في كل يوم، يعمل الموظفون في مجال الإغاثة الإنسانية في الخطوط الأمامية في الحروب والكوارث في تحد ظاهر لمخاطر وصعوبات جمة، من أجل تقديم المساعدة إلى من هم في حاجة ماسة إليها.
إن اليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي يحتفل به في 19 من شهر أغسطس من كل عام، هو مناسبة للاعتراف بدور أولئك الذين يخاطرون بأنفسهم في سبيل أداء الواجب في مجال الإغاثة الإنسانية، ويعملون على حشد أمم بأكملها في سبيل الدعوة للمشاركة في العمل الإنساني.
لقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 19 أغسطس من كل عام ليكون يوما عالميا للعمل الإنساني وذلك لتزامنه مع الذكرى السنوية للهجوم على مقر الأمم المتحدة في العاصمة العراقية، بغداد، في عام 2003، ومقتل 22 من موظفي الأمم المتحدة أثناء تأديتهم لواجبهم الإنساني.
هذا العام، دعت الأمم المتحدة إلى التضامن العالمي مع أكثر من 130 مليون شخص في العالم الذين يعتمدون في بقائهم على قيد الحياة على المساعدات الإنسانية العاجلة.
وتحت شعار «الإنسانية الواحدة»، وفي قمة إسطنبول العالمية للعمل الإنساني، فقد كان «اليوم العالمي للعمل الإنساني» تجديدا لالتزام المجتمع العالمي بدعمه للسكان المتضررين من الأزمات وتمكين موظفي الإغاثة الإنسانية من العمل بأمان وعلى نحو أكثر فعالية من أجل تقديم المعونة والمساعدة لمن يحتاجونها حول العالم.
«إن وضع الحلول للأزمات التي غمرت هؤلاء الناس بهذه المشقة اليائسة ليست بسيطة أو فورية.
ولكن هناك أشياء يمكن أن يقوم بها كل منا - اليوم وكل يوم. يمكننا أن نظهر الرحمة، يمكن أن نرفع أصواتنا ضد الظلم، ويمكن أن نعمل من أجل التغيير».
«في وقت سابق من هذا العام، اجتمع 9000 شخص في إسطنبول للمشاركة في أول قمة للعمل الإنساني، التزم فيها قادة العالم بتحسين حياة الناس الذين يعيشون في خضم النزاعات والكوارث وفي ظل أوضاع شديدة من الضعف والهوان، واحتشدوا هناك لدعم أجندة العمل الإنساني وتعهدوا بألا نتخلى عن أي أحد.
وبعد مرور أكثر من 5 سنوات من الحرب في سورية، فإن وضع حد للمعاناة الإنسانية هناك لا يزال يبدو أمرا صعبا.
وتقدر الأمم المتحدة تأثر حوالي 10.8 ملايين شخص بسبب النزاع الدائر هناك، وهم في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية.
ضمن هذا العدد، هناك 6.5 ملايين من المشردين داخليا في سورية و4.6 ملايين لاجئ في البلدان المجاورة، وحوالي 241.000 يعيشون في ظل ظروف الحصار.
وبفضل سجل قياسي على مدى تاريخها، فلقد احتفظت الكويت بمكانتها في طليعة الدول سريعة الاستجابة عالميا في العمل الإنساني وما تقدمه من شراكة قيمة في هذا المجال.
لقد استضافت الكويت خلال الأعوام 2013، 2014 و2015، ثلاثة مؤتمرات للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية وحشدت الدعم الدولي لذلك.
وقد بلغت مساهمة الكويت 1.3 مليار دولار أميركي في وكالات الأمم المتحدة في إطار الدعم الإنساني لضحايا الأزمة السورية.
وتعتبر الكويت من بين أكبر أربع جهات مانحة لدعم الوضع الإنساني في سورية على مستوى العالم، وفي العام الحالي لسنة 2016، أخذت الكويت مرة أخرى زمام المبادرة بالمشاركة في تنظيم مؤتمر المانحين الرابع لدعم الوضع الإنساني في سورية وتعهدت خلاله بالمساهمة خلال هذا المؤتمر بمبلغ 300 مليون دولار أميركي.
وبفضل مساهمة الكويت كواحدة من أكبر المانحين لدعم الوضع الإنساني في ظل الأزمة الدائرة في سورية، كانت الأمم المتحدة قادرة على الاستجابة للأزمات التي طالت المنطقة إقليميا بسبب الوضع هناك.
