- ارتداء الشباب للخلخال يرجع إلى الرغبة في التميز عن الآخرين
- ضرورة تثقيف المجتمع بما يتوافق مع الحفاظ على أصول الفصل بين العادات الرجالية والنسوية
- بعض مشاهير مواقع التواصل يتحملون مسؤولية تلك العادات المستهجنة
- الغالبية العظمى من الشباب ترتديه لحب الأناقة فقط دون التشبه بالجنس الآخر
لو عاش الشاعر الكبير دعبل الخزاعي في زمننا هذا، لربما كان سيتريث كثيرا قبل ان يقول في ديوانه الشعري:
«خلخالها يسحب في ساقها.. وقرطها في الجيد ما ينطق»، وكيف لا يتريث، وقد اختلط الحابل بالنابل والتبست الأمور عما كان في عصره، فلم يعد الخلخال حكرا على النساء، بعد ان قام الكثيرون من الشباب بارتدائه، وسط تباين في الآراء ما بين مؤيد ومعارض لتلك الظاهرة.
ولعل هذه الظاهرة المندرجة تحت مفهوم «الموضة» والظواهر السابقة واللاحقة منها، تبرهن مرة اخرى اننا نعيش عصر السرعة في كل شيء، وعلى ضوء ذلك يتغير ما حولنا بسرعة أكبر وتتبدل الكثير من المفاهيم والعادات والتقاليد، مما يفسر رفض الجانب الاكبر من المجتمع لظاهرة ارتداء الرجال للخلخال، وذلك لأننا نعيش في مجتمع شرقي لازال يتمسك بقيمه وعاداته، ومازال هناك اختلاف واضح بين المرأة والرجل في الكثير من الأشياء.
«الأنباء» استطلعت آراء مجموعة من الأكاديميين والمتخصصين حول تلك القضية وفيما يلي التفاصيل:
لميس بلال
في البداية يرى د.عيسى عادل وهو طبيب اسنان ان انتشار مثل تلك الأمور لم يعد مستغربا، مرجعا ذلك الى الرغبة الكبيرة لدى بعض الشباب في التميز حتى لو كان ذلك سطحيا، دون اي اكتراث بالعادات المجتمعية التي ترى ارتداء الرجال للخلخال وغيرها من الحلي المعروفة بنسويتها مسخا مجتمعيا، خصوصا ان لبس شخص واحد لمثل هذه الامور في مجمع تجاري على سبيل المثال هو تحريض بقصد او بدون قصد على ارتداء العديد من الشباب له لاحقا.
ويوضح د.عادل ان الوعي الثقافي مهم جدا في مثل تلك الأمور، فمن غير المتوقع ان يرتدي الشاب المثقف مثل هذه الحلي حتى لو كانت تندرج في اطار «الهبة» ومن هنا يتم الحديث في كل مرة عن ضرورة تثقيف المجتمع بما يتوافق مع الحفاظ على اصول الفصل بين العادات الرجالية والنسوية ولو بالحد الذي يمنع من ارتداء مثل هذه الأمور كالخلخال والاقراط والأساور.
وبدوره، يحمل د.مالك الشمري الإعلاميين الجدد «مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي» - كما وصفهم - مسؤولية انتشار تلك العادات المستهجنة عبر التسويق لها في حساباتهم الشخصية من منطلق الربح المادي البحت، دون اي اكتراث بسطحية المنتج المروج له وتعارضه مع عادات المجتمع وأعرافه، موضحا ان ارتداء الرجال للخلخال لا يمثل اي اضافة لأناقتهم، بل على العكس يصبحون محل سخرية لفئة كبيرة جدا من المجتمع، كما ان التقليد الأعمى لكل موضة غربية اصبح دارجا بشكل مشمئز ليس على الرجال فحسب وإنما لدى الجنسين، فقد يجد الأشخاص في الغرب حيزا اكبر في ارتداء ما يشاؤون بحكم عدم وجود رقابة مجتمعية وأسرية.
وفي السياق ذاته يرى هاني العنزي وهو طالب بجامعة الكويت ان كل ما يحدث الآن في مجتمعنا من عادات دخيلة هي نتاج ما يعرف بـ «الثقافة المضادة» والتي انتشرت في سبعينيات القرن الماضي من خلال السعي الى ترسيخ وقبول المجتمع لكل ما هو مخالف لقيمه ومبادئه، سواء كانت فنية او ادبية او حتى سياسية، وتطور الامر ليصل الى العادات والتقاليد، مشيرا إلى ازدياد غزوها خلال السنوات الاخيرة بسبب «الانترنت» وكثرة مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا انه ليس هناك سلوك شاذ لمن يرتدي تلك الأمور من الشباب وخاصة ان الغالبية العظمي ترتديه لحب الأناقة فقط دون اي رغبة في التشبه بالجنس الآخر، مشيرا الى ان المواظبة على ارتداء الشاب للحلي النسائية بشكل مستمر ودائم هو الذي قد ينم عن سلوك شاذ ورغبة بالتشبه بالجنس الآخر، وفي هذه الحالة يتم الرجوع الى العلاج النفسي لتقويم سلوك الشاب وتصرفاته.
وشدد على ان نبذ المجتمع لهذه التصرفات لا يشكل بالضرورة علاجا منها، لكن الامر يحتاج إلى عدة أمور منها تعزيز القيم الاجتماعية والتوعية الفردية وعدم الإسفاف بالتقليد الأعمى لكل ما هو دخيل على المجتمع، اضافة الى احتواء الحالات الشاذة وعلاجها بما يتوافق مع كل حالة، منوها الى ضرورة وجود رقابة أسرية متوازنة على تصرفات الأبناء، وذلك لاكتشاف مثل هذه التصرفات مبكرا وعلاجها بالطريقة المناسبة.
