-
المرأة قادرة على اختراق الحواجز وإذا تسلّحت بالعلم والإمكانات المطلوبة فلن يقف شيء في طريقها
-
مصلحة الكويت دفعتنا للتغلب على الأمراض فكانت صحتنا آخر ما نفكر فيه ورب العالمين كان حامياً لنا
-
نجاحي في الحياة العملية لم يؤثر على أسرتي وأعتبر نفسي محظوظة جداً لدعم عائلتي وإخواني وأخواتي
زينب أبوسيدو
في مثل هذه الايام منذ ثمانية عشر عاما ارتدت ثيابها الصفراء، وخوذتها الواقية على رأسها، وتحدت جحيم الحرائق التي اشتعلت بآبار النفط بفعل الاحتلال الصدامي.
اقتحمت النيران وساهمت الى جانب زملائها المهندسين في اطفاء حرائق الآبار واحدا تلو الآخر، واعلن انتشار الدخان الاسود في سماء الكويت انطفاء آخر بئر، اندحار الغزاة الى غير رجعة، تلك هي المهندسة سارة حسين اكبر التي حققت انجازات كبيرة في مسيرتها العملية، وعلى رأسها اطفاء تلك الآبار. وقد تجسدت في ذلك اليوم روح الارادة والتحدي وتم اطفاء اكثر من 700 بئر نفطية، حيث أثبت اهل الكويت مدى صلابتهم وإصرارهم على تخطي المحن واجتياز الازمات في واحدة من صور التلاحم الوطني والتكاتف والصمود.
كما تجسدت قدرة المرأة وتحملها لمسؤولية بلدها ووطنيتها، كما فعلت اكبر التي عرفت منذ بداية حياتها العملية بالطموح والمغامرة وحققت نجاحا كبيرا في الحقول النفطية بخبرتها وقدرتها على العمل بذكاء. سارة اكبر تشغل منصب رئيسة المديرين التنفيذيين في شركة كويت انيرجي، وهي عضو مجلس ادارة شركة التنقيب الكويتية وعملت سابقا في الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية، تولت فيها منصب مديرة التطوير ومديرة التخطيط وحازت جائزة الامم المتحدة عام 1993، تقديرا لجهودها في مكافحة الحرائق. وسارة اكبر ناشطة في العديد من المجالات التي تساهم في تعزيز دور المرأة الكويتية وتوسيع مشاركتها في صنع القرار فوقفت الى جانب المرشحات لانتخابات مجلس الامة. سارة أكبر تاريخ تشهد له الكويت، «الأنباء» التقتها في هذا الحوار بمناسبة هذا اليوم التاريخي:
ما الصور والذكريات التي تستعيدينها عندما تأتي ذكرى اطفاء الحريق في الكويت؟
كانت تلك اياما سوداء احاول ان امحوها من ذاكرتي، اتذكر فقط الصحبة الجيدة من اعضاء الفريق الكويتي الذين عملت معهم، اتذكر ايام اطفاء الآبار، ونحن نشعر بالسعادة ونحن نساهم في هذا العمل، نشعر بالسعادة ونحن نرى الكويت تعود مرة ثانية دون دخان، هذه هي الايام الجميلة التي ظلت في الذاكرة التي احاول دائما استرجاعها واسترجاع اللحظات التي عشناها بمنتهى الحماس، عندما اطفأنا آخر بئر، هذا ما اتذكره، اما الدخان الاسود والحرائق والامراض والالغام فأحاول ان امحوها من ذاكرتي.
حب الوطن
الحرائق التي اشتعلت اثناء اطفاء الآبار سبب دخانها بعض المشاكل الصحية لعدد من الناس، كيف استطعت المحافظة على صحتك من الوباء؟
كنا مدفوعين بحماس وحب الوطن الذي يتغلب على كل الامراض فكانت صحتنا آخر ما نفكر فيه، ومصلحة الكويت هي التي دفعتنا لذلك، فلم نوفر وقاية لانفسنا ولكن رب العالمين حمانا من المرض.
كيف وجدت العمل مع الرجال؟
هؤلاء الرجال كانوا اخواني واصدقائي والحمد لله علاقتي بهم علاقة جيدة وممتازة، وكان التعامل على اساس الثقة والاحترام على اساس هدف مشترك بيننا هو اطفاء الحرائق حيث وحدنا جميعا للتخلص من الكارثة.
