- تضخم أسعار الأسهم وراء تراجع بعضها لـ 70% خلال الأزمة
- بيع هيئة الاستثمار لملكياتها يفتح الأبواب لقنوات استثمارية أوسع
قال رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في شركة الصفاة القابضة باسم العتيبي ان حكومات دول كبيرة سعت لاتخاذ خطوات ايجابية في تدعيم اقتصاداتها من تبعات الأزمة المالية العالمية واعادة دورتها التشغيلية من خلال الانفاق على المشاريع التنموية وضخ السيولة والتدفقات النقدية في المؤسسات المالية لتعزيز دورها في التسهيلات الائتمانية لمساعدة الشركات واستكمال مشاريعها لتخفيف حجم الضرر الناتج. وأكد ان ذلك هو حال الحكومة الكويتية التي حرصت على ايجاد المخارج والحلول لصحوة الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص وتحريك الدورة الاقتصادية مجددا من خلال اقرار القوانين الفاعلة للنهوض بالاقتصاد كقانون الاستقرار المالي ومساعدة المسرحين والمتضررين وعودة الانفاق على المشاريع التنموية، الا ان تلك المبادرات الايجابية من الحكومة واجهت الكثير من العراقيل والتأخير من قبل بعض نواب مجلس الأمة الذين يسعون لتسييس تلك القضايا لمصالح شخصية ومكاسب انتخابية دون النظر لمصلحة الوضع الاقتصادي للمجتمع والدولة.
وأكد في لقاء تنشره «الأنباء» بالتزامن مع جريدة «مكان» في عددها الصادر اليوم ان الأزمة المالية كانت لها تأثيرات سلبية عديدة على مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية، الا انها فرصة لإعادة الخطط والهيكلة لبعض الشركات في تحديد مساراتها الاستثمارية التشغيلية المتخصصة، والتوقف عن التوسع غير المدروس والذي أدى الى انتكاسة الكثير منها ماليا في ضخامة القروض والتمويل قصيرة الأمد لمشاريع طويلة الأمد بعيدة عن الأغراض التي انشئت من أجلها، لاسيما ان آثارها لم تقتصر على السيولة، بل على اسعار اسهمها التي سجلت تضخما كبيرا سابقا، وتراجعا حاليا لمعدلات أقل من القيمة الدفترية. التفاصيل في سياق اللقاء المثير مع باسم العتيبي في السطور التالية:
ولفت الى ان الوضع الاقتصادي في الوقت الراهن افضل مما كان عليه بداية الازمة المالية وذلك من خلال الدورة الاقتصادية التصحيحية الحالية وتحسن اداء بعض الشركات من خلال اعادة هيكلتها وخططها المالية والاستثمارية لمشاريعها، وانعكاس ذلك على النتائج المالية والأرباح المعلنة للنصف الأول من العام الحالي والتي تؤكد سعي بعض الشركات لاحتواء أضرار الأزمة وتداعياتها وان كانت بنسب بطيئة، الا ان التوقعات تشير لانطلاقات جيدة للكثير من الشركات مطلع العام المقبل، خصوصا التي حرصت على تقليص أوجه التوسع في المشاريع، والتخصص في مشاريع مدروسة وفق الأغراض التي انشئت من أجلها.
ورغم التفاؤل بعودة العجلة الاقتصادية الى سابق عهدها الا ان العامل النفسي يلعب دورا كبيرا في مجريات الأمور للمستثمرين والمساهمين والشركات، لاسيما في الوضع السياسي المحلي والتوافق المطلوب بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ايجاد الحلول وسن القوانين الاقتصادية الداعمة.
