- المذكور: هوية أبنائنا الإسلامية معرضة للاختراق نتيجة سلوك الخادمات وتأثيره على تربيتهم
- النجدي: نحذّر من استقدام الخادمة غير المسلمة أياً كانت ثقافتها
- السماوي: مربيات ينتمين إلى ديانات غير سماوية وينشرن الأفكار المنحرفة لدى الأبناء
- العبيدي: بعض الآباء والأمهات تخلوا عن مسؤولياتهم
- المعيوف: من الخادمات من تزعزع أمور الدين والعقيدة في نفس الطفل
- الحمدان: معاملة الخادمة بقسوة تتنافى مع الشرع
ليلى الشافعي
الإسلام لا يمانع من وجود الخادمة باتفاق جميع الفقهاء ولكن من المؤسف ان بعض الأسر تستأجر الخادمة للأبناء دون انتقاء وبشكل عشوائي ودون ضوابط شرعية وتربوية واجتماعية، فنجد بعض المربيات ينقلن للأولاد سلوكيات غير مرغوب فيها ولا تتفق مع عاداتنا وثقافتنا وهويتنا الإسلامية، وأصبحت المشاكل التي تتسبب فيها الخادمات ليست جديدة ولكنها تفاقمت أكثر وباتت أكثر وضوحا وخطرا عما كانت عليه، فهل الخادمة عوض عن جرعة حنان صادقة من أم لولدها؟ وأين دور الحضانة؟ وأين المؤسسات التي تخدم الأمهات والآباء؟ وكيف يمكن أن نحمي أبناءنا من هذه الظاهرة؟ طرحنا هذه القضية على عدد من علماء الشرع والتربية وعلم النفس وكان هذا حصاد آرائهم.
في البداية، يؤكد رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية د.خالد المذكور ان من أهم الأولويات التي حرص الإسلام على ترسيخ تربية الأبناء، بل جعل التربية حقا وواجبا مفروضا على الآباء تجاه أبنائهم لأن الإنسان اذا شب على شيء شاب عليه، لذلك فما يتربى عليه الأبناء منذ الصغر يعد شيئا مهما جدا بالنسبة لحياتهم المستقبلية وإعدادهم لتولي المسؤولية، وهذا يفرض على الآباء أن يتعهدوا بتربية أبنائهم لمن هم أهل لثقتهم كما كان يفعل السابقون من تخيير معلمي ومربي الأبناء الذين يكونون في مرحلة سهلة التشكيل والتكوين، ولذلك فإن الاعتماد الكامل على المربيات في تنشئة الأبناء خطأ كبير أيا كانت ديانة وطباع وعادات وتقاليد هذه التربية، لأن دور الأم لا يمكن الاستعاضة عنه او ان يحل محله شيء آخر، فما بالنا اذا كانت هذه المربية أجنبية عن الطفل في الدين والعادات والتقاليد؟ لاشك ان تصرفاتها وسلوكياتها ستنعكس على تربية الأبناء خاصة في هذا العصر الذي انشغلت فيه الأم الحقيقية عن تربية أبنائها سواء بعملها أو بنفسها، وهنا تكمن الخطورة في تكوين عقلية الطفل الذي لا يجد غير الأم البديلة، أي المربية، فيأخذ عنها كل شيء، وكثيرا ما نسمع عن مشكلات اجتماعية ودينية بسبب ترك الخدم مع الأبناء لتربيتهم ورعايتهم، وقد وضع لنا الرسول صلى الله عليه وسلم المنهج الصحيح وأرشدنا الى تلك المرحلة العمرية التي يتم فيها تشكيل وجدان الطفل بقوله صلى الله عليه وسلم «علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر» هذه التوجيهات النبوية تشير الى اهمية السنوات السبع الأولى من عمر ،فإذا أنت ربيته وأسسته جيدا فلا تخف عليه بعد ذلك ان وضعته وسط أي بيئة او مجتمع مادام محصنا، وان كنا نرى ان هذا العصر يموج بكثير من الفتن التي تتطلب مداومة واستمرار الرعاية وتوجيه الأبناء حتى بعد أن يبلغوا.
الهوية الإسلامية
وأضاف د.المذكور موضحا ان ظاهرة العقوق التي يمارسها بعض الأبناء تجاه آبائهم، فإننا يجب ان ندرك ايضا العقوق الذي مارسه أولئك الآباء تجاه أبنائهم من قبل حين تخلوا عن دورهم وواجبهم في تربية أبنائهم وتنشئتهم على أسس دينية صحيحة.
ولفت د.المذكور الى ان الهوية العربية الإسلامية هي في مهب الريح ومعرضة للاختراق نتيجة هؤلاء المربيات اللاتي لا تشغلهن التنشئة الدينية الإسلامية للأبناء بقدر اهتمامهن بالمقابل المادي ويمارسن نوعا من التصرفات التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وهذا ما يجب ان ينتبه له أولياء الأمور بل والمسؤولون أيضا لأنه يضر بأمن ومستقبل المجتمع.
الخادمة والعقيدة
من جهته د.محمد النجدي يرى ان للخادمة غير المسلمة أثرها السيء على عقيدة الطفل المسلم سواء كانت كتابية أو وثنية أو ملحدة، وقد أثبتت بعض الدراسات والبحوث الميدانية في منطقة الخليج ان أكثر المستقدمات من الخادمات غير مسلمات واثبت التقرير ان 25% من الخادمات يكلمن الأولاد في القضايا المتعلقة بالدين والاعتقاد؟
فالطفل الذي لا يشاهد سوى الخادمة في البيت، ولا يعرف أمه إلا قليلا، فانه يأخذ عن مربيته كل ما عندها من مشاعر وأخلاق وعقائد وعادات، ومهارات وخبرات، فهي معلمته الأولى، ومربيته اللصيقة به في الليل والنهار، وفيها يجد سكنه الجسدي والنفسي، وتطعمه وتلبسه فهي في الحقيقة كل شيء في حياته.
