حذر عميد كلية الشريعة الأسبق ورئيس المؤتمر الدولي للقضايا الاسلامية المعاصرة د.محمد الطبطبائي من خطر النزاع والفتنة الطائفية في المجتمعات الاسلامية، قال تعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)، وقال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا).
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من النزاع والتفرق بقوله: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض»، مؤكدا ضرورة انتهاج منهج الحوار بين جميع أطياف المجتمعات الاسلامية، وهو المنهج الذي دعا اليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وسار عليه أهل بيته الأطهار، وأصحابه الميامين، وخصوصا الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه مع مخالفيه، حيث عاملهم بالحوار، والدعوة الى الخير.
وقال د.الطبطبائي ان هناك خطرا من قبل المتربصين الذين يترصدون الشر بالكويت وأهلها، ونقل الفتنة الطائفية اليها، ويسعون الى فك اللحمة بين أفراد المجتمع في هذه البلاد، وقال ان الكويت عاشت التسامح عقودا طويلة، واعتبرت بما عانت منه مجتمعات أخرى من فتن طائفية مزقت مجتمعاتها، وألحقت بهم الويلات.
وأكد ضرورة انتهاج منهج العدل والحكمة والرفق والإحسان في معالجة الملمات والخلافات التي تعصف بالمجتمعات، وخصوصا هذه الأيام التي بدأت الفتنة الطائفية فيها تطل برأسها.
وانه من المناسب تقديم حسن الظن بما تتخذه الدولة من قرارات ومواقف، فإن الأمن الداخلي بعد الله تعالى فوق كل اعتبار، لاسيما أننا نعيش نعمة في كنف الأمن والأمان بفضل الخالق سبحانه وتعالى، لذا من الواجب علينا ان نشكر الله تعالى على هذه النعمة العظيمة، ونعمل جميعا على المحافظة عليها، أولا بطاعة الله تعالى من خلال الانتهاج بنهج رسوله صلى الله عليه وسلم، القائم على العدل، والكرامة للإنسانية، ثم المحافظة على هذه النعم العظيمة التي حبانا الله بها.
وأكد د.الطبطبائي على سواسية أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات، وضرورة تطبيق العدالة بين أفراد المجتمع أساس كل حكم، وتقديم الرفاهية للشعوب. وأوضح ان طول عمر الدول على قدر العدل الذي تسير عليه، فالظلم بكل معانيه ينقص عمر الدولة ويبيدها، لاسيما اننا رأينا حكاما ودولا قد زالوا بسبب الفجور، والبعد عن الله تعالى، وظلمها لمجتمعاتها، فالدولة العادلة لديها مقومات الاستمرار بإذن الله تعالى.
وان خطر الفتن لا يقف عند مشعليها سواء بقصد او من غير قصد فحسب، بل تمتد لتشمل جميع أفراد الدولة، فضرر الفتن عام في المجتمعات، وعلى العقلاء التحذير منها، وأضرارها الوخيمة، والتصدي لمشعليها.
مؤكدا ان الكويت كانت وستكون بإذن الله تعالى مثالا طيبا للتعايش السلمي بين جميع أفراد المجتمع، حتى غير المسلم يعيش آمنا في هذه البلاد على نفسه وعرضه وماله، وان عدم التعدي على الآخرين أساس من أساسيات هذه البلاد.
وان الآباء في الكويت منذ قرون يحفظون حقوق الجيرة، ولا يتعدى أحد على أحد، ويمنعون إيذاء الجار.
وبيّن د.الطبطبائي بأن الكويت تمر في هذه الأيام بأصعب منعطفاتها الاجتماعية، واختبار صعب لمدى التعايش، فإن كان الخطر الخارجي من نظام المقبور صدام حسين قبل عقدين قابله أهل الكويت بالتماسك والوحدة، فالواجب ان تقابل الفتنة بين أبنائها بالوحدة الوطنية، والتصدي لدعاة الفتنة، وتطبيق القانون على الجميع.
وأوضح ان هناك مخططات وأجندات دولية يجب الحذر منها، لا تريد الخير للكويت وأهلها، والواجب اليقظة منها، والتصدي لها. ودعا د.الطبطبائي العلماء في العالم الاسلامي الى عدم التسرع في المواقف، والتثبت والنظر في العواقب، وذلك من خلال انتهاج المنهج النبوي الشريف في الفتن.
وان على السياسيين في هذه المرحلة الحرجة التي تعيشها الكويت هذه الأيام نبذ التفرق، وجمع الكلمة، والتناصح، وذلك من غير تجريح، وإزالة أسباب الخلاف بالحكمة والموعظة الحسنة، وتدخل الوجهاء وأهل التجربة من المحايدين. وانه من الواجب على المسلمين عموما، وأهل الكويت خصوصا معالجة الاختلافات بالحوار، وبيان وجهات النظر، وترك العنف، وحب الخير للآخرين، ووفق الأطر النظامية في الدولة، مؤكدا على ضرورة احترام الحقوق التي كفلها النظام في الدولة، وعدم التطاول والتعدي على الآخرين مهما كان مسوغ الاختلاف. كما حذّر من اقحام العامة في قضايا الأمة ونوازلها، وفيما يحتاج الى التفحص والنظر، وان الخاصة قد يقودون العامة في بداية الأمر، ولكن متى ما وصلوا الى حد الانجراف، قادهم العامة الى ما لا تحمد عقباه.