- أحلام حسن قدمت في المسرحية واحداً من أجمل أدوارها .. وفاطمة الصفي نجحت في استغلال طبقاتها الصوتية من خلال أداء متميز .. وجسد علي الحسيني شخصية الزير سالم بشكل جيد
مفرح الشمري mefrehs@
قدمت فرقة المسرح الشعبي مساء امس الاول على خشبة مسرح الدسمة سابع عروض المسابقة الرسمية لمهرجان الكويت المسرحي بدورته الرابعة عشرة وهي مسرحية «من منهم هو» تأليف أحمد العوضي وإخراج خالد أمين وبطولة كل من أحلام حسن وفاطمة الصفي وعلي الحسيني وبدر البناي وحسين الحداد بالاضافة الى احمد العوضي، ديكور عبدالله غضنفري وأزياء ابتسام الحمادي وموسيقى عبدالحميد الصقر وإضاءة بدر المعتوق.
قبل بداية العرض أراد المخرج أن يدخل الجمهور المتواجد في الصالة في اللعبة المسرحية المقبل على مشاهدتها من خلال أصوات وهمهمات وموسيقى لننتبه إلى براعة المشهد الاستهلالي أمام سينوغرافيا تشكل عدة مستويات وغرف مكشوفة تتدلى منها السلاسل الحديدية والاكسسوارات التي تشي بأجواء من الرعب وتصيب النفس بحالة من الخوف والتربص، ومع الموسيقى الهادرة والإضاءة المتقلبة تتحرك ثلاث جثث تقبع في أرضية الغرف الثلاث وهم داخل ملاءات بيضاء يصارعن للخروج منها وكأننا أمام حالة مخاض لميلاد جديد لشخصيات المسرحية لتخرج في النهاية الشخصيات الثلاثة وسط فضاء مسرحي مبهر والتي تم استدعاؤها من حضارات مختلفة فالأولى هي ميديا «أحلام حسن» ابنة ايزيس التي تمثل الدراما اليونانية ثم الزير سالم «علي الحسيني» من التراث العربي والثالثة هي الليدي ماكبث «فاطمة الصفي» من الحضارة الغربية وهي شخصيات شهيرة في تاريخ الدراما، فميديا امرأة عانت من الخيانة وقتلت أخاها من اجل زوجها فهي حانقة ومتنمرة وتشتعل فيها غريزة الانتقام والثانية الليدي ماكبث التي تستهويها شهوة السلطة وفي سبيل الوصول اليها تحلل لنفسها كل شيء حتى القتل ثم الزير سالم الذي تحركه غريزة الانتقام للثأر لمقتل أخيه بسهم في ظهره، فالثلاثة دمويون وتسيطر عليهم رغبات شريرة وتجمعهم غريزة الانتقام ويستغل الشيطان «أحمد العوضي» هذه الرغبات الانتقامية ليشعلها اكثر فينزل من المستوى الاعلى في السينوغرافيا ويهبط عليهم ليوسوس لهم ويدعوهم لتجسيد حكاياتهم في لعبة مسرحية يشترك هو فيها ليصلوا في نهاية المطاف الى حالة من الندم على ما ارتكبوه.
نستطيع أن نقول إن الاداء التمثيلي هو البطل في هذا العرض، حيث قدمت أحلام حسن واحدا من اجمل أدوارها بعد أن تعايشت مع الشخصية وتقمصتها باقتدار وبراعة، كما نجحت فاطمة الصفي التي غابت كثيرا عن المشاركة في المهرجانات المسرحية وانشغلت بالتلفزيون في استغلال طبقاتها الصوتية من خلال أداء متميز وقدم علي الحسيني دوره بشكل جيد ونجح في إثارة مشاعرنا وكان المؤلف الممثل احمد العوضي هو مفاجأة العرض من خلال أداء دور الشيطان ومشاركته في تجسيد الشخصيات بقدرة تؤكد أننا أمام ممثل جيد يمتلك أدواته التعبيرية فقد تنقل بين الشخصيات التي قدمها بسلاسة ويسر ودون تكلف وتعايش معها وتميز فيها، ولعبت -الموسيقى دورا أساسيا في المسرحية وكانت من أهم العناصر خاصة دقات الطبول التي كانت تشعرنا بأجواء الحرب والدم والرعب، ووظفت والإضاءة بشكل صحيح وكانت من العناصر المساعدة في تقديم رؤية بصرية جمالية وكذلك الأزياء التي كانت مناسبة للشخصيات التي استدعاها المؤلف العوضي في نصه المسرحي.
ولم يعب العرض المسرحي الا شيء واحد فقط وهو عدم اتقان التشكيل اللغوي في الحوارات الامر الذي وصفه بعض الحضور لـ «الأنباء» بالخسارة لأنه من العروض المميزة في المهرجان، ولكن كما قالوا «الحلو ما يكمل».
