صرحت رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة ادفانتج للاستشارات الإدارية والاقتصادية صفاء الهاشم بشأن دور الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية في تنفيذ خطة التنمية قائلة: في تحول مفاجئ للأحداث، شهد السوق الكويتي اقتراحا من الشيخ أحمد الفهد يهدف إلى زيادة رأسمال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية من 2 مليار دينار إلى 10 مليارات دينار.
ويهدف الاقتراح الذي يخضع حاليا للتدقيق والبحث إلى دعم تنمية مشاريع البنية التحتية في خطة التنمية الخمسية بالكويت والتي تم وضعها أيضا من جانب الشيخ أحمد الفهد واعتمادها من مجلس الوزراء.
ومن المقرر أن تبلغ تكاليف خطة التنمية التي بدأت في 2009 والمقرر استكمالها في 2014 بتكلفة تقارب الـ 30 مليار دينار يتم إنفاق 2 مليار دينار منها على القطاع الخاص بهدف تعزيز دور الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص والحد من اعتماد الدولة على القطاع النفطي.
مشاريع خطة التنمية
وتشمل مشاريع خطة التنمية: استثمارات لزيادة إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي، إيجاد حلول لمعوقات الرعاية السكنية المحلية، إعادة هيكلة المناهج الدراسية في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، إقامة مدن جديدة ومشاركة القطاع الخاص بناء على نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص (p.p.p.) في تمويل وتنفيذ خطة الإسكان المحلية، زيادة سعة الإشغال في مجالات الرعاية الصحية والتعاون مع القطاع الخاص في إعادة بناء المدارس.
وقالت ان الاقتراح يأتي ـ زيادة رأسمال الصندوق الكويتي للتنمية من 2 مليار دينار إلى 10 مليارات دينار ـ في خضم تنفيذ السنة الأولى من خطة التنمية بالكويت لإقراض رأس المال للشركات المشاركة في الخطة التنموية.
كما كان هناك اقتراح بزيادة رأسمال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية إلى 16 مليار دينار مقدم من العضو أحمد السعدون بنفس القصد ولكن مع اقتصار التمويل على الشركات المملوكة للدولة فقط.
وأكدت الهاشم قائلة: يتمثل السبب في كون هذا الاقتراح مفاجأة غير سارة في التأثير الضار لهذا الاقتراح على القطاع المصرفي للدولة في حالة تمريره في صورة قانون.
ومن خلال تثبيت الصندوق الكويتي للتنمية كجهة تقدم القروض المدعومة من الحكومة، من الممكن أن يصبح منافسا قويا للبنوك الكويتية الأمر الذي يمكن أن يبعد المستثمرين والمشاريع الجديدة عن البنوك الكويتية.
علاوة على ذلك، من الممكن أن يترتب على المبلغ الهائل لرأس المال الذي يقرضه قبل الصندوق الكويتي للتنمية إلى الشركات حرمان القطاع المصرفي من فرص إصدار قروض لتمويل الشركات المشاركة في خطة التنمية بالكويت وهذا بدوره يحرم البنوك من الفوائد التي كان يمكن أن يحصلوا عليها في حالة تقديمهم لهذه القروض.
التدقيق الصارم
الجدير بالملاحظة أنه على الرغم من وفرة السيولة لدى البنوك في الكويت ومقدرتهم على تمويل الخطة التنموية، إلا أن البنوك بحاجة إلى الاستمرار في إجراء التدقيق الصارم عند اعتماد القروض للمحافظة على مصداقيتها وسلامتها.
علاوة على ذلك، ومن خلال تنفيذ هذا الاقتراح، سوف يتمتع الصندوق الكويتي للتنمية بصلاحية غير منظمة على أمواله دون تدخل من جانب البنك المركزي الكويتي على الرغم من أنه سيقدم خدمات مصرفية لتلك المشاريع.
لا يستطيع البنك المركزي المراقبة والإشراف على أي من أنشطة الصندوق الكويتي للتنمية فيما يتعلق بأسعار الفائدة أو القرارات التي يتخذها بشأن هذه القروض.
وفيما يتعلق أيضا بالشروط الميسرة التي يجب على الصندوق الكويتي للتنمية الالتزام بها، سوف تكون أسعار الفائدة تحت ضغط سلبي بسبب فقدان البنك المركزي الكويتي احدى أهم وسائل التدخل لديه في سوق الادخار والمستهلكين.