نجاح أسري
نجاحك في الحياة العملية هل اثر على نجاحك الأسري؟
لم يؤثر على اسرتي فنجاحي من نجاحهم ولا يوجد شخص ينجح وهو يعيش وحده، انما ينجح بدعم الناس المحيطين به، ومن دون هذا الدعم لا يتم النجاح، وانا اعتبر نفسي محظوظة جدا بدعم عائلتي سواء من جهة الوالدة رحمها الله واخواني واخواتي، وفي نفس الوقت من الزوج والابناء.
هل زوجك يشعر بالفخر ازاء ما تقومين به من دور في خدمة المجتمع، ام ان مجتمعنا الشرقي خاصة في الكويت لا يؤيد نجاح المرأة، بل يقف في وجهها وهذا ما لمسناه من محاربة الرجل للمرأة النائبة، واعاقته لها في خطواتها؟
زوجي شخص متفهم جدا وهو يشعر بالفخر وقد ساندني طوال المرحلة السابقة وفي كل اعمالي، وهو بالمناسبة بحريني وليس كويتيا.
خطوة متقدمة
هل يعتبر انجازك في مجال اطفاء الحرائق خطوة ودافعا للمرأة ان تتسلح بالشجاعة وتخوض غمار العمل اكثر من ذي قبل، اي هل اصبحت المرأة اكثر جرأة بانجازك هذا؟
اعتقد ان هناك كثيرات اتخذن من ذلك مثالا على قدرة المرأة على اختراق الحواجز، وانجاز اعمال لا يعتقد انها تستطيع انجازها، فإذا تسلحت المرأة بالعلم والامكانيات المطلوبة تستطيع انجاز اي عمل على وجه الارض ولا يقف في طريقها شيء.
كنت موظفة بالحكومة ثم صاحبة مؤسسة، ما اوجه التشابه والاختلاف في شخصيتك وفكرك خلال المرحلتين؟
الموظف في الحكومة تحكمه قيود تتعلق بأنظمة وقوانين وصلاحيات محدودة يجب ان يعمل من خلالها ولكن القطاع الخاص القوانين فيه مختلفة، فصاحب المؤسسة هو الذي يضع القوانين والانظمة التي سيعمل من خلالها، فالفرق كبير، العمل اكثر والانجاز اكثر، وبالتالي المجال مفتوح للابداع.
كوادر وطنية
ما شعورك وأنت السيدة الوحيدة التي تتولى رئاسة مجلس ادارة شركة تعمل في قطاع النفط على مستوى العالم العربي؟
هذا امر يسرني ويسعدني واتمنى لكثير من الكوادر الكويتية والكوادر العربية ان تعمل في هذا المجال ممن لديها القدرة، والايام ستنتج لنا مجموعة كبيرة من هؤلاء النساء في جميع القطاعات، وليس فقط في القطاع النفطي.
عالم المال والأعمال
هل ترين ان المرأة أنجح من الرجل في عالم المال والأعمال؟
لا يوجد لدينا عدد كبير من النساء في الوقت الحاضر، والنساء الموجودات حاليا نماذج ناجحة لأنهن قلة ولم يصلن الا بعد مجهودات كبيرة وبذلن جهودا أكثر من زملائهن الرجال ليصلن الى المراكز التي يتبوأنها حاليا.
ما المشاكل التي تصادف المرأة المهندسة في مجتمع ذكوري يهمش المرأة؟
الحياة كلها مجموعة من المشاكل، فهناك مشاكل فنية وإدارية، وعمل اي مهندس اساسا هو كيف يتغلب على التحديات الفنية والإدارية التي يواجهها، فهذا من صميم عمله.
تحقيق الطموحات
بعد دخول المرأة البرلمان، هل ترين انها حققت جميع طموحاتها؟
أعتقد ان الطريق أمامها مازال طويلا لتحقيق طموحاتها، فنسبة القياديات في المجالات المختلفة في الحكومة أقل كثيرا من نسبة الرجال، وللآن لم نضع الأنظمة والقوانين التي من المفترض ان يضعها البرلمان والتي يعملون عليها حاليا.
