مفرح الشمري
تواصلت عروض المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح الخليجي العاشر على خشبة مسرح الدسمة الذي شهد مساء اول من امس العرض الخاص للمملكة العربية السعودية بعنوان «موت المؤلف» وقد اعتمدت فكرة المسرحية على صياغة حوار بين الماضي والحاضر عبر رؤية فلسفية لجأ اليها مؤلفها سامي الجمعان ليطرح سؤالا مهما فحواه: هل لاتزال الشخصيات التي ابتكرها كبار مؤلفينا المسرحيين في نصوصهم الشهيرة مثل سعد الله ونوس ذات قيمة حتى الآن؟ وهل لاتزال هذه النصوص وشخصياتها ماثلة بيننا؟
فقد استحضر المؤلف اشهر الشخصيات التي رسمها المسرحي الراحل سعد الله ونوس في مسرحياته مثل «حنظلة» و«بائع الدبس» و«حلاق المدينة» و«الحكواتي» على قبر الراحل ونوس متخفين ليرثوه ويعلنوا حزنهم الشديد على رحيله بعد ان عانوا انواع العذاب والاضطهاد من سلطاتهم، ولأن هذه الشخصيات جاءت من مدينة النص، هذه المدينة التي ليس لها مكان في جغرافيا الواقع، وتمثل عالم وفكر الراحل ونوس، تقع هذه الشخصيات في قبضة الشرطي بعد قرارها ان تحيا في واقع ملموس شخصياته حية وواقعية ليواجهوا جميعا المحاكمة على جملة من التهم التي الصقت بهم كالارهاب والتخريب وغيرهما، فتحاول كل شخصية التعريف بنفسها الا ان المحقق معها يبرهن على جهله بالتاريخ والثقافة والمسرح والكاتب، ويبدي ـ وهو الذي يمثل السلطة المعاصرة ـ سخريته واستياءه من هذه الشخصيات، و«يتطنز» على لباسهم التراثي وثقافتهم البالية في زمن العصرنة والتحضر ليظهر للمتلقي على خشبة المسرح الصراع غير المتكافئ الذي يزيد الطين بلة في مأساة واقعنا الثقافي.
الإخراج والسينوغرافيا
الرؤية الاخراجية التي تصدى لها المخرج باسل الهلالي تستحق التقدير والاحترام، حيث استطاع تفسير ما يريده النص بصورة جميلة.
وقد اعتمد الهلالي اشارات سينوغرافية بسيطة تنتمي الى المسرح الفقير، لكنها باهرة وغنية بالدلالات التي تسبر اغوار النص الادبي وتحكي ما لم تقله الحوارات الادبية مثل «الفانوس» القديم الذي علق في حبل المشنقة في دلالة على اعدام الثقافة والتنوير، كما قدم المخرج «الشموع» في فعل درامي معبر، حملتها شخوص سعد الله ونوس واتجهت للصالة في دلالة على انها لاتزال تنير لنا الطريق في زمن الظلم والجهل.
النص مسرحي فلسفي من تأليف سامي الجمعان واخراج باسل الهلالي، وجسد شخوصه كل من عبدالله المجحم وابراهيم الحساوي وراشد الورثان وابراهيم الخميس وسلطان النوة وماجد النويس وميثم الرزق وعبدالكريم الموس وخالد خليفة.
الصفحات الفنية في ملف ( pdf )