وهذه العلاقة القوية التي تتكون أحيانا كثيرة في سنوات طويلة بين الطفل والخادمة، وتوجد المحبة والألفة والتعلق بين الطفل والخادمة، وقد تفوق في بعض الحالات تعلقه بأمه؟ فيقبل منها كل شيء من أخلاق وأفكار وعقائد وغير ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سلبيات
وعن الآثار التي يمكن ان تحدثها الخادمة غير المسلمة في الإخلال بعقيدة الطفل المسلم، قال د.النجدي: الخادمة غير المسلمة تعلم الطفل الشركيات والكفريات، مثل تعظيم الإلهة الباطلة كالشمس والقمر والكواكب والأصنام كبوذا والبقر وغيرها ودعاء غير الله تعالى كالمسيح عليه عليه السلام والتعليق والاستعانة بغير الله، كنداء الإلهة الباطلة السابقة عند الشدائد حتى ينشأ عليها الطفل ويعتادها.
كما تعمل على تلقينه بعض الألفاظ والعبارات المخالفة للدين والعقيدة الصحيحة والحلف بغير الله عز وجل.
وتغرس في نفسه حب الكفار واحترامهم وحب مقدساتهم من خلال حبه لها وتعلقه بها.
كما ان مراقبة الطفل لها عند تأديتها بعض الطقوس الدينية الباطلة كالهندوسية والبوذية وغيرها، مما يكون له الأثر البالغ في نفس الطفل لأنه سريع التأثر، فيقلدها في ذلك.
العلاج
وعلاج ما سبق يكمن أولا وقبل كل شيء في الحرص على استقدام الخادمة المسلمة والمتعلمة والحذر من استقدام غير المسلمة ايا كانت ثقافتها وتعليمها.
ومن العلاج أيضا المراقبة الدائمة للخادمة بين حين وآخر، وعدم الاتكال المطلق عليها حتى ولو كانت مسلمة، لان بعض الخادمات المسلمات عندهن من الانحراف والبدع والضلال ما يفوق أحيانا غير المسلمات، وحينئذ يسلم الأبوان من تصرفات الخادمة المخلة بالعقيدة تجاه الطفل.
كما يفضل ان تكون كبيرة في السن ومن اللواتي لا رغبة لهن في الرجال، فهؤلاء أرق قلوبا، وابعد عن الشهوة والشبهة، وحبذا استقدام زوجها معها صيانة ورعاية لها وحفظا، لاسيما وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله «لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم» متفق عليه.
ويمكن الاستفادة منه كسائق او عامل ونحو ذلك ويخصص لها ولزوجها مكانا مستقلا بهما في طرف المنزل.
لابد من الرقيب
أما الداعية عبدالرحمن السماوي فيقول: إن الحديث عن الخدم وأثرهم في تربية الاطفال مسألة ذو شجون إذ لما نتكلم عن اثر تربية الخدم فلا نجد إلا السلبيات، فالخدم اما ان يكونوا غير مسلمين او يكونوا مسلمين لكن يأتون من بيئة منفتحة وعاداتهم غير عاداتنا ففاقد الشيء لا يعطيه فمن ليس بمستقيم في نفسه ووليس بصالح فكيف يصلح نفسه؟!
إن لتربية الاطفال من قبل الخدم من دون رقيب من الوالدين اثارا سلبية وسيئة من الجانب العقدي والسلوكي والاجتماعي والثقافي.
اما الجانب العقدي فإن الخادمة ليست بمسلمة وأحيانا قد لا تكون عندها ديانة معينة وإنما هي من عبدة النار وغير ذلك وقد دلت النتائج البحثية على ان غالبية الخادمات والمربيات نحو 97.5% يمارسن الواجبات الدينية طبقا لعقائدهن ودياناتهن النصرانية أو البوذية أو الهندوسية.
وهؤلاء اعتبرتهن الدراسة قدوة خطيرة أمام النشء المسلم من الاطفال وإن أعظم الخطر يكون على الأطفال لأنهم يجهلون امور الدين، فيسهل التأثير عليهم، وذلك من قبل الخادمات والمربيات، فإما ان تزعزع امور الدين والعقيدة في نفس الطفل وإما أن تغرس في نفسه قيما ومبادئ تخالف الإسلام، وإما أن تعلمه طقوس ديانتها الباطلة، ومن أخطار الخدم على العقيدة: إعجاب أفراد الأسرة بتصرفاتهم وبعض أخلاقهم المصطنعة مثل التظاهر بالصدق والإتقان مما قد يغري بعض أفراد الأسرة من الرجال أو النساء إلى محاكاتهم ومشابهتهم ومدحهم والثناء عليهم، ويؤدي ايضا الى تقليدهم في اللبس والتصرفات.
خطر الخدم على الثقافة والسلوك
وأما أثر الخدم على الفكر فمن صوره: نشر العقائد الفاسدة وبث الأفكار المنحرفة وإشاعة الأخلاق الرذيلة والمفاهيم الخاطئة. كيف لا وقد اصبحت الواحدة منهن في كثير من البيوت ولكثير من الاطفال بمثابة الأم والأخت والصديقة والأستاذة لما يحصل لها من التفرد المطلق والصحبة الطويلة للأطفال، ولما تحظى به من ثقة الوالدين المطلقة والاتكالية التامة عليها في امور إدارة البيت وتربية الأولاد؟!
وعن الجانب الاجتماعي قال الداعية السماوي: أصبح الولد والبنت غير مدركين لمسؤولياتهما وليست عندهما اهداف وطموحات فصار الكسل والخمول ملازما لهما حتى مرقدهما لا ينظفانه ولا يهتمان به لأنهما ركنا على الخادمة وهكذا في شؤونهما داخل البيت فإذا كان هناك تقصير فالملامة على الخدم وليس على الأولاد.
التأثير على الفصاحة واللسان واللغة
وأوضح أن العرب قديما كانوا يذهبون بأولادهم الى البادية من اجل الحفاظ على ألسنتهم لئلا تدخلهم العجمة ويبحثون لهم عن مرضعات من اسر عريقة حتى يحافظوا عليهم من العادات الدخيلة.