ما طموحاتك العملية؟
أطمح لأن تصبح هذه الشركة من الشركات الكبيرة والعاملة في قطاع النفط والغاز في منطقة الشرق الاوسط، وان يشهد لها بالكفاءة والأمانة وبالأداء الجيد وان تكون ذات عائد جيد لجميع المستثمرين بالشركة.
م.سارة أكبر في سطور
-
ـ سارة حسين أكبر.
-
ـ بكالوريوس في علوم الهندسة الكيميائية عام 1981 ـ جامعة الكويت.
-
ـ تشغل حاليا منصب رئيسة المديرين التنفيذيين في شركة كويت اينرجي منذ يوليو عام 2005.
-
ـ عملت منذ 1996 حتى 2005 في الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية «كوفبيك» تولت فيها منصبي مديرة التطوير ومديرة التخطيط.
-
ـ شغلت في شركة نفط الكويت وظائف مختلفة منذ أوائل التسعينيات في إعداد استراتيجية التطوير والهندسة ومكافحة الحرائق خاصة في مرحلة الغزو العراقي، ثم انتقلت الى تولي مسؤولية فريق الدراسات التخطيطية كما تولت رئاسة الفريق الاستثماري لحقول شمال الكويت، بالإضافة الى رئاسة فريق ادارة الموارد.
-
ـ منصب مدير في مجلس إدارة الشركة الكويتية لنفط الخليج (2009-2004).
-
ـ وحاليا عضو مجلس إدارة شركة التنقيب الكويتية احترافيا.
-
ـ عضو مجلس إدارة تجمع مهندسي البترول في الولايات المتحدة حتى 2001.
-
ـ عضو في تجمع المهندسين الكويتيين (1992-1996).
-
ـ عضو في تجمع مهندسي البترول منذ 1986.
-
ـ ساهمت في إنجاز الفرع الكويتي من التجمع عام 1993.
-
ـ عضو في التجمع العالمي لمساومي البترول.
جوائز:
-
ـ حازت جائزة الأمم المتحدة global500awayd عام 1993 تقديرا لجهودها في مكافحة الحرائق.
-
منشورات
-
ـ قدمت منشورات متعددة حول النفط في الشرق الأوسط وعددا من المقالات العلمية بالإضافة الى تجربة الكويت إبان الاحتلال.
-
ـ كتبت حول تحديات المرأة في الانضمام الى مجال عمل الرجل.
إطفاء الحرائق.. في أرقام
-
بدأت عملية مكافحة الحرائق في وقت مبكر، فمنذ نوفمبر 1990 بدأ فريق دولي تابع لشركة نفط الكويت و«بكتل» وهو فريق متخصص في اطفاء حرائق النفط التخطيط والاعداد لمعالجة هذا الدمار المروع، وتم بالفعل في مارس 1991 تجنيد اربع شركات اطفاء للعمل في الكويت، وامكن السيطرة على اول بئر في 20 مارس 1991 قبل مرور ثلاثة اسابيع على تحرير الكويت.
-
تم استخدام فرق اطفاء من كل من الكويت والولايات المتحدة وكندا وايران والصين وهنغاريا وفرنسا ورومانيا وبريطانيا وروسيا، وبلغ عدد هذه الفرق 27 فرقة اطفاء في اكتوبر 1991.
-
تم انشاء 361 بحيرة صناعية صغيرة لاستخدامها في اعمال اطفاء حرائق آبار النفط الكويتية.
-
زاد الامداد بالمياه الى 25 مليون غالون من الماء يوميا، وبلغ اجمالي كمية المياه المستخدمة 11.2 مليار غالون.
-
لتوفير هذه المياه، تم مد شبكة انابيب للمياه المتدفقة بلغ طولها 400 كيلومتر، وقد جرى انشاء شبكة طرق الوصول الى الآبار النفطية يبلغ طولها 280 كيلومترا.
-
وبلغت كمية الكاتش المستخدمة في شق الطرق واقامة المنصات حوالي 1.8 مليون متر مكعب، وهذه المواد تكفي لاقامة هرم عرض قاعدته 100 متر وارتفاعه 450 مترا.
-
استخدمت في عمليات الاطفاء معدات وماكينات وعربات بلغ عددها 5800 قطعة، وهذا العدد يمثل ثاني اكبر اسطول معدات عربات غير عسكرية في العالم، وهو ايضا اكبر اسطول تم تجميعه في مكان واحد.