وترى الأستاذ المساعد في قسم علم النفس بكلية العلوم الاجتماعية والمتخصصة في علم النفس الجنائي د.نعيمة طاهر ان الظواهر السلوكية المخالفة للقيم والتقاليد مثل ارتداء الشباب لتاج الشعر أصبحت ظاهرة طبيعية فيما بعد حتى أنها ظهرت في بعض المسلسلات الخليجية ومن ثم الشعر الطويل تقليدا للفرسان العرب قديما، وكان هناك استنكار للشعر الطويل، ولكن ظهرت تسريحات مبتكرة مثل «ذيل الحصان» أو «العنقوص» والمشي بالمجمعات التجارية بهذا الشكل بحرية مما يمهد لظهور سلوكيات جديدة اتباعا للموضة فظهرت مثلا موضة البنطال المقطع وانتشرت بسرعة، تدرج بعدها ظهور سلوكيات غير مقبولة للشباب مثل وضع الكحل داخل العين و«الماسكارا» وصبغ الشعر وهذه ظواهر استنكرها المجتمع ولكن ليس بالشكل المطلوب، وهنا لابد من وجود برامج توعوية وإصلاحية لما هو مخالف لقيمنا الاجتماعية ومبادئ ديننا الحنيف، فالشباب باتباعهم هذه المظاهر والسلوكيات ابتعدوا عن الرجولة.
وأضافت طاهر: ان التمادي في مجاراة الموضة سواء اتفقت مع تقاليد المجتمع العربي أم لا يرجع إلى تقاعس وسائل الاعلام والمؤسسات التربوية عن تلك الظواهر، فما يصلح للغرب لا يناسبنا كمجتمع عربي وإسلامي وهذا تشبه بالنساء لا محالة، مؤكدة ان «هذا يأتي من عدم مراقبة الاسرة لسلوك الابناء» منوهة الى التقليد الاعمى في الملبس والمأكل وكل شيء، ناهيك عن قلة الوعي الديني لدى الشباب، لأن المحاضرات الدينية والبرامج التلفزيونية لا تهتم بتوعية الشباب بالسلوكيات الصحيحة وكيفية مواجهة التطورات الحديثة، فالحملات والبرامج التوعوية لابد ان تصل لتفكير شباب 2016.
نجوم الـ «سوشيال ميديا»: ينقص من الرجولة ويعكس صورة سلبية لشخصية الشاب
رفض عدد من نجوم عالم التواصل الاجتماعي ظاهرة ارتداء الشباب للخلخال، مؤكدين أنها غير مناسبة وتقلل من قدر الرجال، وتعكس صورة سلبية عن شخصية من يرتديها.
وأكد خالد الغربللي رفضه لهذه الموضة، مبديا استغرابه الى ما وصل إليه الحال في مجتمعنا قائلا «هذه ليست موضة ولن اشجع الشباب من متابعي حسابي عبر وسائل التواصل على نشرها أو حتى ارتدائها كونها تشبها واضحا وصريحا بالنساء، فالشاب يواكب الموضة الشبابية البحتة بعيدا عن التشبه بالجنس الآخر».
وأوضح الغربللي ان اللوم لا يقع على مواقع التواصل الاجتماعي فقط والتي أصبحت شماعة تعلق عليها كل السلوكيات الخاطئة وإنما تعود للشخص نفسه وتربيته وسلوكياته، فنحن في مجتمع منفتح على العالم والجميع دائم السفر والترحال، ويجب ان نتعلم الجيد والمفيد في الحياة، وتلك الظواهر لا نقبلها ويبقى تأثيرنا في مواقع التواصل الاجتماعي له نسبة معينة ومحدودة، والمتابعون من الشباب والكبار لهم عقول ويختارون ما يرغبون في تقليده او مجاراته وأنا لم أشجع على ظاهرة ارتداء الشباب لـ«الحيول» عبر حسابي وضدها تماما.
وبدورها، تقول منسقة الأزياء روان المرزوق: بالنسبة لي لا أرى انها موضة مناسبة مثل عدم تفضيلي ان يلبس الرجل الاقراط مع احترامي لمبدأ الحرية الا ان هناك أشياء يكون لها اضافة افضل على المظهر العام للرجل، لافتة إلى ان الخلخال هو موضة للبحر ولا يصلح ان يكون للسوق او الخروج في الأماكن العامة وإذا كان الرجل من عشاق البحر فالأفضل ان يلبس السوار باليد وليس بالقدم.
من جانبها، تقول نجمة «التواصل الاجتماعي» دلال معرفي ان ارتداء الشباب للخلخال ظاهرة غير مقبولة سواء في المجتمع الخليجي أو العربي بشكل عام وقد تكون ظاهرة مستهجنة حتى في المجتمعات الغربية، وأنا شخصيا قضيت شهرا كاملا في اوروبا وزرت الدول التي يوجد بها سياحة وبحر وأجواء صيفية بحتة ولم أر اي شاب يلبس اي نوع من الخلخال.
وأضافت معرفي: في رأيي الشخصي هذه العادة او الموضة تنقص من الرجولة وتقلل من قدر الشاب وتعكس صورة سلبية جدا لشخصيته.