فقد أكدت الدراسات أن وجود المربية والخادمة يؤثر سلبيا على النمو اللغوي حيث يكتسب الطفل من خلال المربيات مفردات لغوية ركيكة غير متماسكة والتي تتضح في الكثير من المفردات، وأثبتت الدراسات ان هناك نسبة من الاطفال يعانون من عيوب في النطق في ظل وجود الخادمة في المنزل كالثأثأة أو الفأفأة أو التهتهة وغير ذلك.
الأمناء الثقات
وطالب الداعية السماوي اهل البيت بان يحسنوا معاملة الخدم، وأن يراعوا الله فيهم، فلا فرق مطلقا بين خادم ومخدوم امام الله تعالى، ولنا في رسول الله القدوة الحسنة فعن انس رضي الله عنه قال: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين فما أعلمه قال لي قط: لم فعلت كذا أو كذا، ولا عاب علي شيئا قط. (مسلم).
مسؤولية عظيمة
ويضيف الداعية محمود العبيدي موضحا مسؤولية الأم بقوله: إن الله جل وعلا قلد كل راع مسؤوليته وأمرنا بحسن تحملها وحسن رعايتها وأخبرنا بأننا مسؤولون عن هذه الرعية، ومن هذه المسؤوليات مسؤولية كل من الأب والأم تجاه أبنائهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها» رواه البخاري ومسلم، وإن من الظواهر التي انتشرت بين الأسر المسلمة أن تترك هذه المسؤولية العظيمة التي بها بناء الجيل والمجتمع إلى الخدم حتى أصبح لسان الحال بل والمقال أحيانا «ما عندي مشكلة في كثرة الأولاد واستقدم لهم خادمة أو خادمتين» فتخلى الأب وتخلت الأم عن هذه المسؤولية العظيمة، والتي سيسألان عنها عند الله يوم القيامة.
وأكد أن ترك مسؤولية تربية الأولاد الى الخدم أمر عظيم وفتنة خطيرة ظهر ضررها وعم خطرها، وهو ما ادى إلى تفشي كثير من المنكرات وضياع كثير من الأبناء والبنات بسبب سوء التربية خاصة مع عدم وجود الرقابة اللازمة عليهم، إضافة إلى كثير من المخالفات الشرعية كالخلوة والاختلاط وغيرها، بل وأحيانا تتعدى للأمور العقدية عياذا بالله، وخاصة اذا كانت الخادمة من غير المسلمات وما أكثرهن في بيوت المسلمين، حتى إنه وجد من تقف أمام شمعة فجاء أبوها ليكلمها فلم ترد عليه، وبعد قليل قالت له ـ وياللفاجعة ـ إنها كانت تصلي، وهذا لأن الخادمة كانت مجوسية والأمثلة في هذا كثيرة.
شروط مهمة
وبين العبيدي وجود خادمات غير مسلمات ـ وما أكثرهن حيث أوضحت بعض الدراسات أن حوالي 60 ـ 75% من المربيات غير مسلمات، ومنهن نسبة كبيرة تنتمي إلى ديانات أخرى ليست سماوية في أصلها كمن تعبد وتقدس الأوثان أو الأبقار ـ وان وجودهن في بيوت المسلمين بل واستقدامهن إلى بلاد الإسلام لا يكون إلا لضرورة شرعية، وإذا وجدت هذه الضرورة فلا ينبغي بحال أن يترك لهن العنان لتربية الأولاد، وهنا سؤال يطرح نفسه: أنا محتاج إلى خادمة فماذا أفعل؟ فأقول إن احتجت إلى خادمة وكانت الحاجة ملحة وضرورية فلا بأس بذلك، ولكن بشروط لابد أن تتأكد من وجودها فمنها أن يكون قدومها إلى البلد وسفرها منه إلى بلادها بوجود محرم لها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» (متفق عليه)، ومنها أن تكون هذه الخادمة مسلمة، وتلتزم بالاخلاق والآداب الاسلامية ومنها مراقبة ربة البيت لها في أداء الصلاة والفرائض الشرعية الأخرى وحثها عليها ومنها عدم خلوة الرجل بها في المنزل أو في السيارة أو في أي مكان آخر ومنها عدم السماح لها بالخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى وتكون معها ربة البيت، ومنها عدم التكشف أمام الزوج والأولاد الذين بلغوا الحلم، وأن تلتزم بالحجاب الشرعي، ومنها تحديد المهام المنوطة بها وعدم الاتكال عليها في إدارة جميع شؤون البيت وخاصة تربية الأولاد.
من جانبه، يؤكد الداعية حسين المعيوف انه مما لا شك فيه ان الاختلاط مهما اختلفت أشكاله، وتعددت صوره لا بد وأن يحدث أثرا سيئا حسيا ومعنويا، ظاهرا أو خفيا، على المدى القريب أو البعيد.
وإن للخدم خاصة، خطرا كبيرا وعظيما، لأنهم يؤثرون على الأسرة وعلى الأبناء بشكل كبير، وذلك بمخالطتهم والعيش معهم تحت سقف واحد، لذا فإنه ينشأ نوع من العلاقة والتفاعل الاجتماعي بين أفراد الأسرة مع الخادمات، ومنه يكون التأثر والتأثير.
وزاد: فإن من الخطر العظيم على العقيدة استخدام الخدم الكفار وذلك ان اختيار الكافر عند الاستقدام وتفضيله على المسلم وإدخاله بلاد المسلمين دون أمر مهم تقتضي الضرورة الشرعية استقدامه من أجله، أمر خطير ومنكر كبير لما يترتب على ذلك من مجالسة له ومؤانسة ومؤاكلة واطمئنان اليه وثقة به، وذلك يفضي الى موالاة الكافر ومحبته.
جزء من العائلة
رأي علم النفس في القضية تجسده أستاذة علم النفس بكلية الآداب د.نادية الحمدان، تقول: الخادمة جزء ثان في بيت العائلة الذي يتكون من أب وأم وأطفال، والأسرة الكبيرة تحتاج الى من يساعدها في شؤون المنزل خاصة إذا كانت المرأة عاملة تقضي معظم وقتها خارج المنزل، لذا كان من الضروري ان تكون ربة البيت حنونة رحيمة على خادمتها، ولتعلم ان الظروف المعيشية السيئة والفقر هما اللذان دعاها لأن تترك بلدها وتحضر للعمل خادمة خاصة ان منهن الحاصلات على شهادات عالية ومثقفات، ولكنهن يبحثن عن الرزق الحلال من خلال عملهن خادمات.