-
تم انشاء معسكر ضم 2000 رجل في المنطقة الوسطى ومعسكر آخر ضم 800 رجل في شمال الكويت لدعم كل العاملين في مجال اطفاء حرائق الآبار.
-
تم تطهير اكثر من 175 كيلومترا مربعا من الارض من مخلفات الغزو التي لم تنفجر، وتم تفجير اكثر من 20 الف قطعة من المخلفات المتفجرة.
-
تم استخدام اكثر من 2000 جهاز لاسلكي للاتصال والسيطرة على العمليات وكانت هذه اكبر شبكة لاسلكية مكثفة من نوعها.
-
انشئ اكثر من 3000 خط تلفوني واكثر من 50 محطة فاكس و24 شبكة هاتفية تعتمد على القمر الاصطناعي لدعم عملية الاطفاء وتم تركيب هذا النظام في وقت قياسي.
-
تم اعداد اكثر من 31.2 مليون وجبة غذائية للعاملين في الاطفاء وبلغ اعلى معدل تقديم الوجبات 26 الف وجبة في اليوم.
-
اشترك اكثر من 10 آلاف شخص في عملية مكافحة الحرائق، وهذه التعبئة الهائلة لم يسبق لها مثيل في التاريخ بالنسبة لأي مشروع.
إرادة الكويت تنتصر على أخطر جريمة بيئية في العالم
تحل علينا اليوم الذكرى الـ 18 لاطفاء آخر بئر مشتعلة من آبار النفط الكويتية والتي اشعلتها نيران الحقد والغدر والطغيان والكراهية العراقية.
ففي يوم الاربعاء 6 نوفمبر من عام 91 قام امير البلاد الراحل الشيخ جابر الاحمد الصباح (رحمه الله) باغلاق آخر بئر نفطية مشتعلة وهي البئر «برقان 118» في احتفال كبير حضره اكثر من 800 شخص شاهدوا بأنفسهم ما قامت به السواعد الكويتية بمعاونة الاشقاء والاصدقاء من الدول التي ساندت الكويت في حرب التحرير وكان في مقدمهم سمو الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله (رحمه الله).
البداية
وكانت القوات العراقية قد خرجت من الكويت مخلفة وراءها الدمار في كل مكان وكان اشد انواع الدمار ما لحق بالقطاع النفطي، وعندما بدأت عملية الاطفاء في مارس عام 1991 (بعد اقل من اسبوع من تحرير البلاد) كان عدد الآبار المشتعلة يصل الى 727 بئرا، الى جانب العديد من اشكال الدمار التي لحقت بمراكز التجميع ومحطات تعزيز الغاز ومرافئ التصدير.
ان بداية حرب الكويت مع الآبار المشتعلة لم تبدأ في الاول من مارس حيث سبقت هذه الحرب الفعلية حرب من نوع آخر قالت عنها سارة اكبر في احدى الدراسات: «لقد برزت مشكلة وضع المواد المتفجرة التي زرعها جنود البغي حول رؤوس الآبار النفطية في الايام الاولى للاحتلال وشكلت هاجسا مخيفا لدى كوادر الصناعة النفطية في غرفة العمليات ومناطق الحقول كذلك بالنسبة لرموز المقاومة الكويتية والتي كانت نواتها بعض الشخصيات العسكرية وفعاليات اقتصادية واجتماعية لذلك كان لابد لهذه الاطراف مجتمعة من ان تحاول الحصول على اكبر قدر من المعلومات عن ماهية هذه المواد ومدى خطورة الوضع واخطار الحكومة الشرعية بما يجري على مستوى اوضاع الصناعة النفطية وتقييم هذه الاوضاع بصورة دورية ومستمرة.
وبدأت هذه التحركات والتنسيق بادخال بعض العناصر العسكرية التي تملك الخبرة بهذه الامور الى حقول النفط وآباره لتحديد ماهية المواد المتفجرة والحصول على عينات حتى يتم التأكد منها والتي اتضح فيما بعد انها من مادة الـ « 4 c» شديدة الانفجار.
ولا شك في ان هذه الترتيبات ساعدت الى حد كبير في اولى خطوات اطفاء الحرائق وهي مرحلة ازالة الالغام.