بالإضافة إلى ذلك، ووفقا لما ذكرته العديد من المصادر المصرفية، فإن الصندوق الكويتي غير مؤهل للمهام المقترحة كما أن تنفيذها سيؤدي إلى خلق سوق ائتماني مواز غير خاضع لسيطرة أو رقابة البنك المركزي الكويتي.
كما تجدر الإشارة إلى أن هذا البنك السوبر سوف يسبب انحرافات في أسعار الفائدة ويقضي على المنافسة مما يؤدي إلى إصابة آلية تكافؤ الفرص بالشلل في القطاع المصرفي نتيجة لوجود قروض وتمويلات تجارية رخيصة (ميسرة).
وأضافت الهاشم: لم يكن الهدف من إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية تقديم القروض للشركات المحلية ولكن لتقديم المساعدات والقروض في دول العالم الثالث بالإضافة إلى تقديم التمويل إلى الوزارات الكويتية ومؤسسات الرعاية السكنية. وليس من المستغرب أن يلقى هذا الاقتراح شكوكا هائلة من جميع أركان السوق الكويتي من الاقتصاديين والمستثمرين وأصحاب الأعمال وحتى من القطاع المصرفي.
لطمة قاسية
ونظرا لهذا التأثير السلبي على القطاع المصرفي، ليس هناك أي شك في أن القطاع الخاص سوف يتعرض للطمة قاسية حيث ان القطاع المصرفي يشكل جزءا هاما من القطاع الخاص.
وتساءلت الهاشم قائلة: من المثير للاهتمام ملاحظة أنه بالرغم من إشارة الشيخ أحمد الفهد إلى أن خطته التنموية تركز على تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلا أن اقتراحه يبدو أنه يترك القطاع الخاص وحيدا في الظلام بينما يعطي مزيدا من القوة للقطاع العام. أليس من المفيد تشجيع البنوك على تكوين شراكات مالية مع الجهات الحكومية بدلا من منعها بشكل كامل؟
تجدر الإشارة إلى ملاحظة المفارقات المتعددة بين الخطة التنموية والاقتراح ذاته. لقد صادق مجلس الأمة على مبلغ 30 مليار دينار لخطة التنمية الخمسية الكاملة بالكويت، كما اعتمد مجلس الوزراء بتاريخ الثاني من فبراير 2010 مبلغ 4.78 مليارات دينار للمرحلة الأولى (2010- 2011) من خطة التنمية، ومع ذلك، أوضح الشيخ أحمد الفهد أن مجلس الوزراء سيسعى للوصول إلى مبلغ 7 مليارات دينار في المرحلة الأولى (2010 -2011)، وبمزيد من التدقيق، صرح وزير المالية بما يتناقض مع ما ذكره الشيخ أحمد الفهد سابقا بوصول الإنفاق للمرحلة الأولى إلى ما يقارب 16 مليار دينار. وهذا في حد ذاته يمثل فارقا في التوقعات بمبلغ 9 مليارات دينار، علاوة على ذلك، فقد تبلورت الخطة من جانب الشيخ أحمد الفهد وأقرها مجلس الأمة في أقل من عام وهذا يعد وقتا غير كاف لإجراء دراسات الجدوى المفصلة وتدقيق العناية الواجبة لمشروع بهذا الحجم. والآن ومع هذا الاقتراح بضخ رأس المال في الصندوق الكويتي للتنمية، هناك تخوف من أن ذلك سيؤدي إلى ضغط هائل على الاقتصاد حيث ان مبلغ 16 مليار دينار لعام واحد تعادل 50% من الناتج المحلي الإجمالي (السنة المنتهية 2009- 31.944 مليار دينار) مع أخذ الأسعار السوقية الحالية في الاعتبار.
إنشاء كيان مستقل
ومن خلال النظر إلى كل هذه العوامل والانتقادات المتعددة من مختلف قطاعات السوق الكويتي، فمن الواضح تماما أن اقتراح زيادة رأسمال الصندوق الكويتي للتنمية لتمويل تنفيذ الخطة التنموية بالكويت غير سليم ومضر بالاقتصاد بشكل كامل. يتمثل الأسلوب الأكثر منطقية، والذي تدعمه الدراسات والأبحاث المكثفة، في إنشاء كيان مستقل يقوم بالإشراف على تنفيذ الخطة التنموية وتوفير التمويل وإيجاد الموارد اللازمة من القطاعين العام (الوزارات والمؤسسات الاستثمارية) والخاص (البنوك والمؤسسات الاستثمارية). سيؤدي ذلك إلى تشجيع المشاركات الصحية غير المتحيزة وطويلة الأمد بين القطاعين العام والخاص وضمان التنفيذ الفعال والملائم لـ «الخطة التنموية».