بقلم: بوي كووك ترونغ - سفير مفوض فوق العادة لجمهورية فيتنام الاشتراكية في الكويت
تحتفل فيتنام في الثاني من سبتمبر عام 2013 بيومها الوطني. لقد مرت 68 سنة من ثورة أغسطس وإعلان الاستقلال الذي شكل الانطلاقة للنهوض بجمهورية فيتنام الديموقراطية التي أصبح اسمها الآن جمهورية فيتنام الاشتراكية.
شهدت فيتنام طوال السنوات الثماني والستين الماضية فترات عصيبة، الا انها تسلحت على مر تلك السنين بالفخر والاعتزاز العارمين في صون استقلالها وحريتها وتحقيق السلام والوحدة الوطنية فضلا عن بناء الدولة وترسيخ نموها. لقد حققت فيتنام بعد أكثر من 25 سنة من الاصلاح إنجازات بارزة في مجالات النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي - السياسي، والمشاركة الدولية والاقليمية الاوسع نطاقا والاكثر فاعلية، الامر الذي ساهم في تعزيز حضور فيتنام ومكانتها على الساحة الدولية.
على الرغم من تأثر اقتصاد فيتنام سلبا بالانكماش الاقتصادي العالمي، واصل الاقتصاد الفيتنامي التعافي والانتعاش محققا نتائج اقتصادية ايجابية نسبيا بفضل التوجيهات الحكيمة والجهود الحثيثة للحكومة الفيتنامية خلال العامين 2012 و2013، بحيث تعدت قيمة الناتج المحلي الاجمالي 138 مليار دولار، وبلغت قيمة الاستثمار الاجنبي المباشر 16.3 مليار دولار (2012)، كما حقق اجمالي الناتج المحلي خلال الاشهر الستة الاولى من عام 2013 نموا بنسبة 4.9%. وشهدت معايير مستوى المعيشة للشعوب تحسنا ملحوظا عزز الامن الاجتماعي في البلاد. على صعيد العلاقات الاجنبية، لطالما أبدت فيتنام رغبتها في بناء وترسيخ وتوطيد علاقات الصداقة والتعاون بما يعود بالفائدة المتبادلة، مع بلدان العالم كافة وعلقت أهمية قصوى على هذه المسألة في سبيل تحقيق السلام والأمن والازدهار. اننا نشعر بالفخر والاعتزاز كلما عدنا بالذاكرة الى تطور العلاقات الفيتنامية - الكويتية طوال الفترة المنصرمة نظرا لما بنيت عليه تلك العلاقات من أسس الصداقة المتينة والاحترام المتبادل والتفاهم والتعاضد والتعاون الراسخ بين الحكومتين والشعبين، وها هي تستمر حتى يومنا هذا على درب التطور الراسخ والصلب في مجالات عديدة. يواصل الجانبان في الحقل السياسي - الديبلوماسي، وعقب النجاح الذي حققته الزيارات الرسمية الودية المتبادلة لقادة البلدين، على غرار الزيارات التي قام بها رئيس الوزراء لدولة الكويت الشيخ ناصر المحمد (مايو 2007) ورئيس الوزراء الفيتنامي نغوين تان زونغ (مارس 2009)، تكثيف الزيارات المتبادلة على كل الاصعدة والمستويات تمهيدا لبلورة آليات وأطر عمل التعاون الفعال. هذا وقد تم توطيد العلاقات السياسية الرفيعة المستوى مما ساهم على نحو لافت في تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف الحقول والميادين. وفي سياق مواز، شهدت العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين تطورات ايجابية. فقد قدم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية قروضا بشروط تفضيلية لمشاريع تطوير البنية التحتية في المناطق النائية في فيتنام (باك كان، ديين بيين، ها تينه، هوا بينه...)، في اطار السعي الى تحسين وتعزيز المستوى المعيشي لسكان تلك المناطق.
وتتجسد المحطة البارزة للتعاون الاستثماري القائم بين فيتنام والكويت في إعداد مشروع مصفاة ومجمع بتروكيماويات «نغي سون» في إقليم تهانه هوا في وسط فيتنام الذي يعتبر أحد أضخم المشاريع الاستثمارية في فيتنام برأسمال قدره 9 مليارات دولار، وقد تم التوقيع عليه عام 2008 بين كل من شركة بتروفيتنام، وشركة البترول الكويتية العالمية وشريكين اثنين يابانيين هما ايديميتسو كوسان كورب وميتسوي كيمكالز انك، حيث تبلغ حصة شركة البترول الكويتية العالمية 35.1% من المشروع، وقد التزمت بتوريد 100% من النفط الخام الى المصنع على الأمد الطويل.
يُرتقب انجاز عملية بناء المصفاة في الربع الاخير من عام 2016، ومن المتوقع المباشرة في إتمام العمليات التجارية في منتصف عام 2017 بقدرة تكرير تبلغ 200.000 برميل يوميا، ما يعادل 10 ملايين طن سنويا. هذا وتشتمل منتجات المصنع الاساسية على الغاز النفطي المسال، الغازولين eu3/4، الكيروسين، وقود الطائرات النفاثة، وقود الديزل، زيت الوقود، الكبريت، بولي بروبيلين، بار - اكس، والبنزين وغيرها.
وأما على صعيد العلاقات التجارية فقد بلغ حجم التبادل التجاري في عام 2012 ما قيمته 737.9 مليون دولار بحيث صدرت فيتنام ما قيمته 29.2 مليون دولار واستوردت سلعا بلغت قيمتها 708.7 ملايين دولار. وشملت المنتجات الاساسية المصدرة من فيتنام الى الكويت المأكولات البحرية، والمنتجات الزراعية (الفواكه، الخضار، الشاي، القهوة، الارز، الفلفل، الكاجو، القرفة، والحليب، والخشب والمنتجات الخشبية والحديدية والفولاذية، والاقمشة، والانسجة، والاحذية، والهواتف النقالة والاكسسوارات).
ولاتزال الفرص متاحة على ما يبدو للتعاون بين أصحاب المشاريع والمستثمرين في كلا البلدين. ان فيتنام ترحب بالشركات الكويتية وتدعوها الى الاستثمار في مجالات البنية التحتية والإعمار والزراعة والتمويل والمصارف والطاقة.
وبموازاة نجاح التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، تجدر الاشارة الى عدد من التطورات الايجابية الاخرى التي برزت على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين. ففي شهر أبريل من العام الحالي، بدأ يسري نفاذ الاتفاقية المبرمة حول الإعفاء من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الديبلوماسية والرسمية. هذا وتستمر الحكومة الكويتية في تقديم منح دراسية لطلبة فيتناميين للعام الاكاديمي 2013 - 2014 لمتابعة الدراسة في مركز اللغات وفي كلية الهندسة والبترول في جامعة الكويت.
وبمناسبة الذكرى الثامنة والستين لليوم الوطني لجمهورية فيتنام الاشتراكية، والذكرى السنوية العاشرة على تأسيس سفارة فيتنام في الكويت، أود أن أعرب عن خالص شكري لصاحب السمو الامير الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، ولسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، ولرئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك ولشعب الكويت الصديق على المشاعر الطيبة وعلى الدعم المقدم لفيتنام في مسيرة الإعمار الوطني والحماية والتنمية، والدعم القيم والمتواصل المقدم لسفارة فيتنام في دولة الكويت. إننا نأمل تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين فيتنام والكويت وتنميتها وشد أواصرها لما يعود بالخير الوفير على الشعبين تحقيقا للسلام والاستقرار والازدهار في المنطقة وفي العالم أجمع.