تجرعت الكويت في مثل هذا اليوم قبل 20 عاما آلاما هي الاقسى والاشد في تاريخها وكذلك في التاريخ العربي الحديث عندما استباح النظام الصدامي البائد ارض الكويت فعاث فيها فسادا وظلما وجورا فاق كل الحدود وتخطى كل الاعراف الانسانية.
نلقي الضوء معا في هذه الصفحات على اللحظات الاولى للعدوان الصدامي الغادر من خلال البيانات التـــــــي صـــدرت في الايام الاولى للاحتلال للمنظمات العربية والاقليميـــــة التي نددت وطالبت المحتل بالانسحاب الفوري، كما نسترجع الكلمات الاولى لصاحب السمو الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد رحمه الله وسمو الامير الراحل الشيخ سعد العبدالله، وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد ودوره الكبير الذي جعله رجل ديبلوماسية التحرير.
بيان من وزارة الدفاع الكويتية: اذاعت وزارة الدفاع في لحظات الاحتلال الأولى وتحديدا في حوالي الساعة الثانية من فجر يوم الخميس الموافق الثاني من اغسطس 1990 بيانا ذكرت فيه: بدأت القوات العسكرية العراقية اختراق الحدود الشمالية واحتلال عدة مواقع داخل الاراضي الكويتية. والكويت التي تعتمد دائما اسلوب الحوار في حل الخلافات يؤسفها ان يقدم العراق على اختيار البديل العسكري واستعمال القوة لحل المشكلات المعلقة بين الجارتين العربيتين، ذلك انها ما كانت تتوقع في يوم من الايام ان يوجه السلاح العربي لمنازلة ومقاتلة العرب خاصة ان العراق بإقدامه على هذه الخطوة قد أخل بتعهداته امام الاشقاء العرب وتناقض مع ما كان يردده من شعارات بأنه ينبذ استخدام القوة ضد الدول العربية. والكويت اذ تطلب من العراق ان يتوقف فورا عن هذا العمل العدائي غير المسؤول وسحب كامل قواته الى داخل حدوده، تؤكد انها ستمارس حقها الطبيعي والمشروع في الدفاع عن النفس بجميع الوسائل والسبل الكفيلة برفع هذا العدوان.
وأصدر بدوره مجلس التعاون في 3 أغسطس بيانا اكد فيه ادانة العدوان الصدامي الغاشم على الكويت الشقيقة ويطالب العراق بالانسحاب الفوري غير المشروط للقوات العراقية الى مواقعها قبل تاريخ الثاني من اغسطس 1990، معربا عن رفضه هذا العدوان واية آثار مترتبة عليه مع عدم الاعتراف بتبعاته، وطالب جامعة الدول العربية باتخاذ موقف عربي موحد انطلاقا من مبادئ وروح ميثاق جامعة الدول العربية لانهاء العدوان وازالة آثاره من اجل الحفاظ على السيادة والسلامة الاقليمية للكويت الشقيقة.
كما أصدر الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي د.حامد الغابد بيانا يوم 2 أغسطس شدد فيه على ما ورد في ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي ويدعو الى الوقوف الفوري لكل العمليات العسكرية وانسحاب القوات التي قامت بهذه العمليات الى الحدود المعترف بها دوليا بين العراق والكويت.
إدانة المؤتمر الإسلامي: وأدان المؤتمر التاسع عشر لوزراء خارجية الدول الإسلامية في القاهرة العدوان على الكويت وأكد رفض اي آثار يمكن ان تترتب عليه.مشددا على ضرورة الالتزام بمبادئ ميثاق منظمة المؤتمر الاسلامي وبصفة خاصة في ما نصت عليه من ضرورة تسوية المنازعات بين الدول الأعضاء بالوسائل السلمية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة.
كما طالب البلدين بمراعاة مقتضيات حسن الجوار وعدم محاولة تغيير النظام الداخلي في أي منهما بالقوة واحترام سيادة واستقلال ووحدة أراضي كل دولة وامتناع الدول الأعضاء عن استخدام القوة او التهديد باستخدامها ضد وحدة وسلامة الأراضي والاستقلال السياسي لأي منهما.
وإذ أحيط المؤتمر علما بإعلان الحكومة العراقية عزمها على سحب قواتها المسلحة من الكويت فإن المؤتمر سيتابع تنفيذ هذا التعهد دون قيد أو شرط من الجانب العراقي مؤيدا نظام الحكم الشرعي في الكويت بقيادة الشيخ جابر الأحمد أمير دولة الكويت ورئيس القمة الإسلامية الخامسة كما يؤيد تضامنه التام مع أمير الكويت وحكومتها وشعبها.