عقبات وعوائق
ووضعت الكويت ممثلة في «شركة نفط الكويت» خطة محكمة ارتكزت على توسيع قاعدة الفرق المشاركة في اطفاء الحرائق حتى وصلت الى 27 فريقا من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا والصين وفرنسا وهنغاريا ورومانيا بالاضافة الى الفريق الكويتي، وقد واجهت فرق الاطفاء العديد من الصعوبات التي تم التغلب عليها وابرزها:
-
1 - مشكلة الالغام حيث تم الاتفاق مع وزارة الدفاع على تطهير المنطقة من الالغام قبل ان يبدأ اي فريق عمله.
-
2 - نقل المعدات والتي تكلفت وحدها نحو 75 مليون دولار حيث تمت اقامة جسر جوي بين الكويت ومختلف انحاء العالم بما في ذلك استراليا لنقل معدات الاطفاء وذلك بواقع 150 رحلة نقل جوية تكلفة الواحدة منها نصف مليون دولار في حين انها كانت تنقل احيانا معدات لا تتجاوز قيمتها 300 ألف دولار.
-
3 - عدد الفرق العاملة في الاطفاء حيث بدأت عمليات الاطفاء بأربع شركات اميركية وكندية بعد اسبوع واحد من التحرير وكان معدل الاطفاء اليومي وقتها ثلاث آبار فقط ومع ضعف الاداء تمت مضاعفة عدد هذه الفرق ليصل الى 27 فريقا للتسريع بعملية الاطفاء.
-
4 - مشكلة المياه وهذه تم حلها عن طريق جلب المياه عن طريق انابيب الغاز ووضعها مع النفط.
-
5 - مشكلة شق الطرق للوصول الى الآبار حيث تم الاتفاق مع 60 شركة منها 20 شركة محلية لشق الطرق حتى يمكن الوصول الى كل بئر.
-
6 - مشكلة اتجاه الرياح وهي مشكلة ظلت بلا حل الى ان تمكن الفريق الهنغاري من التغلب عليها باستخدام دبابة روسية ومحرك طائرة ميج في عملية الاطفاء.
الفريق الكويتي
وقد تمكن فريق الاطفاء التابع لشركة نفط الكويت من اخماد 41 بئرا (5.6% من الآبار المشتعلة) خلال فترة قياسية لا تتعدى 40 يوما وقد بدأ هذا الفريق عمله في 11/9/1991 وذلك بعد ستة اشهر من بدء عملية الاطفاء وهي الفترة التي استغرقها تدريب الفريق الكويتي على عمليات الاطفاء.
حجم الخسائر
وتقول اصدارات شركة نفط الكويت ان اوضاع آبار النفط بعد التحرير كانت التالي:
751 بئرا اصابها التدمير منها 603 آبار محترقة و44 بئرا تتدفق منها البترول و104 آبار مدمرة، في حين لم يسلم من التدمير والتخريب الا 110 آبار، وحسبما ذكر وزير النفط الاسبق د.حمود الرقبة (رحمه الله) ان الكويت فقدت ما بين 1.5 مليار الى 2 مليار برميل جراء جريمة احراق الآبار وهو ما يوازي 2% من الاحتياطي، وفي نفس الوقت اشار تقرير للسفارة الاميركية في الكويت الى ان الكويت فقدت نحو مليار برميل من النفط الخام في المرافق والآبار التي اشتعلت فيها النيران خلال حرب الخليج 1991.
اما المكامن النفطية فقد اكدت التقارير الدولية ومنها تقرير السفارة الاميركية الى جانب ما اعلنه وزير النفط الاسبق د.حمود الرقبة (رحمه الله) من ان الخسائر فيها كانت اقل من التوقعات وان التدمير لم يصل الى الحد الذي يقلل من الانتاج بدليل ان طاقة الكويت من الانتاج عادت الى سابق عهدها قبل العدوان.
الإصلاحات الأخرى
كان اطفاء الحرائق هو المرحلة الاولى للعودة مرة اخرى الى انتاج ما قبل الاحتلال العراقي الآثم حيث تلتها المرحلة الثانية التي تتضمن اصلاح الآبار المدمرة وحفراً اخرى جديدة، اما المرحلة الثالثة فهي بناء مشاريع نفطية جديدة.
وقامت شركة نفط الكويت في تلك الفترة بتصدير اول شحنة نفط بعد التحرير في 26 يوليو 1991 وبلغت 1.6 مليون برميل كما تم اصلاح وتشغيل 18 مركزا لتجميع النفط.
