أسامة أبوالسعود
أكد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون القانونية ووزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المستشار راشد الحماد ان المطلع على العالم من حولنا يدرك انه أصبح يواجه العديد من التحديات والمتغيرات في جميع المجالات مما بات يحتم على قادة المؤسسات الحكومية والأهلية ضرورة التمتع بالكفاءة والفاعلية ليخوضوا غمار المنافسة الشريفة.
وقال الحماد خلال افتتاح مؤتمر تطوير رأس المال الفكري الذي نظمته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد أمس تحت شعار «نحو رؤية إستراتيجية جديدة للمؤسسات الحكومية»: إن دخولنا الألفية الثالثة ونحن أكثر ثقة في النفس وأكثر قدرة واستعدادا للتفاعل الايجابي مع تلك المتغيرات والتي في مقدمتها ثورة المعلومات والاتصالات ونظم الإدارة الحديثة، إنما يثبت بما لا يدع مجالا للشك انه ليس بمقدور أي مؤسسة ولا أي دولة منفردة مهما بلغ شأنها ومهما بلغت مواردها أن تواجه بنجاح تحديات العصر الحديث وتطوراته المتسارعة إلا باستشارة دوافع قادتها ومواردها البشرية من اجل المساهمة في البناء الاجتماعي وتحقيق الازدهار العلمي والثقافي.
وأضاف: ان انعقاد مؤتمر تطوير رأس المال الفكري يأتي في ظل انجاز الكويت لصياغة خطتها الإنمائية وفق رؤية إستراتيجية تقوم على «تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار» يقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي، ويزكي روح المنافسة ويرفع كفاءة الإنتاج مع ترسيخ القيم والمحافظة على الهوية الاجتماعية، ولذا فإننا نؤمن بان مفتاح تحقيق تلك الرؤية والتقدم المنشود إنما يتمثل في الاهتمام بإعداد وتهيئة العنصر البشري من خلال إتاحة وتنويع الفرص أمام الباحثين بما يساهم في تطوير ودعم القدرة الابتكارية وتنمية المواهب للموارد البشرية على مختلف المستويات.
وتابع الحماد كما يمكننا القول ان تحقيق التنمية الشاملة يبدأ بتنمية العلوم والمعرفة لدى الجميع ومن ثم فيجب التزود بالعلوم الحديثة والمعارف الواسعة والإقبال عليها بروح عالية ورغبة صادقة فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها وبذلك تتمكن مؤسساتنا في عالمنا العربي خلال الألفية الثالثة من تحقيق نقلة حضارية واسعة وقفزة فائقة في الأداء، ولن ندرك تحقيق تلك النقلة إلا إذا أدركنا أهمية التعاون بين كل القطاعات وصياغة استراتيجيات فاعلة من أجل تهيئة القيادات الإدارية ليتم من خلالها تحقيق النجاح والتقدم في جميع المجالات.
وأشار الحماد إلى أن تجارب الحياة علمتنا أن كل الصراعات والنزاعات تم حسمها على الأرض بواسطة أداة رئيسية من دونها لن يحدث هذا الحسم ألا وهي الإنسان الذي يمثل العنصر الأساسي لعملية التقدم، لذا فإنه يقع على عاتقنا جميعا ضرورة العمل من أجل تنمية قدراته وصياغة أهدافه وبناء أفكاره وتشجيعه على الإبداع والابتكار وتزويده بأفضل الممارسات، وهنا يأتي دور القيم الإسلامية بتطوير الفرد المسلم ليواكب العصر.
وقال الحماد: لا ينبغي إلا أن أتوجه بالدعوة إلى جميع المشاركين في هذا المؤتمر والمسؤولين في كل الوزارات والمؤسسات إلى المشاركة الفعالة المثمرة للاستثمار في الموارد البشرية وهي رأس المال البشري مع الحرص على تنمية وتطوير ذوي الكفاءات والقدرات الإبداعية في المؤسسات المعاصرة وإظهار ما يختزنونه في عقولهم من الأفكار والمعرفة الكامنة والعمل على تحويلها إلى معرفة معلنة في الواقع العلمي لبناء أمة مسلمة متقدمة في دولتنا الحبيبة الكويت التي نرجو أن تكون قدوة صالحة لباقي الدول والشعوب والأجيال.
صناعة المستقبل
ومن جانبه قال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية د.عادل الفلاح: إن وزارة الأوقاف أدركت أن صناعة المستقبل تحتاج منا إلى التفكير المنطقي والسليم من أجل صياغة الأدوات التي تمكننا من الوصول إلى غايتنا المنشودة، في ظل عالم يموج بالتطورات المتلاحقة والتي أصبحت تطول المؤسسات على كل تخصصاتها سواء الحكومية أو غيرها.
وأضاف: أن مواكبة تلك المتغيرات إنما يصنعها الإنسان المتسلح بالكفاءات الإدارية والابتكارية التي تجعله قادرا على صد أمواج التطور الذي أصبحت تطول كل مناطق وعناصر الأداء المؤسسي، ولهذا انطلقت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وفق رؤية إستراتيجية تقوم على ضرورة الإسهام في التنمية المجتمعية وفق فهم إسلامي يدرك الواقع ويستشرف المستقبل، ووفق مجموعة من القيم التي تمثلت في المعتقدات الأساسية والمرشد الأساسي للأداء المؤسسي.
وتابع الفلاح أن ممارسة المهام المحورية لوزارة الأوقاف بضرورة تنمية وتطوير كفاءات العاملين فتضاعف الانفاق على التدريب ما يزيد على عشرة أضعاف عن ذي قبل، وتم تفعيل الشراكة المؤسسية مع الجهات ذات العلاقة بتنمية وتطوير الموارد البشرية بالدولة وإن كنا نطمح إلى المزيد، وطموحاتنا في هذا الشأن لا تتوقف عند حد أو مستوى معين.
وأكد د.الفلاح ان تنظيم المؤتمر الأول لتطوير رأس المال الفكري تحت الرعاية الكريمة لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، لم يأت مصادفة بل كان مخططا له اتساقا مع الرؤية والقيم الإستراتيجية للوزارة سعيا منها لتكون كما عهدها المجتمع سباقة دائما ليس على مستوى الكويت فحسب، بل على مستوى العالم الإسلامي في تطبيقها للمفاهيم والاستراتيجيات الحديثة، خاصة أن الوزارة في عملها خلال الفترة المقبلة تعمل على تطوير وتحديث رؤيتها وغاياتها الإستراتيجية للسنوات الخمس المقبلة.
وتابع قائلا «إن قناعتنا تنطلق من أن إحداث النهضة التنموية في كل المجالات يجب أن يكون مبنيا على أسس سليمة مع الحرص على إعلاء الثقافة والحفاظ على الهوية والاهتمام بالتعليم والتدريب المستمر وتقدير العمل لأصحاب الإنجازات، فلا يمكن لأي مؤسسة، بل لأي دولة، أن تنعم بالرخاء والتطور المنشود من دون الاهتمام بتنمية وتطوير مواردها البشرية الذي يمثل العمود الفقري لأي عملية تطور أو إنجاز،كما أن قادة المؤسسات أصبح على عاتقهم مسؤولية كبيرة خاصة في عالمنا العربي للنهوض بالأمة وتنمية الوعي لدى الرأي العام والمواطنين.
وأضاف الفلاح وعليه يمكن القول ان تنظيمه اتساقا مع تلك القناعات والذي من خلاله نسعى إلى تأصيل الأطر اللازمة لتطوير رأس المال الفكري ليس في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فحسب، بل على مستوى مؤسسات العالم العربي والإسلامي سواء الحكومية منها وغير الحكومية، فكلنا في قارب واحد، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وإننا إذ نعتبر مؤتمرنا هذا احدى لبنات التطوير المؤسسي والذي يمثل حلقة من حلقات متصلة بدأنا في تنفيذها خلال السنوات القليلة الماضية.
ودعا المشاركين من الباحثين والضيوف الكرام لبذل مزيد من المناقشة والتفاعل في أوراق العمل التي ستناقش بالمؤتمر واضعين نصب أعينهم أن المتحصلات المتوقعة من هذا المؤتمر إنما تمثل منهاج عمل للمؤسسات العربية والإسلامية خلال الفترة المقبلة، من خلال فرق عمل متخصصة ومؤهلة لقيادة المؤسسات من أجل النهوض وإحداث القفزات النوعية في الأداء، فالعالم العربي يحتاج اليوم إلى صناعة المستقبل عبر الإخلاص في العمل والإدارة القوية للشعوب، فأفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هي أن نصنعه بأنفسنا.
ومن جانبه ألقى وزير الدولة الأردني السابق محمد الذنيبات كلمة أوضح فيها أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت أحسنت باختيار هذا الموضوع كعنوان لمؤتمرها الأول لأن تقدم الدول والشعوب مرتبط بجودة التعليم والقدرة على صنع المعرفة وتوظيفها في مسيرة التقييم والتقويم.
وأضاف أولا: إن الفهم الموضوعي الأمين لأي أمر بعيدا عن حشد التبريرات أو جلد الذات يأتي في مقدمة سنن التغيير والإصلاح والتطوير، وسنن التغيير ثابتة وعادلة لا محاباة فيها لحضارة دون أخرى وعليه فإن إعمال النقد الدقيق البناء لواقعنا يمثل وعيا للعوامل المؤثرة في مسيرتنا وعكس ذلك يؤدي إلى الابتعاد عن الواقع.
وأشار الذنيبات الى أنه ستعرض في هذا المؤتمر أوراق عمل كثيرة تحتوي على معلومات وأرقام ووجهات نظر متباينة كلها مطروحة للنقاش، والروح العلمية في البحث تتطلب التجرد وعدم التحمس لرأي دون آخر، والحوار الهادئ الهادف البناء هو الطريق السليم للوصول إلى الحق، وإعمال الفكر بما يطرحه الآخر أساس الفهم الصحيح.
وأشار إلى ان تغيير الأداء والسلوك يستغرق وقتا طويلا ويتطلب جهدا وذكاء وعناية حتى نحصل على النتائج المرجوة، ويستدعي ذلك إعادة النظر في الإستراتيجيات المتعلقة بالموارد البشرية بحيث يتم التركيز على الفئات المتميزة كنواة أساسية لرأس المال الفكري من حيث التأهيل والتدريب وتزويد هذه الفئة بالمهارات والمعارف اللازمة لمواكبة التطور المتسارع في استخدامات التكنولوجيا بكل أشكالها، ومع أن هناك ازديادا ملحوظا في العالم العربي في القوى البشرية الموجودة في السوق، الا أن هناك نقصا كبيرا في العمالة الماهرة وحتى بعض أنواع العمالة المتدنية.