قرار مجلس جامعة الدول العربية في 3 أغسطس 1990: أما الجامعة العربية فقد أدان مجلسها العدوان على الكويت ورفض المجلس أي آثار مترتبة عليه مع عدم الاعتراف بتبعاته واستنكر المجلس سفك الدماء وطالب العراق بالانسحاب الفوري غير المشروط الى مواقعها قبل الأول من أغسطس 1990م.
قرار وزراء خارجية التعاون الخليجي: 3 أغسطس 1990
كما أدان المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي دخول القوات العراقية الى الأراضي الكويتية ووصفه بأنه عدوان يتنافى مع علاقات الاخوة وحسن الجوار.
وطالب المجلس في بيان اصدره عقب اجتماع عقده في القاهرة بسبب تواجد أعضائه لحضور مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي بالانسحاب الفوري غير المشروط للقوات العراقية الى موقعها قبل تاريخ 1 أغسطس 1990.
خطاب الشيخ جابر الأحمد (رحمه الله) في 5 أغسطس 1990
يستذكر الكويتيون دائما صوت الحق والأمل الذي صدح به سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد (رحمه الله) عندما خاطب الكويتيون قائلا: بسم الله الرحمن الرحيم (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) صدق الله العظيم
يا أبناء شعبنا الكريم.. يا أهل الكويت.. يا أبناء الرعيل الأول الذي عبر بحور المستحيل وبذل الدم والعرق رخيصا من اجل ان تكون الكويت عزيزة الجانب شامخة الهام. أتحدث اليكم اليوم ومشاعر الألم والحزن تعتصر قلبي. الألم لأن كويتنا العزيزة تعرضت لعدوان غاشم استهدف أرضنا وشعبنا بعد ان اجتاحت هذا البلد الصغير الآمن المسالم مئات الدبابات، وانهالت عليه عشرات الطائرات تنشر الرعب والدمار. الاخوة والاخوات: اذا كان العدوان قد تمكن من احتلال ارضنا فإنه لن يتمكن أبدا من احتلال عزيمتنا، واذا كان المعتدون قد استولوا على مرافقنا ومنشآتنا العامة فإنهم لن يستطيعوا ابدا الاستيلاء على إرادتنا.
فعزيمتنا وإرادتنا هما عزيمة وإرادة آبائنا وأجدادنا الذين واجهوا أعتى التحديات فلم تلن لهم قناة ولم يخضعوا لأي عدوان. وكويت اليوم هي كويت الأمس، أرض العزة والكرامة، بلد الرجال ومنبت الأبطال، لم تطأطئ رأسها للغزاة ولا خفضت جبينها للمعتدين، ويشهد التاريخ ان الكويت مرت بمحن كثيرة وآلام جسيمة وتعرضت لاعتداءات وغزوات متعددة على مر الزمن ولكن بصمود الكويتيين وعزيمتهم وإيمانهم بقيت الكويت حرة أبية مرفوعة الراية عزيزة الجانب طاهرة التراب، شامخة الكرامة. وبقدر ما سجل التاريخ للكويت هذه الحقائق المشرفة في أوسع صفحاته، بقدر ما سجل للمعتدين في الوقت نفسه صفحات مظلمة من العار والخذلان.
يا أبناء الكويت: ان التاريخ سيسجل لكم بصفحات الفخر والعز كما سجل لآبائكم واجدادكم من قبلكم تلك الوقفة الشجاعة والتصدي الباسل الذي قمتم به وقامت به قواتكم المسلحة من جيش وحرس وطني وشرطة لمواجهة جحافل العدوان بقلوب ثابتة مؤمنة بالله، مؤمنة بكل ذرة من تراب الوطن رواها الآباء والأجداد بالدم والعرق، واعلموا ايها الاخوة اننا لسنا وحدنا في مواجهة العدوان فمعنا العرب والمسلمون، كما تقف معنا دول العالم التي لم تتردد لحظة واحدة في رفع صوتها عاليا استنكارا وإدانة للعدوان. والله معنا جميعا وهو نعم المولى ونعم النصير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خطاب الأمير الوالد الشيخ سعد (رحمه الله)
بدوره ألقى سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله رحمه الله كلمات نزلت كالنسيم على قلوب الكويتيين الذين رأوا فيها وعدا محتما برد المعتدين على اعقابهم حينما قال موجها خطابه إلى المواطنين: لنكن جميعا يدا واحدة وقلبا واحدا ندافع عن كويتنا الحبيبة ونحميها بأرواحنا وقلوبنا، ندافع عن جيراننا ضد اعدائنا وعن حدودنا ومستقبل أطفالنا وسنمضي بعون الله نرد المعتدين حتى نطهر أرضنا الطيبة من غدرهم وخيانتهم ونردهم على اعقابهم، ولسنا وحدنا في المعركة ضد العدوان والمعتدين فاخواننا العرب معنا واخواننا المسلمون معنا يقفون الى جانبنا ضد العدوان الغاشم على الكويت، هؤلاء جميعا معنا والله معنا وهو القائل في كتابه الكريم (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون ان كنتم مؤمنين) صدق الله العظيم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)، والسلام عليكم.
