قررت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوپيك) الإبقاء على مستوى انتاجها الحالي، تفاديا لتوجيه رسالة سلبية إلى الأسواق في ظل وجود مؤشرات على تعافي الاقتصاد العالمي من أسوأ موجة ركود يتعرض لها منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين، متوقعة ان يتعافى الطلب على الخام في وقت لاحق من العام ليدعم استقرار الاسعار، وقررت المنظمة في اجتماع لوزراء الدول الأعضاء في العاصمة النمساوية ڤيينا أمس عقد اجتماع آخر في 9 من سبتمبر المقبل.
وبررت المنظمة في بيان لها بعد انتهاء الاجتماع الطارئ للوزراء أمس هذا القرار بوجود وفرة في المعروض إضافة الى استمرار تداعيات الازمة المالية العالمية وانعكاساتها على الطلب على الخام خلال الربعين الثالث والرابع من العام الحالي.
وربط البيان الختامي الانتعاش النسبي الأخير في أسعار النفط بالتحسن النسبي في اداء الاقتصاد العالمي كما ربط وزراء نفط المنظمة هذا الانتعاش في سعر الخام بضعف إمكانات التكرير في الدول المستهلكة وبسبب المخاوف من تراجع الطلب العالمي على النفط خصوصا مع بدء فصل الربيع وكذلك في ظل بروز ركود اقتصادي لاسيما في الولايات المتحدة الامر الذي لا يشجع على الاقبال على شراء الخام.
واكد الأمين العام للمنظمة د.عبدالله البدري عقب اختتام الاجتماع ان السوق النفطي يشهد حاليا انتعاشا نسبيا وان المنظمة حريصة على عدم التأثير سلبا على نمو الاقتصاد العالمي، واثنى البدري على قرار المنظمة ووصفه بالصائب خصوصا في ظل الركود الاقتصادي العالمي وتداعياته على اسعار الخام.
هذا وقد بدأ وزراء النفط والطاقة في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوپيك) أعمال اجتماعهم الاستثنائي الـ 153 وسط توقعات بان يلقي الانتعاش النسبي لاسعار النفط في السوق العالمي بظلاله على اعمال المؤتمر الوزاري.
وقالت مصادر في سكرتارية المنظمة ان جدول اعمال المؤتمر يتضمن مسألة رئيسية واحدة تتمثل في تحديد سقف الإنتاج للربع الثالث من العام الحالي والنظر في أساسيات السوق من العرض والطلب ومدى التزام الدول الاعضاء بالحصص الانتاجية المقررة لها لاسيما قرار اجتماع الجزائر في ديسمبر العام الماضي والقاضي بتخفيض الانتاج بواقع 2.2 مليون برميل في اليوم.
وأضافت المصادر ان وزراء المنظمة سينظرون في مسألة ضمان الامدادات النفطية الى الأسواق العالمية بأسعار مناسبة فضلا عن توحيد وتنسيق السياسات النفطية بين الدول الاعضاء في المنظمة خلال المرحلة المقبلة.
وذكرت ان موضوع ابقاء سقف الانتاج عند مستوياته الحالية او تعديله لم يحسم بعد موضحة ان الغالبية داخل المنظمة تميل الى ابقاء السقف الحالي دون تعديل نظرا لقناعة المنظمة بان حالة الركود الاقتصادي العالمي التي يشهدها السوق العالمي لا تسمح للمنظمة بتعديل سقف انتاجها في الوقت الراهن.
من جهة أخري قال مندوبون في «أوپيك» قبل قرار التثبيت إن المنظمة قد تشدد على التزام الدول الأعضاء بحصص الانتاج المتفق عليها ولكن لن تغير على الأرجح مستويات الانتاج المستهدفة، وأوضح أحد المندوبين «اعتقد أنه سيتم مد العمل» بالحصص المقررة. لكنه أضاف قائلا «سيكون هناك ضغط من أجل الالتزام. ومع ارتفاع الأسعار الآن فمن المرجح أن يقبل المنتجون على زيادة الانتاج وقد يكون لهذا تأثير سلبي على الأسعار ولذا سيكون هناك تركيز على الالتزام». وكان وزير البترول السعودي علي النعيمي وآخرون من وزراء «أوپيك» قد قالوا ايضا إن المنظمة ستلتزم بسياسة الانتاج الحالية، وتكهن كثيرون بأن المناقشات ستكون قصيرة نسبيا نظرا لأن ارتفاع أسعار النفط ساعد على رأب كثير من الانقسامات داخل «أوپيك».
واعترف النعيمي بان ارتفاع الاسعار الى حوالى ستين دولارا للبرميل الواحد «مؤشر تفاؤل» بانتعاش اقتصادي عالمي، مضيفا ان «السوق ليس متوازنا حاليا»، مشيرا خصوصا الى انتعاش الطلب على الخام في آسيا.
من جهته قال وزير الطاقة الإماراتي محمد الهاملي أنه يرى أن السوق متخم الآن، لكنه لم يدع إلى خفض الانتاج، وصرح للصحافيين قائلا «بالتأكيد أن السوق متخم بالنفط، وعلينا أن ندرس الأرقام».
هذا وقد قال مندوب إن «أوپيك» ستعقد اجتماعا استثنائيا في 17 ديسمبر بعد اجتماعها المقرر التالي في التاسع من سبتمبر، وسيكون اجتماع سبتمبر في مقر المنظمة في ڤيينا بينما سيعقد اجتماع ديسمبر في انجولا الرئيس الحالي لـ «أوپيك».
تجدر الاشارة الى أنه منذ سبتمبر الماضي قررت «أوپيك» سحب 4.2 ملايين برميل في اليوم من السوق لوقف تراجع أسعار النفط التي وصلت الى حوالي 32.40 دولارا في الخريف، وحددت سقف الإنتاج بـ 24.84 مليون برميل في اليوم، واعتبر ذلك أدنى مستوى انتاج للمنظمة منذ العام 2003.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )