بشرى الزين
يصل البلاد غدا الاثنين صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان سلطنة عمان الشقيقة ووفد رسمي يرافقه في زيارة رسمية تستغرق يومين يجري خلالها مباحثات مع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وكان السلطان قابوس بن سعيد قد وصل الى دولة الإمارات العربية أمس في زيارة أخوية تستمر 3 أيام، يبدأ بعدها زيارته الى الكويت.
وأبلغت مصادر «الأنباء» بأن زيارة السلطان قابوس إلى الكويت سيتم خلالها الحديث عن العلاقات الثنائية والخليجية والدولية. واشارت الى ان ما يجمع القيادتين السياسيتين في البلدين الشقيقين يتجاوز كل العوائق السياسية وتجسده العلاقات الودية والأخوية وعمق المشاعر لما للقيادتين في الكويت وعمان من حكمة وحنكة ومكانة في الخارطة السياسية الاقليمية. وذكرت المصادر ان زيارة السلطان قابوس تحمل في حد ذاتها معاني ودلالات عميقة من الود والاحترام الراسخين بين الزعيمين والشعبين الكويتي والعماني بعيدا عن المجاملات المعتادة بين الدول والشعوب.
وكانت السلطنة وقبل اسبوعين قد احتفلت بالعيد الوطني التاسع والثلاثين المجيد، ومن يتابع اخبار السلطنة يلاحظ كيف يحتفل ابناؤها الفخورون بانجازاتهم الكبيرة تحت قيادة السلطان فيجعلون من هذه المناسبة التاريخية العزيزة على قلب كل مواطن أينما وجد داخل ارضنا الطيبة او خارجها دافعا نحو بذل المزيد من العطاء والإخلاص لهذا الوطن كي يبقى شامخا مشرقا يتلألأ في فضاء العز والكرامة. وتحمل مناسبة الاحتفال السنوي بالعيد الوطني في الثامن عشر من نوفمبر من كل عام نكهة خاصة لدى كل مواطن عماني تتجلى خلالها الروابط المتينة التي تربط العمانيين بأصدق معاني الحب والتفاني تجاه الوطن الغالي وتحتل مكانها في النفوس لتمتزج مع مشاعر الولاء الخالص لقائدهم الفذ الذي استطاع ان يصل بهم الى هذا الانجاز المرئي لنهضة مباركة عندما وضع المعالم التي تضيء الطريق وترشد الى الاهداف السامية التي رسمها، فكانت واجبة الاتباع والتنفيذ لتحقيق مصلحة البلاد العليا والاستمرار في خطواتها النهضوية، لاسيما حين أرسى جلالته قواعد التلاحم بين ابناء الشعب الواحد من جهة والمواطنين والحاكم من جهة اخرى، كما حدد قوانين المشاركة بين المواطنين والحكومة لتثمر هذه السياسة الحكيمة اصطفافا مشرفا للجميع وراء جلالته يستذكر معه المواطنون امجاد ماضيهم العريق بعين ملؤها الأمل نحو مستقبل مشرق بإذن الله يزيد بلادهم رقيا وعلوا. وعند الحديث عن السياسة والتي أثرت تأثيرا مباشرا في بناء الانسان العماني وتكوين شخصيته المتكاملة وتعليمه وتثقيفه وصقله وتدريبه لتنعكس على ادائه في بناء الوطن وتطوره كأحد الاهداف النبيلة التي تم رسمها والتخطيط لها من رفعة ومجد ليصل اليه العمانيون.
فقد جعل جلالته حفظه الله للسياسة الداخلية خطوطا عريضة وواضحة تم خلالها استكمال مختلف مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية لتقوم بدورها في ظل اطار قانوني وسياسي يتبع النظام الاساسي للدولة الصادر بمرسوم سلطاني عام 1996 باعتباره مرجعا يحكم عمل السلطات المختلفة وتستمد منه جميع اجهزة الدولة اسس نطاق عملها، كما ادى الالتزام بتقييم الانجاز ومدى تحقيقه للمصلحة العليا للدولة والشعب على حد سواء الى تحقيق الغاية المنشودة وتنفيذ الخطط المرسومة، اذ كان لأسلوب الحوار الراقي والبناء الذي اعتاد جلالة السلطان المعظم على اتباعه مع ابناء شعبه من خلال جولاته السنوية منذ بداية النهضة المباركة الى يومنا هذا اثره الكبير والملموس في تقييم الوضع الداخلي والنهوض بالدولة في مختلف المجالات بعد التشاور وتبادل الآراء وسماع المقترحات انطلاقا من حرص جلالته على سماع الآراء الشعبية حفاظا على مبدأ التواصل والمصارحة بين القائد والرعية عن قرب والتفكير بالعقل الجماعي الذي قاد كل الدول المتقدمة والصناعية الى حضارة القرن الحادي والعشرين. وفي هذا السياق، لابد من اعطاء المهتم بمعرفة تاريخ التجربة النهضوية المشرفة، فكرة حول دور المؤسسات الرسمية المتنوعة في تحقيق التطور والنمو المنشودين والتي يحتل «مجلس عمان» المكان الأبرز فيها، وهو يتألف من مجلسين الأول «مجلس الدولة» والمكون من ذوي الخبرة والكفاءة والمسؤولين السابقين وله دور حيوي مهم في نهضة الدولة بحكم تكوينه واختصاصاته، ويتولى جلالة السلطان حفظه الله تعيين اعضائه الذين بلغ عددهم للفترة الرابعة (2008 ـ 2011) 72 عضوا منهم 14 من النساء، اما المجلس الثاني فهو (مجلس الشورى المنتخب من قبل جميع المواطنين رجالا ونساء) والذي يشارك فيه كل من بلغ 21 عاما من المواطنين العمانيين ـ رجالا ونساء ـ حيث تتمتع المرأة العمانية بحق الانتخاب والترشيح لعضوية المجلس وشاركت في عضوية المجلس في اربع فترات سابقة.
شواهد تاريخية ويستطيع الزائر لعمان التعرف على شواهد نهضتنا المباركة خاصة فيما يتصل بقطاع السياحة حيث تمتلك السلطنة جميع مقومات السياحة الناجحة من ارث حضاري وتاريخي كالقلاع والحصون التي يزيد عددها على 550 معلما سياحيا اضافة الى انها تمتلك العديد من المواقع ذات الصبغة الدينية مثل منطقة (الأحقاف) التي ورد ذكرها في القرآن الكريم وغيرها من المواقع الاثرية التي تم الحفاظ عليها كشواهد تاريخية ذات قيمة كبيرة، ومن المعروف ايضا ان السلطنة تمتاز بطبيعتها الخلابة وبيئتها النظيفة وجوها المعتدل، فهي تحتضن جبالا شاهقة تكسوها الخضرة وتنحدر من معظمها شلالات المياه وكثير من الأفلاج وعيون الماء العذب، فيما تمتد شواطئها الهادئة والجميلة لأكثر من 1700 كلم تحوي في بعض اجزائها مناطق للغوص والرياضة البحرية، كما شيد عليها الكثير من المنتجعات السياحية الحديثة ومراكز التسوق والفنادق الراقية وسياحة السفاري، وقد حرصت الدولة في اطار دعمها لهذا القطاع المهم على اقامة المهرجانات السياحية سنويا والتي تشتمل على الكثير من الأنشطة الأدبية والفكرية والثقافية والاجتماعية بالاضافة الى النشاطات الفنية والرياضية والترفيهية.
كما كان للسياحة الخارجية لعمان اثرها في تحقيق المزيد من الازدهار للوطن، فهي تتسم استنادا الى بعد النظر ودراية القيادة الحكيمة بالصراحة والوضوح حيال مختلف القضايا: خليجية وعربية واقليمية ودولية، وبالحرص على تحقيق التفاهم والتعاون والحوار الايجابي لحل الخلافات بالطرق السلمية وبما يسهم في تعزيز السلام والاستقرار بين جميع الدول والشعوب، فقد اكد جلالته في خطابه: «ان شعوب المنطقة لا تنشد سوى السلام، نريد منطقتنا بعيدة عن كوارث الحروب، نريدها تسير في مسار النمو، وان تنعم بالازدهار والاستقرار والتقدم، وكل ذلك يتأتى وفق معادلة سهلة مفادها ان نحترم مصالح الآخرين مثلما نطالبهم باحترام مصالحنا.
عُمان: تعزيز جهود التنمية والاهتمام بالبعدين الاقتصادي والتجاري
لعبت سلطنة عمان دورا نشطا في محيطيها الاقليمي والدولي، وامتدت علاقاتها مع القوى المؤثرة في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، ويشكل البعدان الاقتصادي والتجاري جانبا مهما في سياسة عمان الخارجية تعزيزا لجهود التنمية، وبينما حرصت السلطنة دوما على تقديم نفسها للعالم على النحو الذي هي عليه وبكل صراحة ووضوح، خاصة انها تمتلك ما تعتز به تاريخا وتقاليد واسهاما حضاريا ممتدا عبر القرون، فإن المبادئ التي تأخذ بها، والسياسات والمواقف التي تتبناها اثمرت سواء على صعيد علاقات السلطنة مع جيرانها والدول الشقيقة والصديقة، او على صعيد تعزيز جهودها التنموية حيث تشكل السياسة الخارجية رافدا يخدم التنمية الوطنية في مجالات عديدة، وبأشكال مختلفة، وتقدم علاقات السلطنة الطيبة والوثيقة خليجيا وعربيا ودوليا نماذج طيبة في هذا المجال حيث تترابط السياستان الداخلية والخارجية الى حد كبير.
