أكد رئيس قسم الأعصاب د.سهيل الشمري أن مرض التصلب العصبي المتعدد أو ما يرمز له بـ«ms» يعتبر من الأمراض المزمنة والتي قد تؤدي الى عجز دائم من الناحية الجسدية والعقلية والنفسية نتيجة لاصابة الجهاز العصبي المركزي وهو الدماغ والحبل الشوكي خلال فترات زمنية متباعدة، مشيرا الى أن معظم المرضى المصابين بمرض الـ «ms» يتم تشخيصهم من بين 20 ـ 40 سنة خلال فترة شبابهم، فضلا عن وجود أكثر من مليونين مصاب بهذا المرض حول العالم حيث ترتفع نسبة الاصابة بهذا المرض كلما تم الابتعاد عن خط الاستواء في القطب الشمالي والجنوبي من الكرة الأرضية.
وذكر د.الشمري أن مرض الـ «ms» لم يتم اكتشاف سبب معين له وتعثر الوصول لعلاج ناجح له، مبينا أنه قد تحصل اضطرابات وظيفية في الجهاز العصبي المركزي بسبب تلف يصيب النخاعين (المايلن) أي الغشاء الذهني الواقي الذي يحيط بالألياف العصبية، مؤكدا على أن هذا الغشاء يعتبر ضروريا لانتقال النبضات (الاشارات العصبية) الكهربائية خلال الألياف العصبية بفعالية وبشكل طبيعي، أما في حالة فقدان النخاعين وهو العازل الكهربائي فان الاشارات العصبية، والأوامر الحركية، أو المعلومات الحسية تبطئ في سرعة انتقالها أو تتوقف تماما في الألياف العصبية مما ينتج عنه اضطرابات وخلل في الاتصالات الطبيعية بين الخلايا العصبية والعضلية والشبكية.
وأضاف د.الشمري أن أهم التغيرات التي من الممكن أن تؤدي الى تلف العازل الوقائي الحيوي للوظائف العصبية هو تلف النخاعين والذي غالبا ما يكون بسبب اضطرابات أو خلل في نظام المناعة الدفاعي الذي يحمي أجسادنا وأنسجتنا من هجوم الخلايا الجرثومية مثل «الڤيروسات ـ البكتيريا ـ الخلايا السرطانية»، مؤكدا أنه بسبب هذا الخلل يوجه جهاز المناعة لدى الانسان ترسانته من العوامل الدفاعية نحو الأنسجة معتقدا أنها ليست جزءا منها، وهذا ما يحدث في الأمراض التي يطلق عليها بذاتية المناعة (autoimmune) كمرض التصلب العصبي، والذئبة الحمراء (lupus).
واضاف د.الشمري ان لا أحد يعتقد أن مرض التصلب العصبي مرضا وراثيا (herditarey)، ولكن تشير الدراسات العلمية الى ان هناك استعدادا وراثيا، وقد تصيب النساء بمعدل 3 أضعاف أقرانهم من الرجال والأقرباء من الدرجة الأولى، ويزداد احتمال اصابتهم بالمرض (1/ 1000) أي 3 ـ 4%، مضيفا أنه يسود الاعتقاد بين العلماء أن العامل الوراثي ليس كافيا بحد ذاته لنشوء المرض انما هو تعرض المريض لعامل بيئي قبل سن المراهقة وهذا العامل قد يكون جرثوما كالڤيروسات بطيئة التأثير أو مادة سامة لم تعرف حتى الآن.
وقال د.الشمري أن أعراض مرض الـ «ms» فريدة لكل مريض وهي مرآة تعكس طبيعة الجزء المصاب في الجهاز العصبي المركزي لأنه لا يوجد هناك جزء محصن من الاصابة، حيث تختلف الأعراض من مريض لآخر وهذه الأعراض قد تكون متقطعة أو مستمرة، ولكن 80% من المرضى يعانون من النوع العرضي والذي يعلن نفسه بما يسمى بالانتكاسات المرضية فعلى سبيل المثال قد يشتكي المريض من اضطراب في احدى الوظائف العصبية كفقدان أو ضعف الابصار، وخدار الوجه أو الأطراف، وتظهر هذه الأعراض على مدى ساعات أو أيام أو أسابيع، وفي أغلب الأحيان يتبعها تحسن في هذه الأعراض لدرجة كبيرة خلال أيام أو أسابيع عند الغالبية العظمى من المرضى.
وأشار د.الشمري الى وجود نوع آخر من المرض وهو التصلب العصبي المتعاظم الابتدائي أو الرئيسي والذي لا يتميز بانتكاسات بل بتقدم مطرد بضعف الأطراف السفلية وعادة ما يؤدي للعجز الدائم، خصوصا أن هذه النوع يصيب الرجال وبسن متأخرة ولم يكتشف الطب علاجا يخفف من وطأة هذا النوع من المرض.
موضحا أن الأعراض الشائعة لمرض الـ «ms» تشمل الاعياء أو الارهاق الشديد بعد بذل مجهود متواضع، وضعف في الأطراف وبالذات السفلية مما يؤدي الى صعوبة الوقوف والمشي والحركة، وازدواجية الرؤية، والتنميل والخدار في الوجه، فضلا عن الاضطرابات الجنسية والعاطفية.