متاعب نفسية
وتؤكد د.الحمدان ان بعض العائلات تعامل الخادمة كأنها أمة مشتراة تكلفها بما لا تطيق وتقسو عليها وتضربها إذا أخطأت، وهذا يتنافى مع الشرع ومع الإنسانية فيجب ان نرحم الخدم والا نحرمهم من الطعام الذي نأكله فربما كانت الخادمة التي قامت بطهيه أو حملته ونظرت اليه تعلقت نفسها بهة.
الشطي: قيام الخادمة بدور الأم كارثة تربوية تهدد الأجيال الجديدة
يؤكد أستاذ علم النفس د.عدنان الشطي ان قيام الخادمة بدور الأم البديلة يعتبر كارثة تربوية تهدد الأجيال الجديدة، وان الثقافات والعقائد المختلفة لخدم المنازل تنعكس سلبا على سلوكيات الأبناء، وقال ان الإحصائيات تدل على وجود خادم أو خادمة لكل خمسة أو ستة أفراد كويتيين على الأقل، وتشير احصائيات اخرى الى نسبة اقل من ذلك وهي خادم لكل ثلاثة كويتيين، وانه ربما كانت هناك ظروف مهمة لاستجلاب العمالة الى المنزل مثل خروج المرأة للعمل، بالاضافة الى رخص أجور العمالة الوافدة، وحجم العائلة الكبير، وتعود الكويتيين على الخدم في المنزل منذ القدم، وأسباب اخرى ولكن مهما كانت الأسباب فإن ظاهرة استخدام الخدم في المنازل أصبحت ضرورة ولكن لهذه الضرورة سلبيات، وذلك نظرا لاختلاف الثقافات التي يأتي منها هؤلاء الخدم حيث ان خلفياتهم جميعا غير إسلامية أو عربية، واختلاف لغة الخادمة عن لغة الطفل والأسرة، فمعظم الخدم لا يتكلمون العربية، هذا بخلاف اختلاف وسائل التربية ورعاية الطفل، حيث ان معظمهم نشأوا وتربوا في بيئات تعتبر مختلفة جدا ومتخلفة بالنسبة للعائلة الكويتية، وان المادة والمال هما الأساس في حضورهم الى الكويت، وبناء عليه فإن ممارسة السرقة أو الدعارة صفة موجودة في الكثير من الخدم مما يوضح خطر تواجدهم في المنزل على الأبناء والبنات.
الراشد: تربية الأبناء أساس إقامة أي مجتمع متمسك بعقيدته
يحذر استاذ التربية د.صالح الراشد من خطورة ترك الخادمة الاجنبية مع اطفالنا وقال: ان هؤلاء المربيات يفدن من مجتمعات لا تدين بأي دين سماوي وبالتالي يمثل هذا خطورة كبرى على عقيدة هؤلاء الاطفال حيث يقضي على روح الطفل مما يؤثر سلبا على الناحية الاجتماعية بالنسبة للاطفال وعلاقتهم بمجتمعهم بل وعلاقاتهم اولا بآبائهم حين تكون علاقاتهم مع هذه المربية باعتبارها القدوة امامهم طوال الوقت فيتمثلون بكل تصرفاتها وتقاليدها فتصبح هي مثلهم وقدوتهم، والمؤسف حقا ان الأم الحقيقية ايضا لا تهتم بأن تقيم العلاقة الطبيعية بينها وبين ابنائها حتى في وقت فراغها وتضعه على عائق المربية الاجنبية، مما يترتب عليه القطيعة غير المعلنة بينها وبين الابن الذي قد يصل الى مرحلة عدم رضائه او نفوره من مجرد وجودها لبعض الوقت. وطالب د.الراشد اولياء الامور والمسؤولين في المجتمعات العربية والاسلامية الحذر من خطورة الخادمة الاجنبية التي تمثل جبهة خطيرة في العداء ضد الاسلام، ثم ما الداعي للجوء اليها في حين ان غريزة الامومة من اعظم الغرائز الانسانية السامية التي غرسها الله سبحانه وتعالى في النفس البشرية، بل ان كل واحدة من النساء ايا كانت عقيدتها وديانتها لا تدخر جهدا ولا سبيلا لكي تكون أما، فكيف تتخلى طواعية عن دورها هذا بعد ان اكرمها الله بالابناء، وتساءل: لماذا لا نستعين بالخادمة من الدول الاسلامية والقريبة من عاداتنا وتقاليدنا؟
بعضهن يكن دون المستوى من الناحية التعليمية والثقافية والاجتماعية وبلا دراية بأولويات التربية
علماء النفس والاجتماع يدقون أجراس الخطر عبر «الأنباء»: الأطفال قد يقلدون الخادمات في الطقوس الدينية والعادات الغريبة
- القبندي: وجود العاملة المساعدة في البيت أصبح ضرورة ويجب تحديد مهام الخادمة
- الحويلة: الطفل يرتبط بالشخص القائم على رعايته وبعض الخادمات يعانين الاضطرابات النفسية
آلاء خليفة
لا يمكن أن ينكر أحد أهمية وجود الخادمة في المنزل، لاسيما مع المرأة العاملة التي تترك أطفالها لساعات طويلة وتذهب لعملها، ولكن كما هي نعمة تكون في بعض الأحيان نقمة، خاصة بعد فتح المجال لاستحضار خادمات من مجتمعات غريبة وذات عادات وتقاليد، بل وديانات مختلفة، ما أدى إلى انتشار الجريمة والأمراض النفسية كالاكتئاب والانتحار. هكذا أصبحت الخادمة المربية في بعض الأحيان مشكلة يعاني منها أولياء الأمور بدلا من أن تكون مصدرا للراحة. السبب في ذلك ما تركه مثل هذه الخادمات من تأثير على الأبناء وشخصياتهم وهويتهم.
وقد التقت «الأنباء» أساتذة ومتخصصين في علم الاجتماع والنفس لمعرفة الآثار الإيجابية والسلبية لوجود الخادمة في المنزل وأثره الاجتماعي والنفسي على نفوس الأطفال، وفي السطور التالية آراؤهم.
في البداية، قالت أستاذة علم الاجتماع بكلية العلوم الاجتماعية ورئيسة وحدة الاستشارات والتدريب بجامعة الكويت د.سهام القبندي: نتفق جميعا على أن وجود العاملة المساعدة في البيت أصبح ضرورة وليس ترفا ورفاهية كما يشير إليه البعض، خاصة مع تغير الكيانات الأسرية من الأسرة الممتدة والكبيرة في الحجم والتي تضم الجد والجدة والعمات وغيرهم، بحيث يتساندون بواجبات ومتطلبات الأسرة أو تربية الأبناء، إلى الأسرة الصغيرة المستقلة من الزوج وزوجته وأطفالهم الجدد.
وتابعت القبندي قائلة: ومع التحضر وزيادة رقعة العمل وخروج الجميع إما للدراسة أو العمل أصبح من الضرورات الاستعانة بخادمة مقابل الأجر، لافتة إلى أن القضية مرتبطة بتحديد الواجبات المطلوبة من الخادمة لأن من أكبر المشكلات أن أغلب الخدم يأتون من بيئات فقيرة ومتخلفة، لذلك يصعب توليهم مسؤولية التربية وفقا للأسس التربوية، موضحة أن الكثير من الدراسات النفسية ركزت على تكوين الشخصية والقيم التي يعتنقها الطفل.
وأشارت القبندي إلى أن حصر السلبيات مرتبط بالساعات التي يترك فيها الطفل مع الخادمة خاصة ان الطفل يرتبط بمن يقدم له الرعاية والغذاء ومن «يناغيه» ويدللـه وقت حمّامه وتبديل ملابسه، وهذا بدوره قد يخلق نوعا من مشاعر الغيرة بداخل الأم التي تجد طفلها يجري لاحتضان الخادمة بدلا من حضن الأم.
من جانبها، قالت رئيسة مركز الاسرة للاستشارات الاجتماعية والنفسية وأستاذة علم النفس بجامعة الكويت د.أمثال الحويلة لـ «الأنباء»: إن وجود الخادمة اصبح ضرورة لابد منها في مساعدة الأسرة والأم في القيام بالواجبات المنزلية، وحاليا وجدنا أن بعض الأسر تجلب الخادمة فقط لتربية الأبناء كمربية للأطفال.
وتابعت قائلة: ومع الاسف اصبحت الأسر تجلب الخادمة للطفل دون المستوى من الناحية التعليمية والثقافية والاجتماعية فلا تعرف كيفية تربية الاطفال والتعامل معهم ناهيكم عن اختلاف اللغة والسلوكيات المختلفة، فالخادمة تأتي من مجتمعات وديانات ومستويات مختلفة وتقوم بنقل عاداتها وسلوكياتها الى اطفالنا، وما نعرفه ان الطفل يرتبط بالقائم على رعايته، موضحة ان هناك دوافع وحاجات فسيولوجية وأخرى مكتسبة.
وذكرت الحويلة ان الحاجات الفسيولوجية مختصة باحتياجات الطفل من حيث الاكل والشرب والنوم واللعب ومن خلال تلك الدوافع الفسيولوجية تنشئ الدوافع المكتسبة مثل الحب والتملك والسيطرة والتأثر، وهذا يعني ان الطفل يرتبط بالشخص القائم على رعايته بغض النظر عن هذا الشخص فيرتبط الطفل بهذا الشخص من ناحية الامن والامان والانتماء والحب والتقدير.
وزادت قائلة: وعندئذ يكون اكتساب الطفل لسلوكيات من الخادمة اكبر من اكتسابه لسلوكيات من والدته، مشددة على خطورة دور الخادمة في تربية الاطفال ولا بد من انتباه الاسرة لمن يقوم على رعاية اطفالها، فالطفل قد يراقب الخادمة اثناء ممارسة طقوسها الدينية وسلوكياتها المختلفة عن طبيعتنا وثقافتنا العربية الاسلامية، موضحة ان بعض الاطفال يتأثر بكيفية تعلم النطق من خلال الخادمة فنرى الطفل يردد كلاما غريبا.
واشارت الحويلة إلى انه في الاونة الاخيرة شهدت الكويت جرائم مرتكبة من بعض الخادمات لم تكن موجودة في السابق نظرا لاستحضار الخادمات من بيئات فقيرة ذات ثقافات معينة ولا تفحص نفسيا وذهنيا قبل عملها في المنازل، فكل ما تقوم الخادمة بعمله هو تحليل الدم والاشعة فقط، ونجد ان بعض الخادمات يعانين من الانفصام والاكتئاب والاضطرابات النفسية والكثير من الخادمات يقمن بارتكاب جرائم منها السرقات والقتل والانتحار والهروب من المنزل والحاق الاذى بأحد افراد الاسرة، لذا فقد لجأت بعض الاسر لتركيب كاميرات بالمنزل لمراقبة سلوك الخادمة وبالتالي بدلا من ان تساعدهم الخادمة اصبحت تشكل عبئا ماديا اضافيا على الاسرة.
ومن جانب آخر قالت الحويلة: يفترض اذا احتاجت الاسرة الى مربية اطفال ان تقوم المؤسسات بعمل دورات تدريبية نفسية واجتماعية قريبة لثقافتنا ومجتمعاتنا لتأهيل الخادمة بكيفية رعاية الطفل وتربيته او ان تتم الاستعانة بالمربية لأوقات معينة اثناء تواجد الأم في العمل.
أمهات: المربيات شر لا بد منه.. وآباء: خطرهن سببه إهمال الأم
دانيا شومان ـ رندى مرعي
مشكلة تبدو وكأنها تستعصي على الحل، اجتمع الآباء والأمهات في استشعار خطر الخادمات على تربية الأطفال لكن اختلفت الآراء في التوصيف والضرورة وطريقة الحل.
«الأنباء» طرحت المشكلة على مجموعة من الآباء والأمهات لمعرفة رؤيتهن في الموضوع وكيفية التعامل معه والوصول إلى حل يحافظ على الأبناء من خطورة تشوه الهوية، في السطور التالية التفاصيل.
«في الحقيقة انه لا يمكن الاستغناء عن الخدم بأي حال من الأحوال خاصة في ظل المتغيرات الاجتماعية التي طرأت على مجتمعنا الصغير منذ عقود. ووجود الخادمة في البيت ضرورة ملحة وليست مجرد شيء من الكماليات» بهذه الجملة بدأ ابو احمد (43 عاما) حديثه عن ضرورة وجود الخادمة، وأضاف: «الآن في وقتنا الحالي الخادمة جزء لا يتجزأ من الاسرة وركن أساسي في كل اسرة وهذا امر لا يمكن إنكاره».
ولكن ابو احمد يشير الى ان وجود الخادمة في البيت كما انه له إيجابيته فله سلبياته أيضا موضحا: «الخادمة في البيت وكما ذكرت ضرورة وطبعا لوجودها إيجابيات ولكن لوجودها سلبيات أيضا خاصة اذا ما تم تسليمها كل شيء في المنزل وأعني ان دور الخادمة الحقيقي في المنزل هو الاهتمام بالمنزل والغسيل ومتابعة شؤون المنزل، ولكن اذا ما تعدى دورها الى تربية الأبناء والاهتمام بهم والعناية بهم بل وتربيتهم فهنا تكون الكارثة وهنا تكون اكبر السلبيات التي يرتكبها معظم الأسر هنا، والذين يوكلون الى الخادمة كل شيء، وهو امر ولا شك له تأثير سلبي على الأبناء وخاصة في سنواتهم الاولى وهي سنوات النشأة».
ويوضح ابو احمد اكثر: فيما يتعلق بتجربته مع اسرته قائلا: «نعم الخادمة لدي تهتم بشؤون المنزل فقط ولكن تربية الأبناء والاهتمام بهم والعناية بهم هو دور زوجتي، وزوجتي تعي هذا جيدا، ولكن للأسف هناك بعض الزوجات التي تترك حتى تربية الابناء للخادمة».
بدوره يشدد ابو خالد (34 عاما) ويعمل موظفا حكوميا على ان للخادمة دورا محددا وانه ليس من بين أدوارها تربية الأبناء او الاهتمام بهم او حتى عنايتهم ويقول: «الخادمة دورها محدد في تنظيف البيت والاهتمام والعناية بشؤون المنزل ولكن ليس تربية الأبناء وهذا ارفضه تماما، وزوجتي تعي هذا الامر جيدا، فالخادمة وظيفتها محددة وهي إنسانة في النهاية ولها طاقة وعملها محدد في الاهتمام بشؤون المنزل، وأما الاهتمام بالابناء فهو من صميم عمل ودور الزوجة، ويجب ان يكون هذا الدور منوط بالام وحدها وليس خادمة».
أما ابو عادل (48 عاما) فيقول حول ذات الموضوع: « ان الخادمات في البلاد معظمهن مسكينات، يتم تحميلهن ما لا طاقة لهن به ويتم تسليمهن كل شيء، بدءا من المطبخ والعناية بالمنزل حتى تربية الأبناء وهذا امر لا يحتمله احد يتقاضى مبلغا محددا ومحدودا للعمل بموجبه، والخطر الذي اراه أيضا هو انعكاس تربية الخادمات على الأبناء الذين يتربون في سنواتهم الاولى على يد الخادمات، وهو الذي قد ينتج عنه اعوجاج بالشخصية للأبناء، فالعلم في الصغر كالنقش على الحجر، فما بالك اذا كانت من تنقش هي خادمة مسكينة في شخصية طفل لا يعرف مصلحته وهو امر ممكن ان يكسب من خلاله مفاهيم خاطئة حتى في عقيدته».
ابو عمر له رأي آخر حول ذات الموضوع إذ يرى ان المسؤولية اولا وأخيرا تقع على الام وانه لا يجب على الام ان تتخلى عن مهامها للخادمة قائلا: «اعترف ان بعض الأمهات يتركن أبناءهن في عهدة الخادمات خاصة الاطفال بين عام و4 أعوام وهذه اخطر مرحلة عمرية، فالخادمة المسكينة لا تملك الثقافة والا الإدراك الكافي للتعامل مع الاطفال او تربيتهم او حتى الاهتمام بهم او رعايتهم وهو ما سينعكس سلبا وبشكل حتمي على الاطفال، وقد يؤثر في بناء شخصياتهم، وانا ارفض تماما ان تعمل الخادمة كمربية لابنائي لان في ذلك ظلم لها وظلم لأبنائي بالدرجة الاولى».
كان هذا رأي الآباء، أما الأمهات فملخص رأيهن أن «الخادمات أو مربيات الأطفال شر لا بد منه ولا يمكن الاستغناء عنه»، فهذه العبارة كثيرا ما نسمعها على لسان الأمهات، وخاصة العاملات منهن عندما تسألهن عن رأيهن بالخادمات، ولكن على الرغم من ذلك تبقى الخادمة عنصرا أساسيا في الحياة الأسرية ومساعدة الأمهات على تربية الأبناء والاعتناء بهم خاصة في غياب الأم العاملة عن المنزل. وهنا تكمن المشكلة والخطورة خاصة عندما يكون الأطفال صغارا ولا يستطيعون التعبير عما يدور حولهم وهذا ما يشكل عاملا أساسيا في تفاوت نسبة الثقة بين خادمة وأخرى ومن أم لأخرى.
فبالنسبة لرشا موسى المسألة محسومة وتقول إنها لا تستطيع أن تثق بخادمة بعد كل ما تسمعه من أخبار حول سوء معاملة الخادمات للأطفال في العالم وتقول إنها لا تعرف ما قد يحدث في غيابها عن المنزل خاصة أنها تغيب لوقت طويل بحكم عملها وابنها لا يزال صغيرا لا يجيد الكلام بالتالي لن يكون قادرا على التعبير عما يدور حوله.
تختلف مع هذا الرأي لينا خلف التي تقول إن ما نسمعه في الإعلام عن سوء معاملة الخادمات للأطفال مسائل استثنائية ولا يجب تعميمها على كل الخادمات ولا على كل الأطفال، وتقول إنها أم لثلاثة أبناء وهي أم عاملة ولديها خادمة منذ نحو 5 سنوات وتقول إنها تعتني بأطفالها بشكل جيد.
وتتابع لينا أنها في بادئ الأمر كانت تكون دائمة القلق من ترك أبنائها في المنزل بمفردهم مع الخادمة، لذا كانت شديدة الحرص على أن تتابع وضع الأبناء بشكل مستمر طيلة اليوم عبر الهاتف وتتصل بشكل متتال لتكون مع أبنائها أكثر وقت ممكن وتعرف كيف تعاملهم الخادمة، ولكن بعد فترة تقول لينا إنها أصبحت شديدة الثقة بخادمتها وقد استمدت هذه الثقة من محبة أطفالها للخادمة وتعلقهم بها ومن حسن معاملة الأخيرة للأطفال.
من جانبها تقول فرح محمد إن مسألة الثقة بالخادمة مسألة نسبية وتختلف من أم إلى أخرى ومن خادمة إلى أخرى خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال والاهتمام بهم، كما أن عمر الأطفال الذين ستهتم بهم الخادمة عامل أساسي في مدى اهتمام الخادمة بالأطفال واعتنائها بهم، وتقول فرح إنها أم لولدين الكبير عمره 4 سنوات والصغير لم يتم عامه الأول بعد، وتراقب فرح تعامل الخادمة مع أبنائها وتجد أنها تقسي على الكبير لأنه كثير الحركة ويتعبها في حين أنها شديدة التعلق بالصغير.
أما سمر عباس فترى أن الخادمات في الماضي كن أهلا للثقة أكثر مما هن عليه اليوم، وذلك لأنها ترى أنه قلما نجد منزلا فيه خادمة ولا يوجد فيه مشاكل، وهذه المشاكل ليس من الضروري أن تكون متعلقة بالأطفال وحسب بل قد تكون بسبب الخادمة نفسها.
على النقيض من ذلك تقول ميساء خليل إنها تأمن على أبنائها وهم مع الخادمة أكثر من أي شخص آخر فهي تهتم بهم بشكل جيد وتتقن عملها من خلال تعاملها الجيد وهذا يبدو واضحا من تعلق الأطفال بها وفرحهم عندما يلعبون معها، وتقول ميساء إنه كما يوجد خادمات غير متقنات لعملهن ولا يحببن الأطفال ولا يقمن بواجباتهن بشكل جيد فإنه هناك أخريات تعرفن معنى الاهتمام بالأطفال والأمانة في العمل.
مواطنون: الأطفال يتعلقون بالخادمات ويقلدونهن ويعتبرونهن الأم الحقيقية.. كارثة حقيقية
ندى أبونصر
بعد تطور وضع المرأة في المجتمع وخروجها الى العمل إلى جانب الرجل اصبح وجود الخادمة ضروريا كما اصبح يوكل اليها تربية الاطفال والعناية بهم، وبالتالي يترتب على ذلك تأثيرات نفسية واجتماعية وسلوكية بالنسبة للطفل حتى اصبح الطفل يتعلق بالخادمة تعلقا شديدا بحيث يبكي ويحزن لفراقها ويعتبرها بمثابة أمه الحقيقية بينما لا يشعر بأي مشاعر بنوة تجاه أمه، وكما هو معروف فإن الطفل يميل الى تقليد من حوله ويصبح يقلد الخادمة في كل تصرفاتها وهنا تقع الكارثة الحقيقية، حتى ان الطفل يصل الى سن العاشرة فيتكلم بلغة او بلهجة غير مفهومة، وبالأخص ان مرحلة الطفولة هي اهم مرحلة في حياة الانسان حيث تتشكل شخصيته وتتحدد اتجاهاته في الحياة، ويبقى السؤال الأهم كيف ستتشكل شخصية الطفل في ظل وجود خادمة وغياب دور الأم كليا في الكثير من البيوت؟ وهل الخادمة تستطيع ان تحل مكان الأم؟ «الأنباء» عرضت القضية على مجموعة من المواطنين لمعرفة آرائهم في هذه الظاهرة التي ربما تهدد أبناءنا اجيال المستقبل والتي نوجزها في السطور التالية.
في البداية قال راشد العنزي انه من الممكن للخادمة ان تمارس دورها كوظيفة لا اكثر بينما الأم يجب ان تقوم بنفسها بالاهتمام بالاطفال وتمارس دورها على اكمل وجه، لأن الطفل اذا شعر بفقدان أمه وحنانها على الرغم من وجودها فهذه مأساة والخادمة ايضا تنفر من الطفل وطلباته وغير مستغرب ان تؤذيه او تضره بأي طريقة. هكذا تكون النتيجة طفلا ممزقا افتقد الحنان ودفء الأمومة، وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه ولو كان عند الطفل أي مواهب او قدرات فسوف تظل مدفونة داخله ولا تخرج والسبب الاهمال وعدم توافر الرعاية والاهتمام، ولو كانت قليلة لأنه لا أحد يحل مكان الأم. غير انه يمكن للطفل ان يلجأ في هذه الحالة لخارج المنزل ليلقى الحب والحنان، وبالتالي رفاق السوء في الانتظار غير العقدة النفسية التي ربما تصبح لديه، وعندما يواجه أي مشكلة تتفجر عندها كل مشاعر الحقد والغضب والسبب النقص العاطفي الذي افتقده في صغره.
من جهتها، قالت أم ممدوح: مهما فعلت الخادمة فلن تستطيع ان تعوض عن الأم ربة المنزل ودورها ودور الأمومة لأنها لن تكون احن منها على الأطفال ولن تكون حريصة على نظافتهم كحرص الأم لأنه في النهاية همها النقود التي ستدفع لها آخر الشهر. لكن كثيرة هي الظروف التي تجعل الأم تعمل وقد تكون ظروفا اجتماعية او اقتصادية ولهذا تضطر الأم لان تترك ابنها في دور الحضانة او مع المربية لكن يجب ألا تحل محل الأم بل تقوم بمساعدتها فقط في اعمال المنزل دون اخذها لدور الأم العاطفي.
