- يمكن دمج بعض الشركات المتشابهة في النشاط وجعلها إدارات تابعة لكيان أقوى
- اختلاف نسبة الملكيات في المجاميع وانعدام وجود رؤية مهنية فنية موحدة أهم عوائق الدمج
منى الدغيمي
على الرغم من الأزمة الحادة التي تعاني منها أغلب المجاميع الاستثمارية الكبيرة في السوق، إلا انها لم تتخذ أي إجراءات من شأنها تقليل تداعيات تلك الأزمة عليها والتي من أهمها القيام بعمليات دمج للشركات المتشابهة في الأنشطة لاسيما ان كل مجموعة استثمارية تضم تحت لوائها شركتين على الأقل في كل قطاع.
وباستثناء عملية الدمج التي تقوم بها بعض الشركات التابعة لمجموعة إيفا، فإن المجاميع الأخرى لم تقم بأي عمليات دمج، باعتبار ان فوائد عمليات الدمج احدى الوسائل التي يجب على المجاميع الاستثمارية القيام بها.
«الأنباء» قامت باستطلاع آراء مجموعة من خبراء الاقتصاد والمسؤولين في بعض الشركات لمعرفة المعوقات التي تقف وراء ذلك وأيضا الإيجابيات التي يمكن أن تحققها المجاميع الاستثمارية من دمج شركاتها المتشابهة، حيث أيد أغلب الاقتصاديين مبدأ الاندماج بين الشركات المتشابهة التابعة للمجاميع الاستثمارية، كما اجمعوا على انه يصعب التطبيق في ظل تعدد الملكيات وتفاوت نسبة الملكية وتضارب المصالح واختلاف الرؤى بشأن أوضاع السوق.
وكشف بعضهم ان الدمج مرغوب فيه ولكن من طرف هذه المجاميع نظريا ومرفوض من حيث التطبيق لأن البيئة الاقتصادية والتشريعية تفتقر لحوافز تستقطب المجاميع نحو الاندماج واختياره كحل للخروج من عنق الزجاجة وهنا تكمن المفارقة، «الأنباء» استطلعت أكثر من رأي اقتصادي فأكدوا على نجاعة الاندماج وصعوبة تحقيقه.
في البداية عزا مصدر بنكي مسؤول عدم إقدام المجاميع الاستثمارية على دمج شركاتها المتشابهة رغم الأزمة المتفاقمة لدى جميع هذه المجاميع تجنبا لتحويل المديونية لإحدى شركاتها الى مديونية لكيان واحد، مشيرا الى ان هذا من شأنه أن يخلق صعوبات لدى هذه المجاميع في حل مشكلتها مع البنوك.
وأشار الى ان الصعوبة الثانية التي تعترض المجاميع تتمثل في التركز الائتماني، أي انه إذا تحولت هذه الشركات الى شركة واحدة فإنه لا يحق لها تجاوز النسبة التي حددها البنك المركزي في عملية الإقراض، لافتا الى ان هذا ما يزعج هذه المجاميع ويعزفها عن الاندماج.
وذكر ان المشكلة الثالثة التي ستواجه هذه الشركات في عملية دمج شركاتها المتشابهة تتمثل في مشكلة السيولة حيث سيكون من الصعب عليها إعادة جدولة ديونها وهيكلتها.
دراسة معمقة
من جهته، رأى أمين عام اتحاد الشركات الاستثمارية د.رمضان الشراح ان عملية دمج الشركات المتشابهة التابعة للمجاميع الاستثمارية من الأمور الصعبة وليس كما يتصور البعض انها هينة وشدد على ضرورة إجراء دراسة متعمقة لجدوى اندماج الشركات، مشيرا الى ان المجاميع الاستثمارية شبيهة بالشبكة العنكبوتية التي يصعب فصل الملكيات بعضها عن بعض أو توحيد وجهات النظر والتطلعات لكل مساهم.
وأضاف ان كل مساهم أو مشارك بنسبة معينة في هذه المجاميع لديه نسبة من التفاؤل وينتظر إمكانية تحسن الوضع العام أو حدوث أي طارئ من شأنه ان يعدل من نسق السوق.
وأضاف قائلا: انا من حيث المبدأ أدعم الاندماج لكن تبقى الصعوبة في عملية التطبيق.
وأفاد الشراح بأن عملية دمج بعض الشركات المتشابهة في النشاط أمر جيد ولكنه يحولها الى إدارات تابعة لكيان أقوى وأكثر فاعلية على مستوى السوق، وشدد على ضرورة دراسة عملية الدمج بشكل تقني وفني ومهني، لافتا الى ان كل شركة لها خصوصيتها.
الدمج ليس الهدف
من جانبه، قال نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة الاستشارات المالية الدولية «ايفا» صالح السلمي، ان الدمج ليس الهدف في الكثير من الأحيان لكن يمكن ان يكون جيدا لبعض المجاميع، مستدركا بأنه ليس بالضرورة ان تقوم كل مجموعة بالدمج، مشيرا الى ان الدمج يمكن ان يكون توفيرا للجهود لكن لمن توافرت له الظروف لذلك.
وأكد ان الدمج يتطلب الملاءة والتوقيت المناسب، لافتا الى ان فترة الرواج أهم فترة للدمج لتكون له نتائج إيجابية ولا ينعكس على المجموعة بالسلب.
وشدد على ان المشكلة الأساسية التي تعانيها المجاميع والشركات هي قطع الخطوط التمويلية ومتى ما تم حل هذا الإشكال فستغيب كل تداعيات الأزمة، مشيرا الى ان الدمج كآلية ليست حلا للأزمة.
هشاشة القطاع الاستثماري
بدوره أفاد رئيس تنفيذي لإحدى الشركات الاستثمارية والذي فضل عدم ذكر اسمه بأن المجاميع الاستثمارية المدرجة مازالت تعيش على أمل أن تتحسن الأوضاع بعد انطلاق الأزمة، لافتا الى انها في فترة خمول وفي انتظار وتردد، وهذه الحالة هي التي تسود جميع المجاميع التي تعاني أزمة وانعكست بالتالي على السوق وولدت هشاشة القطاع الاستثماري وقال انه من المفروض ان يتم تحويل الشركات الهشة الى إدارات وتنظيف السوق من الطفيليات ليستعيد نشاطه بأكسجين نقي خال من الجراثيم.
وأضاف ان المشكلة التي تعترض المجاميع في دمج شركاتها المتشابهة هي اختلاف نسبة الملكيات في هذه المجاميع وانعدام وجود رؤية مهنية فنية موحدة، مشيرا الى ان هذا الأمر لكي يتم يحتاج لتعزيز السلطة الأدبية لـ «المركزي» والبدء بالتشريعات اللازمة للاندماجات.
واضاف انه مادام الأمر بلا حوافز له سواء سلبية كانت أو إيجابية عن طريق تدخل الدولة لمساعدة هذه المجاميع واشتراطها الاندماج لتقديم هذه المساعدات، فإننا لن نرى عمليات اندماج في القريب العاجل.