عمر الجاسر: اطلقوا على فرقتي «الفرقة المشردة».. وأعمالنا الكوميدية الحالية «استنساخ مشوه» من «طاش»
أشاد المخرج السعودي عمر الجاسر عضو مجلس ادارة جمعية المنتجين السعودية ورئيس لجنة المسرح والسينما بانشطة مهرجان الكويت المسرحي قائلا، خلال استضافته في المركز الاعلامي من خلال مؤتمر صحافي اداره الزميل فادي عبدالله، عن الانشطة المسرحية في هذه الدورة: اتمنى من اللجنة المنظمة للمهرجان التي تتمثل في المجلس الوطني ان يتم استنساخ الاعمال المتميزة في المهرجان وتوزيعها على الملاحق الثقافية التابعة للسفارات على مختلف الدول وايضا في الجامعات عبر الطلبة الكويتيين ليرى الجميع آخر النتاجات المسرحية وهذا امر يجب الا يهدر والاكتفاء فقط بالتغطيات الاعلامية.
وحول وجوده في المسرح، قال: بعد دخولي الى عالم المسرح الجامعي الذي اثرى تجربتي في الاعمال التي اقدمها قررت ان انشئ فرقة مسرحية وواجهت المنع من البعض وانتظرت الى ان قابلت المرحوم الامير فيصل بن فهد ولم «يقصر معنا» ويسر لنا كل شيء وتم انشاء الفرقة وكان هناك استهجان من بعض الجهات الذين اطلقوا علينا عدة صفات والتهم جزافا وقالوا اننا نتبع فكرا معينا او حزبا واتجاها ورغم ذلك فقد عملنا وحصلنا على جوائز عديدة وبقينا على ذلك الحال لعدة سنوات حتى المرحلة الحالية، حيث نجد في كل مكان بالمملكة فرقة مسرحية، قبل ان يضيف: انا كفنان حر اخاطب الجميع ولايوجد روتين في ذلك بحيث يكون خطابي مع المناصب وحصل ذلك عندما قمت بعمل مسرحي تحت عنوان «زارع الشوك» وهو توثيقي تاريخي واتهموني بانني اعمل مسرحا سياسيا وهو امر ممنوع وقابلت بعدها المغفور له الامير نايف بن عبدالعزيز ووجدت منه القبول والاشادة وان امضي في عملي، وغير ذلك وجدت من ولاة الامر كل الدعم والاهتمام ولكن المشكلة الحقيقية هي من قبل بعض القيادات الثقافية التي يكون همها المنصب والكرسي.
وتابع في حديثه عن المسرح السعودي: مشكلتنا في المملكة انه لا توجد عندنا استمرارية في المسرح وتذهب الجهود التي تبذل من اجل ثلاثة ايام فقط، ولذلك بذلت ما في وسعى حتى اقدم اكثر ووصل الامر لان قدمت 300 عرض وتنقلت مع فرقتي على جميع المناطق ولذلك اطلقوا علينا اسم «الفرقة المشردة».
وعن الاعمال الدرامية والكوميدية السعودية، قال عنها: بعض الاعمال الدرامية التي تقدم اصبحت تتحدث بلغة الشارع وتركز على السلبيات اكثر من الايجابيات واظهار المرأة بصورة مختلفة وانها مضطهدة وتكون بصورة غير حقيقية، واما الاعمال الكوميدية فقد اصبحت مستنسخة من «طاش ماطاش»، ومع ذلك نرى استنساخا مشوها.
حسن عطية في الحلقة النقاشية: العرض مبهر لكن التغير الذي حدث للشخصيات غير مبرر
شهدت قاعة الندوات بمسرح الدسمة الندوة التطبيقية لعرض «من فيهم هو» بمشاركة المؤلف أحمد العوضي والمخرج خالد أمين وكان د.حسن عطية هو المعقب الرئيسي عليها وأدارها د.سعيد الناجي. وأشار د.عطية في بداية تعقيبه الى أن المسرح حوار داخلي في النص بين القيم والافكار ومفردات العرض المختلفة والجمهور، مؤكدا أن العرض جميل ومبهر ويطرح الكثير من الافكار والقضايا على فضاء المتلقي، لافتا الى أنه كان لديه شيطانان، الاول يقول له إن فريق العمل اشتغل شهورا وبذل جهودا كبيرة، ولذلك يجب تحيتهم لأن رسالتهم وصلتنا وأبهرتنا، أما الشيطان الثاني فطالبه بالحيادية وتقديم رؤية نقدية متكاملة، وتابع: لكن الشيطان الأول هو الذي انتصر.
ولفت عطية الى أن اللغة الملقاة على المسرح مهمة جدا ليست في النطق فقط، ولكن أيضا في الكتابة ضاربا المثل ببعض الاخطاء مثل «لو دامت لغيرك ما اتصلت اليك» والصحيح «ما وصلت اليك»، مختتما كلامه بأن العرض مبهر لكن التغير الذي حدث للشخصيات غير مبرر، وكان لابد أن يوجه العرض لجمهور يعرف تاريخ السير والدراما للشخصيات لكي يستمتع بها.
وفي نهاية الندوة رد المؤلف أحمد العوضي شاكرا الجميع على ملاحظاتهم، موضحا أنه ليس من العيب أنه استدعى شخصيات معروفة لتوصيل فكرته وقال: أخرجت الشخصيات الثلاث من نصوصهم الاصلية وجردتهم منها وأدخلتهم في عالمي الخاص.
كما قال المخرج خالد أمين: سعيت لاستعادة جمهور المسرح النوعي وما قدمناه هو تجربة مهمة، مؤكدا أنه اعتمد على الاشتغال بعناصر السينوغرافيا في العرض والتي كانت كلها لخدمة الممثل.