أما محمد الكندري فأشار إلى ان الخادمة ربما اصبحت في وقتنا وجودها ضروري وبالأخص اذا كانت الأم تعمل خارج المنزل ولكن يجب ألا تحل الخادمة محل الأم كما ملحوظ حاليا حيث اصبحت الخادمة هي الأم الثانية، اصبحت ترافق العائلة في جميع الرحلات، وأصبحت هي من يستقبل الضيوف وتهتم بالأطفال وترى طلباتهم واصبحوا يرونها اكثر من والداتهم، وهذا شكل مخاطر حقيقية على أبنائنا لأن الطفل بحاجة لرعاية الأم واهتمامها وحنانها.
بدورها، قالت أم محمد: على الرغم من اني أم لأربعة أطفال ورغم وجود خادمة في منزلي منذ وقت طويل الا انني مازلت أقوم بواجباتي كأم وزوجة فأنا استيقظ مع اطفالي كل يوم وأحضر لهم الفطور والزوادة التي يأخذونها معهم إلى المدرسة، وأسعد كثيرا عندما أعد القهوة لزوجي ايضا ولا أترك للخادمة القيام بذلك حتى لا يشعر زوجي ولا اطفالي بأني أقصر بواجباتهم او ان الخادمة أخذت دوري في الاهتمام بهم.
خادمة لكل طفل.. هل أصبحت موضة أم معول هدم لهوية الجيل الجديد؟
لميس بلال
كلنا نبحث عن سبل للمساعدة في حياتنا وما اجمل من الأيادي التي تساعد في جعل الحياة أسهل وأجمل، ولكن ما ان تصبح هذه الأيادي بديلا عن أيادينا هنا يكمن الخطر لأننا قمنا بمسح ذاكرة من نعمل على رعايتهم من اهتمامنا وننسبها لغيرنا ممن لا يصلونهم بالدم او النسب. فيما يلي استقصاء أجرته الأنباء «لآراء مجموعة من الشباب حول موضوع الخادمات ومدى تأثيرهن على الأطفال».
في البداية تقول عنود جاسم «الخادمة شر لا بد منه خصوصا في مجتمع بات اتكاله الكامل على هذا النوع من الرفاهية، خصوصا ان فكرة خادمة لكل طفل أصبحت موضة متبعة عند الكثيرين من الأمهات التي ترغب في ذلك ليس لأن حالتها المادية مرتاحة وانما لتتساوى بصديقاتها او زميلاتها بالعمل او حتى جارة لا تربطها بها علاقة.
وتؤكد عنود انها تحرص على جلب خادمة واحدة فقط لأنها امراة عاملة وليس لديها الوقت الكافي لتلبية طلبات المنزل من طبخ وتنظيف وغيره.
ومع ان أولادها يتطلبون رعاية وطلباتهم تتزايد الا انها تفضل ان تلبي رغبتهم خوفا من ان يتعلق الأولاد بخادمة سترجع لأسرتها يوما ما ويصبحون اقرب اليها منها.
أما عذاري حيدر فتقول «تعودت منذ بداية زواجي ان اعتمد على نفسي في كل شيء واستغنيت عن الخادمة بشكل لفت انظار كل من حولي لدرجة انهم انتقدوني وعلقوا علي بصفة البخل او انني لا اجاري المجتمع بعادات دخيلة ليس لها أساس من الصحة.
وتؤكد ان بيتها مملكتها وهي ترغب في العناية بكل شيء في المنزل من الزوج للأولاد للبيت نفسه وهي لا تجد في ذلك عيبا او تعبا وانما فخر لها حين يتفهم الأولاد والزوج تضحية الأم بوقت تقضيه الأخريات في السوق او ارسال رسائل على الـ «واتس اب» او مشاهدة وسائل التواصل الاجتماعي اما انا اقضيه لأعلم افراد اسرتي الاعتماد على النفس وحب مساعدة الأم في المنزل.
من جهتها، تقول تغريد الحسن «كنت رافضة في البداية لمبدأ وجود الخدم وزيادة عددهم في المنزل الا ان انشغالنا في الحياة الاجتماعية والعمل والمجاملات التي نرتبط بها جعلتنا مضطرين لجلب المزيد، ومع اننا نعاملهم كأفراد الأسرة الا انهم يأتون من بيئة مختلفة ويجلبون عادات تعتبر دخيلة على مجتمعنا المحافظ.
وتؤكد ان من اسوأ العادات التي يكتسبها أطفالنا هي تلك اللغة التي يتعلمونها منهم بحكم العشرة والاختلاط بهم وبالتالي تصبح لغتهم الأصلية ركيكة لدخول مصطلحات جديدة تبدو في البداية مضحكة وهم صغار ولكن تحزننا عندما يكبرون ويتحدثون بها.
أما آلاء عبدالعزيز فتستنكر الأمهات التي تجلب خادمة او مربية لطفلها او طفلتها لتتعايش معه بالكامل والأم هي مجرد تلك الإنسانة التي جلبت هذا الطفل للحياة، فبعض الأطفال ينادون الخادمة بكلمة ماما وآخرون لا ينامون الا في حضنها او يشهقون بكاء حين تسافر.
هذا كله نتاج إهمال الأم لطابع الأمومة الجميل والذي لا يمكن ان يعوض في انسان غيرها، وهنا تؤكد آلاء تعرض الأطفال لحوادث عدة بصغرهم او تحرشات جسدية لا تدري عنها الام لأنها مسترخية في جناح يبعد عن فلذة كبدها وهذا ما يجعلهم يكبرون في مشاكل نفسية خطيرة لا يمكن تداركها مع مرور الزمن، وكيف تحاسب هذا الخادم بعد ان فعل فعلته الشنيعة او ضرب الطفل او قتله لقلة الاهتمام بعد ان عاد لوطنه وهنا «لي فات الفوت ما ينفع الصوت».