وقامت الشركة ايضا بضخ نحو 20 مليون برميل من البحيرات النفطية في حظائر التخزين ومراكز التجميع بعد ان تمت معالجتها ومن ثم تصديرها وبلغت الطاقة التخزينية لحظائر تخزين النفط نحو ثمانية ملايين برميل بعد ان استمر العمل لاعادة بناء صهاريج جديدة غير تلك التي تم تدميرها والتي بلغت 56 صهريجا في مسعى لاعادة طاقتها التخزينية، كما كانت عليه في السابق والتي كانت 16.4 مليون برميل، كذلك تم تأهيل مرافئ التصدير لاستقبال ناقلات النفط واصلاح المراسي.
تكاليف الإصلاح
قدرت التكلفة الاجمالية لاطفاء الآبار مع المعدات واصلاح الرصيف الجنوبي واصلاح عدة مراكز للتجميع بنحو مليار ومائة مليون دولار منها نحو 600 مليون دولار قيمة المعدات فقط، وقد تم تقدير هذه التكاليف على انها تعادل 11 يوما من احتراق الآبار حيث الخسائر اليومية نحو 100 مليون دولار عدا ما يحدث للمكامن وهو ما يعني ان الكويت نجحت في توفير مبلغ كبير عندما تمكنت من اطفاء الآبار في نوفمبر 1991 بدلا من مارس 1992 اي بفارق اربعة اشهر وهو ما وفر نحو 12 مليار دولار.
ولعل ما يثير الدهشة هو اختلاف ما تم انفاقه على اطفاء الآبار والزمن الذي انجزت فيه العملية عما كان متوقعا حيث قدرت التكاليف قبل بدء العملية بنحو 7 مليارات دولار وخلال فترة زمنية تتراوح بين 3 و 5 سنوات.
إطفاء الحرائق.. حقائق
-
تم انشاء 361 بحيرة صناعية صغيرة لاستخدامها في أعمال اطفاء حرائق آبار النفط الكويتية.
-
تم انشاء معسكر ضم 2000 رجل في المنطقة الوسطى ومعسكر آخر ضم 800 رجل في شمال الكويت لدعم كل العاملين في مجال اطفاء حرائق الآبار.
-
تم تطهير اكثر من 175 كيلومترا مربعا من الارض من مخلفات الاحتلال التي لم تنفجر، وتم تفجير أكثر من 20 الف قطعة من المخلفات المتفجرة.
-
يحتاج العاملون بمكافحة الحرائق الى 2ب طن في اليوم الواحد «أي 12 الف كيلو» من الثلج لاستعمالهم الشخصي.
-
زاد وزن المعدات المستخدمة في عمليات الاطفاء 145 الف طن منها معدات وصلت عن طريق الجو يبلغ وزنها 5500 طن. وكان يتم تفريغ 8 سفن و6 طائرات شحن من المعدات في المتوسط يوميا.
-
اشترك اكثر من 10 آلاف شخص في عملية مكافحة الحرائق. وهذه التعبئة الهائلة لم يسبق لها مثيل في التاريخ بالنسبة لأي مشروع.
-
رغم خطر وجود الالغام والقنابل التي لم تنفجر بعد وآبار النفط المشتعلة وبحيرات النفط الملتهبة والدخان الذي يكاد يعمي الابصار فإن برنامج السلامة المكثف الذي تم الالتزام به بدقة حقق مستوى رائعا من الأمن والسلامة وجعل الحوادث في ادنى مستوى ممكن لها، ورغم جميع التنبؤات والتقديرات الانتقادية في وسائل الاعلام الدولية، فإن الجهود التي بذلت في عمليات اطفاء الآبار المشتعلة اكتملت قبل الموعد الذي حددته الخطة بخمسة اشهر وانتهت قبل سنة ونصف السنة من توقعات معظم المنتقدين الاجانب.
-
يعتبر حريق بئر نيروز الايراني بسبب القصف العراقي في بداية الحرب العراقية ـ الايرانية الذي أثار الرأي العام وسلط الانتباه عليه هو آخر كارثة بيئية تعرضت لها المنطقة، الا انها تقف قزما صغيرا امام كارثة نظام بغداد الثانية والكبرى، وهي احراق 727 بئرا نفطية كويتية.