عراقيل سياسية
وأكد على ان هناك نية واضحة من الحكومة لمعالجة الاقتصاد وتطويره من خلال ما قامت به من اقرار لقوانين داعمة كقانون الاستقرار المالي الذي سيساهم في توافر السيولة لدى البنوك، وقانون مساعدة المسرحين والمتضررين من تداعيات الأزمة المالية، والإنفاق على بعض المشاريع التنموية التي من شأنها تدعيم دور القطاع الخاص، الا ان تلك الحلول والمعالجات لم تشهد النور بسبب اعاقتها وعرقلتها من قبل بعض نواب مجلس الأمة الذين يحاولون تسييسها واستغلالها لمصالح شخصية وانتخابية دون النظر لمصلحة البلد والنهضة الاقتصادية، الى جانب انشغالهم بأمور جانبية بعيدة عن المعالجات الاقتصادية، لاسيما ان بداية دور انعقاد المجلس اقتصرت على الاستجوابات، مما أصاب الكثير من الاقتصاديين بالاستياء من دور مجلس الأمة، بالاضافة الى الاستمرار بتلك الاستجوابات في دور الانعقاد المقبل من خلال التصريحات المستمرة لبعض النواب، مما اصاب الكثير من الاقتصاديين والشعب بالضيق من أطروحات بعض النواب التي لا تنظر للقضايا الاقتصادية المهمة.
وقال ان قانون الاستقرار المالي لمساعدة الشركات ذات الملاءة المالية والأصول الجيدة وليس للحيتان والمتنفذين، وذلك يتضح من خلال قوة القرار وقيوده بضوابط وشروط تمنع التلاعب به من قبل بعض الشركات والدخول للاستفادة من القانون، لاسيما انه يتطلب الافصاح عن ماهية الاصول والمشاريع والاستثمارات التشغيلية وليست الورقية.
الا انه رغم ايجابية القانون ومساهمته في حل بعض مشاكل السيولة لايزال يحتاج الى تعديلات وقوانين اخرى داعمة كقانون هيئة سوق المال الذي من شأنه تنظيم وتفعيل دور الشركات وتغيير نظام الـ b.o.t والإنفاق على مشاريع البنية التحتية وغيرها من القوانين الواجب توافرها للإصلاح الاقتصادي.
هروب استثماري
وأكد على ان رفض مجلس الأمة لتطوير وتنقيح قانون الـ b.o.t الذي يعد الركيزة الأساسية لمشاريع البنية التحتية، والاستثمارات الكبرى لدى القطاع الخاص وراء عزوف الشركات المحلية عن السوق المحلية، والبحث عن تلك المشاريع في الأسواق الخارجية للتسهيلات المقدمة وسهولة ويسر تلك المشاريع في عرضها للمناقصات وتنافس الشركات بالعروض مما يحقق لها الأرباح والعوائد المرجوة من تنفيذ تلك المشاريع التي تصل مددها ما بين 25 و50 سنة، وأيضا لقناعة الشركات المحلية بأن القوانين التي يقوم بسنها مجلس الأمة هي قوانين طاردة ومعرقلة، فضلا عن انها قوانين تضر القطاع الخاص وغير مشجعة لجذب المستثمر الأجنبي في آن واحد.
بيع الملكيات
وقال ان ما قامت به هيئة الاستثمار من عملية بيع وتسييل لحصتها في بنك «بوبيان» يعد خطوة إيجابية في سعيها لتحقيق الأرباح والبحث عن اقتناص فرص استثمارية جيدة في ظل المستويات والمعدلات السعرية التي آل إليها الكثير من الأسهم وأصول الشركات، فضلا عن انها تتيح المجال للقطاع الخاص بتوسيع آفاق استثماراته.
أما فيما يخص الحلول الواجب توافرها من الحكومة فتتمثل في تكثيف طرح المشاريع واعطاء فرص أوسع للقطاع الخاص بالمشاركة والتنفيذ في تلك المشاريع، سواء العقارية في بناء المدن والمساكن، أو الإنشائية في الطرق والمرافق والخدمات وبناء محطات الكهرباء، الى جانب المشاريع النفطية لاسيما ان التدخل الحكومي في إنشاء المحفظة الاستثمارية كان له الأثر الواضح في إعادة توازن سوق الأسهم والثقة للمستثمرين والاقتصاديين في تحريك عجلة السيولة.