وفي هذا الاطار فإن السلطان قابوس اكد «ان معالم سياستنا الداخلية والخارجية واضحة، فنحن مع البناء والتعمير والتنمية الشاملة المستدامة في الداخل، ومع الصداقة والسلام والعدالة والوئام والتعايش والتفاهم والحوار الايجابي البناء في الخارج، هكذا بدأنا وهكذا نحن الآن وسنظل ـ بإذن الله ـ كذلك، راجين للبشرية جمعاء الخير والازدهار والأمن والاستقرار والتعاون على اقامة ميزان الحق والعدل»، وفي حين امتلكت عمان مدرسة تاريخية في الديبلوماسية عبر مخزونها المتراكم من تراث وتاريخ الديبلوماسية العمانية، فإن السلطان قابوس اعاد فتح هذه المدرسة، وحرص على تطويرها وزيادة فاعليتها، حيث اتخذت الديبلوماسية الوسطية منهجا في التعامل، ليس فقط على المستوى الداخلي، بل في منهجية التعامل مع الآخرين، مع عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، والتعامل بحسن نية، وهو ما ساعد كثيرا في تحقيق الاهداف العمانية، وجعل ديبلوماسيتها وسياساتها رافدا معززا لها في السير نحو اهدافها داخليا وخارجيا.
وفي اطار ايمانها بالعمل المشترك وأهميته، خاصة على الصعيد الخليجي، دأب السلطان قابوس بن سعيد على المشاركة في قمم مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وعلى صعيد العلاقات العمانية ـ العربية، شاركت السلطنة في القمة العربية الاخيرة في قطر وفي القمة الاقتصادية التي احتضنتها الكويت.
ومن المعروف ان السلطنة تبذل قصارى جهدها من اجل احتواء التوتر في الخليج، وتعمل دوما عبر الحوار كسبيل للتغلب على الخلافات، سواء تلك المتصلة بالبرنامج النووي الايراني، أو بغيره من الامور موضع الخلاف والجدل في هذه المنطقة الحيوية من العالم والتي تلتقي فيها مصالح كل القوى الدولية، وبما يجنب المنطقة أي مخاطر أو مغامرات غير محسوبة.
وفي المجال الصحي أولت الحكومة عناية خاصة لتطوير المرافق الصحية حتى أصبحت واحدة من افضل الخدمات على المستويين الاقليمي والدولي، حيث تعتبر ـ ومازالت ـ من الدول المتقدمة في مجال تحسين حياة سكانها محققة مركزا متقدما في الحفاظ على حياة الاطفال، وفي مجال الصحة عموما.
ولا تزال الخطة الخمسية السابعة للتنمية الصحية 2006/2010 تعتمد منهجية التخطيط الاستراتيجي المبني على النتائج، واضعة في اعتبارها أولويات السياسة الصحية العامة للسلطنة التي تحددها المعلومات المتوافرة عن الوضع الصحي للسكان، وتعمل منظومة الرعاية الصحية في السلطنة على ثلاثة مستويات متكاملة من خلال المراكز والمجمعات الصحية والمستشفيات المحلية التي تغطي جميع محافظات ومناطق السلطنة الى جانب عدد من المستشفيات الكبرى في محافظة مسقط مثل المستشفى السلطاني ومستشفى النهضة، حيث تعمل كمستشفيات مرجعية لجميع انحاء السلطنة، كما ان مستشفى ابن سينا بمحافظة مسقط يعد تخصصيا من المستوى الثالث للامراض النفسية والعصبية.وتشير الارقام الى ان مظلة الرعاية الصحية العاملة في السلطنة تتكون من مجموعة مستشفيات يصل عددها الى 59 مستشفى منها 49 مستشفى تابعا لوزارة الصحة، وبها نحو 5314 سريرا بمعدل 20.2 سريرا لكل عشرة آلاف من السكان منها 4544 سريرا تابعا لمستشفيات وزارة الصحة بنسبة 85.5% من جملة اسرة المستشفيات في السلطنة، بحسب احصاءات العام 2008.