صاحب السمو الأمير رجل ديبلوماسية التحرير
أما صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد فلم يدخر خلال محنة الاحتلال الصدامي الغاشم وفترة الاستفزازات العراقية التي سبقتها لبلدنا جهدا إلا وبذله من موقعه حينذاك كنائب لرئيس مجلس الوزراء ووزير للخارجية، ولعل أبرز دليل على ذلك هي سلسلة الرسائل التي وجهها الى مختلف المؤسسات والمحافل الدولية دفاعا عن قضيتنا العادلة.
وعلى اثر وقوع العدوان، قام صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد باعتباره وزيرا للخارجية وقتها بإثارة ما حدث للكويت في المحافل الدولية والإقليمية، وذلك من أجل حشد التأييد العالمي لقضيتها، وظهر ذلك جليا في الكلمات التي ألقاها في مجلس الأمن وفي اجتماع وزراء خارجية دول عدم الانحياز، الذي عقد على هامش اجتماع الدورة العامة للأمم المتحدة في الخامس من اكتوبر 1990، مؤكدا ان احتلال العراق للكويت يمثل انتهاكا صارخا وسافرا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حركة عدم الانحياز، وطالب وزراء خارجية الحركة بإدانة العدوان، واستمرار تأييدهم للمواقف المبدئية التي اتخذها المجتمع الدولي، والمتمثلة بالالتزام والتقيد التام بقرارات مجلس الأمن تجاه العدوان العراقي، ودعم جهود الكويت الرامية لتحقيق انسحاب القوات العراقية من أراضيها دون قيد أو شرط، وعودة الحكومة الشرعية للبلاد، ومطالبة المعتدي بدفع جميع التعويضات عما سببه للبيئة الاقتصادية والاجتماعية في الكويت من دمار وخسائر وما تم نهبه من أموال.
وفي الكلمة التي ألقاها أمام اللجنة الدائمة للتعاون العربي ـ الأفريقي، أكد سموه على أهمية توفير المزيد من الدعم والتأييد للقضايا العربية ـ الأفريقية، وأثنى على الدول الأفريقية التي دعمت الحق الكويتي، معاهدا إياها على استمرار مسيرة التعاون والتزام الكويت بالاتفاقيات الاقتصادية القائمة، ومساعدة الدول المتضررة من جراء تطبيقها لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 661 بشأن المقاطعة الاقتصادية للعراق.
واستطاع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد أن يحصل للكويت على تأييد دولي لم يسبق له مثيل بعد كشفه لممارسات العدوان، الذي كان من نتائجه ان أصدر مجلس الأمن قراره رقم 678 في التاسع والعشرين من نوفمبر 1990 على أثر الموقف المتصلب الذي اتخذه النظام الصدامي البائد وضربه عرض الحائط بجميع القرارات التي اتخذها المجلس بدءا من القرار رقم 660 الذي صدر عقب الاحتلال مباشرة والقرارات اللاحقة ذات الصلة بالعدوان الصدامي على الكويت، وقد أتاح القرار رقم 678 لمجلس الأمن التصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وذلك في حالة عدم تنفيذ النظام العراقي في 15 يناير 1991 أو قبله للقرارات السابقة التي اتخذها المجلس، ويقتضي الأمر أن تستخدم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة المتعاونة مع حكومة الكويت جميع الوسائل اللازمة لتنفيذ تلك القرارات بهدف إعادة السلم والأمن الدوليين الى نصابهما في المنطقة.
كان من نتائج صدور قرار مجلس الأمن الحاسم رقم 678 أن عبر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في الكلمة التي ألقاها في مجلس الأمن في 30 نوفمبر 1990 عن خالص الشكر والامتنان باسم الكويت وشعبها الصامد في وجه العدوان لكل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين وقفتا ضد العدوان، ولجميع الدول التي أبدت استعدادها للمساهمة في القوات المتحالفة متعددة الجنسيات لتحرير الكويت، مؤكدا ان الكويت وإن كانت صغيرة بحجمها وسكانها لكنها كبيرة بهذا التأييد الدولي لقضيتها العادلة.
واقرأ ايضاً:
ملف خاص وأسماء وصور شهدائنا الأبرار ممن اغتالتهم أيدي الاحتلال الصدامي الغاشم
مكتب الشهيد: رعاية ذوي الشهداء استثمار للشهادة في تنمية الإنسان
أسماء 281 شهيداً معتمداً لدى مكتب الشهيد وليست لهم صور لدى المكتب