أداء البورصة
واشار الى انه من الطبيعي ان تتأثر سوق الأسهم بتداعيات الأزمة المالية التي ترتبت عليها أمور كثيرة للشركات في انخفاض أصولها وموجوداتها وتحفظ البنوك في الإقراض، وشح السيولة المطلوبة لدوران حركة نشاط الأسهم والدورة الاقتصادية، الى جانب تزايد وتيرة الخوف لدى المستثمرين من العزوف عن الشراء، جميعها أمور تدفع السوق لفقدان الكثير من المكاسب والتي يجب ألا تزيد على 40% كسائر الأسواق المالية الأخرى، الا ان تضخم الأسعار والمبالغة في دورتها الاستثمارية قبل الأزمة ساهما في تفاقم حجم الضرر والخسائر والتراجع لمستويات تراوحت بين 60 و70% للكثير من الأسهم جراء انخفاض قيمها السوقية قياسا بالدفترية، ورغم ما شهدته السوق من متغيرات في مجريات الدورة الاستثمارية، الا ان الأسعار الحالية تعتبر متفاوتة في الثبات والاستقرار النسبي.
تدهور الأوضاع
وقال: تداعيات التدهور الاقتصادي سواء المحلي أو العالمي عادة ما تلقي بظلالها سلبا على بعض الشركات التي لا ترتكز بنشاطها على الأداء التشغيلي وتعتمد على الاستثمار بالأسهم، أو حتى على الشركات التشغيلية التي توسعت بشكل مفرط دون النظر الى أبعاد ذلك التوسع الاستثماري من منظور الأداء والعوائد، مما يضعها على محك الإفلاس والتصفية والخروج من السوق، اذ لم تستطع الصمود والاستمرار في القدرة على الالتزام بسداد مديونياتها الكبيرة تجاه المؤسسات المالية والبنوك، الا ان اعادة الجدولة والهيكلة الاستثمارية في انتقائية المشاريع ستعيدان توازن أمور بعض الشركات، خصوصا ان الكثير منها توسع بمشاريع تشغيلية صناعية وعقارية وليس للاستثمار في الأسهم.
مضاربة لا استثمار
واشار الى ان تداولات الأسهم للعام الحالي اتسمت بالمضاربة أكثر من الاستثمار والانتقائية وذلك رغبة من المستثمرين في تقليص حجم الخسائر، والسعي نحو تحقيق المكاسب السريعة من الفوارق السعرية التي تسجلها الأسهم في مجريات تداول اليوم الواحد لمخاوفهم من التراجع، كما ان الفترة الراهنة تتطلب الحذر والحيطة في شراء الأسهم من المستثمرين، لاسيما ان الكثير من الشركات لم تتضح الرؤية في مدى حجم الضرر الواقع عليها من تبعات الأزمة، والجزء الآخر منها سعى لدمج شركاته التابعة لتقليص وتخفيض المصاريف واعادة جدولة المشاريع والديون لتحقيق أوجه التوازن في المرحلة المقبلة، مما كثف من عمليات المضاربة أكثر من الاستثمار ليس فقط للتداولات الفورية وانما للآجل والبيوع المستقبلية ذات الربح السريع والخسارة الكبيرة في التراجع أيضا لمؤشرات ومعدلات السوق.
فعملية تحول السوق من مضاربي لاستثماري لن تطول، خصوصا ان النتائج المالية للأسهم القيادية ستكون المحك الرئيسي في العودة للشراء الاستثماري واستقطاب السيولة خلال الربع الأخير من العام الحالي.
ولفت الى ان الأحكام القضائية الصادرة لصالح «بيت التمويل الكويتي» بشأن العقار السكني والقروض ستساهم في استقرار القطاع العقاري، وستنمي القوة الشرائية في الجانب السكني من خلال الطلب والعرض الى جانب توافر السيولة في هذا القطاع الحيوي، الا ان علامات الاستفهام مازالت قائمة، فهل القرار ينطبق على الشركات والبنوك التقليدية أيضا، أم يقتصر على البنوك ذات الطابع الإسلامي؟