- «عرب حاتم» يجسّد كل سوري على هذه الأرض التي عانت ومازالت تعاني
دمشق - هدى العبود
تتأهب دور السينما السورية لعرض فيلم «رد القضاء» للمخرج العالمي نجدت أنزور، الذي سبق أن كان له عدة أفلام سينمائية جسدت الإرهاب بعد فيلم «فانية وتتبدد»، واليوم يقدم لنا في عمله الجديد حقيقة «حصار سجن حلب الذي بقي عامين كاملين»، ترى ماذا جرى من أحداث في داخل هذا السجن؟
«الأنباء» التقت الفنان لجين إسماعيل احد أبطال الفيلم، وتناقشنا معه حول العديد من النقاط المهمة،
فإلى التفاصيل:
«رد القضاء» ماذا قدم لك كفنان؟
٭ قدم لي الكثير على الصعيد الفيزيولجي والنفسي، وأضاف لي الخبرة التي يرنو إليها أي فنان، لأن العمل قام على تكنيك محدد هذا من حيث الشق الفني.
لاحظنا ان أغلب الفنانين كانوا من الجيل الجديد..
كيف انتقى المخرج العالمي أبطال العمل وعددهم 90 فنانا و900 كومبارس؟
٭ سؤال يستحق الوقوف عنده، قد لا تصدقون، فنان عالمي لم ينقطع عن المعهد العالي للفنون المسرحية يراقب المواهب ويزورنا ويزودنا بملاحظاته، انه مهووس بفن سوري راق، على خلاف المخرجين وبعض الفنانين الذين هاجروا منذ بداية الحرب مع الأسف، أنزور انتقى الكاست الخاص بالفيلم بروية ودراسة وبحث، درس نفسية كل فنان من حيث المنشأ وما جرى بقريته أو مدينته من مجازر الإرهابيين التي فاقت الخيال، وأعطى فرصة لكل من اختاره أن يقدم الأفضل، وكان الباب مفتوحا لإجراء اختبار لأي فنان أحب العمل مع المخرج أنزور بهذا الفيلم العالمي الضخم.
لاحظنا ان الفيلم حسم موضوع اللهجة بالمدن والقرى السورية.. كيف تفسر لنا ذلك؟
٭ في بداية الأمر تدربت على اللهجة الحلبية وأجريت «تيست» واللهجة الساحلية، وهناك دراسة تقنية فنية ترى هل هذا الممثل يستطيع أن يجيد لهجة هذا الجندي أو الضابط الذي قدم روحه أو استشهد، أو عاد لأهله سليما، يحكي لهم ما جرى وما شاهد خلال عامين من الحصار.
ترى هل الموهبة الفنية كانت وراء اختيارك أم اللهجة التي أتقنتها لأنك ابن البيئة التي ولدت فيها، وكنت شهيدا في نهاية الفيلم؟
أم أن هناك رمزية لاستشهاد الآلاف من أبناء تلك المدن التي تتربع على مساحة سورية؟
٭ البطولة جماعية، 90 بطلا، هذا العدد الكبير جسد سورية بحدودها وقراها، وحتى أصغر قرية نائية فيها، وهنا تقع الأمانة الكاملة للفيلم، إضافة للشق الدرامي والحبكة بالنسبة لما جرى في السجن وكل ما قدمناه «حقيقة» وهذا ما دار بسجن حلب على مدى عامين.
التصوير كان بمدينة داريا القريبة من العاصمة دمشق وهنا الخطر؟
٭ فعلا، وهنا كان مكمن الصعوبات بالنسبة للتصوير، وكان المسلحون على بعد أمتار قليلة منا من الجهة الغربية، تصوري على بعد 200 متر فقط، تخيلي كنا نسمع أصواتهم، والتصوير كان صيف 2016، والصعوبة الكبيرة هي بتواجد هذا العدد الكبير من الفنانين، وهنا تكمن جمالية العمل، كل فنان يتأخر ولو دقيقة كان يدرك انه ملوم، فالمكان محفوف بالخطر، وقد تحدث اشتباكات في أي لحظة، أو يخصنا الإرهابيون بقذيفة، لذلك كان المخرج حاذقا وحاسما بالنسبة لأي فنان، إضافة إلى أن الكاست كان متعاونا ومدركا لما يحدث حوله، فالموضوع هناك حياة أو موت.
حدثنا عن دورك وكيف أتقنته بهذا الشكل، وأنت مازلت في بداية الطريق؟
٭ بداية فوجئت بإسناد هذا الدور لي، وأنا شخصيا لم أغادر سورية وخريج جديد، وعلى علم بأغلب الأحداث التي مرت على سورية، لكن عندما قرأت النص شعرت بالرعب لأن ما قرأته مرعب، أهذا ما يحدث؟
وفعلا حدث وأكثر مما قدمناه، وأدعو أي عربي الى أن يشاهد هذا الفيلم الواقعي بتفاصيله، لأن السوريين يترقبون هذه الايام وسيعرض بكل دور السينما السورية نظرا لأهميته، لذلك عدت إلى الإعلام وبحثت عن أناس كانوا محاصرين، وكان قريبي محاصرا داخل السجن، إضافة إلى صديق تربطني به علاقة وطيدة ولازال يعمل بحلب وبنفس المكان، وفوجئت بأن الأحداث كانت أكثر دموية وقسوة مما عرض، إضافة إلى دور «جعفر» الذي لبسني، وكأنني كنت هناك، حيث الموت الذي يدق أبواب السجن ومن يعيش بداخله.
لماذا جعفر «الفنان لجين» هو الذي يدخل سجن النساء دون غيره؟
٭ الكل يعلم أن هناك سجناء قضوا ما يقارب 15عاما وأكثر، ومنهم من حكم عليه بالمؤبد لأنه ارتكب جرائم قتل أو مخدرات وما شابه، وهناك سجناء كذلك حكم على بعضهم بالمؤبد لقيامهم بأفعال جنائية، وكنت أمينا عليهم واحترمهم واحترم آدميتهم، من هنا أوكلت المهمة لي، وفعلا من جسدت دوره كان مثاليا أخلاقيا، أحبه جميع من كان بالسجن، وهناك سجينة كانت تحب وتعشق «جعفر» لدرجة أنها تخلت عن ملابسها على الرغم من شدة البرد والجوع والمرض الذي كانت تعاني منه هي وجميع من كان بالسجن، وصنعت لي كفوفا صوفية تقيني البرد، ومن هنا شعرت بشيء من العاطفة تجاهها، وعندما استشهدت كانت حزينة، ولن أزيد أرجوكم احضروا الفيلم.
علينا تحمل الظروف الصعبة
عند سؤالنا للفنان لجين عن أجره كفنان وهل هو راض عنه، أجاب: «سورية تمر بمخاض عسير»، وعلينا أن نتحمل ضمن هذه الظروف الصعبة، لأننا إذا فكرنا بالأجر فلن يتم إنتاج فني، وبالنهاية الحمد لله، وأريد أن أقول من خلال «الأنباء» التي نكن لها كل الاحترام، إن فيلم «رد القضاء» أضاء من خلال أحداثه على ما يحدث في سورية من إرهاب ولازال البطل الحقيقي على قيد الحياة يعاني الشلل الرباعي واسمه «حاتم عرب» من قرية الزارة بريف مدينة حمص، حيث أعدم الإرهابيون عائلته بالكامل، وقتلوا خطيبته رميا بالرصاص، والطبيب جمال كذلك لازال على قيد الحياة يعمل بمشافي حمص.