هذا، ولقد طور برنامج الأمم المتحدة الإنمائية (البرنامج الإنمائي) نهجا متكاملا جديدا في تقديم الدعم إلى السكان المتضررين من الأزمات. نذكر هنا بعضا من أهم نتائجه، على سبيل المثال:
إزالة والتخلص من أكثر من 1.568 طن من النفايات الصلبة و3.510 أطنان من الأنقاض المتراكمة في أكثر من 18 من الأحياء في المحافظات الخمس المتضررة، مما ساعد في تحسين مستويات النظافة والظروف البيئية لحوالي 283.535 شخصا يعيشون هناك، فضلا عن توفير المياه النظيفة للأحياء المتضررة مما شجع حوالي 2.500 شخص من النازحين على العودة إلى ديارهم في حلب، وحماة، وحمص، عدا عن خفض الحاجة إلى الكهرباء عن طريق توفير مصادر للطاقة المتجددة.
تجدر الإشارة إلى أن مبالغ التبرعات وفرت حوالي 3.350 فرصة عمل (منها 1.300 فرصة عمل استفاد منها أشخاص من أشد الفئات ضعفا)، وتوفير التدريب المهني لـ 539 شخصا، بما يعزز سبل كسب العيش للسكان المتضررين بشكل مستمر ويعجل بعودة المشردين إلى ديارهم.
كذلك، تم إنشاء برامج دعم لمشاريع العمل الحر والمشاريع التجارية متناهية الصغر، وبرامج التدريب الحرفي على أساس الطلب، وتأسيس برامج توظيف وتدريب عملي طارئة استفادت منها 23.000 أسرة لدعم إمكانياتها المادية.
إن الاستجابة الإنسانية للكويت للدعوة التي أطلقتها المنظمة الدولية للهجرة لإغاثة ضحايا النزاعات المسلحة في سورية وفي الدول المجاورة الأخرى، هي مثال نموذجي لمستوى التعاون بين المنظمة وحكومة الكويت، التي وفرت مواد غير غذائية لما يقرب من 93.000 مستفيد من أكثر الفئات احتياجا، وإلى الأسر المشردة حديثا، والأسر التي تعيش في المناطق التي يتعذر الوصول إليها أو في المناطق المحاصرة.
وتشتمل المساعدات غير الغذائية على فرشات نوم وبطانيات ومصابيح شمسية ومستحضرات النظافة الشخصية وحفاظات البالغين وأغطية بلاستيكية للنوم وعلب مبولة.
وفي 9 سبتمبر 2014، قدم الأمين العام للأمم المتحدة إلى صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، «جائزة قائد الإنسانية»، للتعبير عن تقدير العالم للقيادة الحكيمة والكرم السخي لصاحب السمو ليجسد مفهوم «الإنسانية الواحدة».
كما أنها انعكاس لالتزام صاحب السمو بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وعلى وجه التحديد، «الهدف رقم 16 بشأن السلام والأمن» و«الهدف رقم 17 بشأن الشراكات من أجل الأهداف».
ولقد تم تسليط الضوء في خطاب صاحب السمو الأمير الذي ألقاه أثناء مؤتمر القمة على ذلك، بقوله:
تحملت الكويت دائما مسؤولياتها الإقليمية والدولية من أجل تحقيق الأهداف الإنمائية، وعملت على تأييدها من خلال المعالجة الإيجابية والفعالة للقضايا ذات الصلة.
وفي السنوات القليلة الماضية، استضاف بلدي عددا من المؤتمرات الاقتصادية والإنمائية والإنسانية رفيعة المستوى، وأطلق العديد من المبادرات لتعزيز الشراكة والتعاون في المجالات الإنمائية والإنسانية.
ونحن نتابع باستمرار ما يتم إحرازه من تقدم وأيضا آليات تنفيذ تلك المبادرات للتأكد من إنجازها لأهدافها المعلنة.
إن الاستجابة لحالات الطوارئ ليست إلا جانبا واحدا من جوانب عديدة تشكل الجهود الإنسانية، ويمكننا أن نكون على ثقة أنه بتأكيد التزامنا بأجندة 2030، فسيكون بوسع الكويت وشركائها في المجتمع الدولي بناء عالم دائم الازدهار يسترشد بحكمة صاحب السمو الأمير «قائدا للعمل الإنساني» وبدعم الكويت الدائم كمركز للعمل الإنساني.
* المنسق المقيم بالنيابة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي