاية عرض مسرحية «خارج المنافسة» عقدت اللجنة المنظمة مؤتمرا صحافيا بحضور المؤلف فيصل العبيد والمخرج عبدالعزيز الصايغ وبادارة الزميلة غادة عبدالمنعم، حيث استهل الكلام الزميل عبدالستار ناجي الذي اشار الى ان تجربة مسرحية «خارج المــــنافسة» كانت رائعة وناقشت مجموعة قضايا بطريقة واضحة ومميزة.
واضاف انه ليس عيبا ان يكون هناك واقع لنا جميعا ومشكلات نعيشها، مؤكدا ان عرض هذه الفكرة من خلال حلم اعـــطى هذا الاحساس بالحـــــــالة الانسانية التي اجاد المؤلف صياغتها، وكذلك المخرج امتلك القدرة على الرؤية التي نقلها لنا بصورة مبسطة وجميلة.
وألمح الى الدور الفاعل للازياء، حيث ان بدر المهنا كان موفقا في هذا الجانب، وكذلك الديكور والسرير المائل الذي يوحي بأن هناك مجتمعات مائلة ايضا، مشيرا الى ان الساحة الفنية الكويتية شهدت في هذا العرض مولد نجم جديد هو حمد بورسلي.
تناسق العرض
من جانبها اشارت الناقدة ليلى احمد الى انها استمتعت ولم تشعر بأي تشويش فكــــري، وذلك لتناسق العرض وبعده عن اللغط والاسقاطات المكررة.
واضافت انها كانت امام فكر يجسده الحوار الذي يعكس حياة الناس ومشاكلهم، واجاد المؤلف والمخرج في صياغة هذه الفكرة من خلال الحلم.
واستطردت قائلة: ان توظيف الاحداث والصراعات وحق الانسان ان يعيش دون أزمات كان موفقا.
واشادت بدور حمد بورسلي الذي تفوق على نفسه في ادائه لدور الهندي الذي يبحث عن حبيبته، حيث استطاع ان يتنقل داخل ثنايا النص بسهولة وتواجده كان بارزا.
وبدوره، أوضح الزميل فالح العنزي انه حاول ان يجد ثغرة بالمسرحية، لكنه لم ير الا عملا متكاملا في جميع جوانبه، وأثنى على استخدام كوميديا الموقف في العرض، وذلك لاحترام الجمهور وعقليته.
وأعرب عن سعادته بهذا المهرجان الذي يخرج دائما مواهب تدعم الساحة الفنية، مشيرا هنا الى حمد بورسلي الذي اعتبره نجم العمل، وذلك للتناسق والروعة في أدائه حيث وصفه بأنه مجموعة فنانين في فنان واحد.
أما الزميل عماد جمعة، فأكد ان اهم فوائد المهرجان هو اخراج مواهب شابة تكون مميزة وقدم شكره لمسرح الشباب الذي دائما ما يبرز ابناءه ويخرج شبابا لديهم حس فني عال، وألمح الى اشتراك فيصل العبيد في أكثر من عمل بالمهرجان، مؤكدا ان هذا دليل على كتاباته المميزة والتي تناسب المهرجانات الكويتية، وأشاد بدور المخرج عبدالعزيز الصايغ ورؤيته الاخراجية العالية واستخدامه الجيد لجميع امكانات العمل المسرحي، وتطرق الى انه أعجب جدا بحركة الاسترجاع التي أجاد المخرج في توظيف مجموعة العرض لتنفذها بصورة راقية وعالية جـــدا.
سنة ونصف
من جانبه، تقدم المؤلف فيصل العبيد بشكره لمهرجان الخرافي، وكذلك لمسرح الشباب وجميع العاملين فيه لدعمهم له وللمشاركين في المسرحية.
وأشار الى ان النــــص مكتوب منذ اكــــثر من سنة ونصف السنة، وتــــم هدمه حيث بدأ في تغييره هو والمخرج عبدالعـــــزيز الصايغ، ومن ثم عمل ورشة مطولة لمجموعة العمل، وبالفعل كانت قضيته تحتاج الى معاشرة يومية حتى يصل جميع المشاركين الى فهم صحيح لهذا النص والذي حاول بكل الطرق ان يحافظ على فكرته وذلك لنقلها للجمهور في سياق درامي بسيط.
واستطرد قائلا: انهم لم يتوقعوا هذا النجاح الكبير ورحب بكل من ينتقده لأن هذا سيدفعه لتصحيح اخطائه.
بدوره، أشار المخرج عبدالعزيز الصايغ الى انه لا ينسى وقوف الجميع في مسرح الشباب وراء هذا العرض، وتمنى ان يقدم كل ما يسعد الجمهور من اعمال هادفة.
الجدير بالذكر ان مسرحية خارج المنافسة من بطولة حمد العماني وعبدالله البدر وحمد بورسلي ونواف الحرز وحسين عبادي ومن تأليف فيصل العبيد واخراج عبدالعزيز الصايغ.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )