لاتزال لعبة «البوكيمون» تشغل المجتمعات والناس ، فقد أصبحت حديث الساعة في كل مكان بالعالم. فلا تكاد تجد مجلسا في معظم الأنحاء يخلو من مهتم باللعبة، لاسيما بعد أن تسبب انتشار اللعبة في ارتفاع كبير في قيمة سهم الشركة المنتجة لها، ومن ثم زادت دائرة المهتمين لتشمل الاقتصاديين ايضا بعد ان كانت تقتصر على محبي المتعة والترفيه والفضوليين.
«الأنباء» طرحت المسألة على عدد من علماء الدين لإبداء رأيهم في الموضوع الذي أصبح يشغل الكثيرين وهناك رغبة أكيدة في معرفة الرأي الشرعي في هذا الشأن.
وجاءت التفاصيل كما في السطور التالية:
- الشطي: عليها مآخذ كثيرة منها أكل أموال الناس بالباطل وتضييع الوقت والتشبه بالغرب
- الجميعة: تحريمها هو في طريقة استخدامها وما تؤدي إليه وليس لذاتها
- الشريكة: الشرع حرّم كلّ ما من شأنه تغييب العقول
- النجدي: مكروهة وإذا أدت إلى التقصير بالواجبات الدينية تصبح محرمة
- الشمري: وضعت لمقصد سيئ وهو النأي بالشباب عما هو مفيد
تحقيق: ليلى الشافعي
في البداية قال الداعية د.جلوي الجميعة إن المعلوم أن الأصل في الأشياء الإباحة ولا تحريم إلا بنص أو باجتهاد علماء رأوا أن المصلحة في التحريم. وأضاف: لذا، أرى ان التسرع في تحريم الألعاب هذه يوقع المسلمين في حرج، لكن هذه اللعبة وغيرها من الملهيات في الهاتف النقال قد توقع الناس في انشغال عن الطريق أثناء قيادة المركبة فيكون تحريمها هو في طريقة استخدامها وما تؤدي اليه وليس لذاتها، فلو استخدمها أحد وهو يمشي بالطرقات او يقود المركبة نقول هنا انه لا يجوز استخدامها بهذه الطريقة ولكن تحريمها بالمطلق لا أراه صحيحا، والله اعلم.
بدوره، قال د.عبدالله الشريكة: لقد جاءت الشريعة بحماية العقول ومنع كل ما يؤثر فيها سلبا، ولهذا حرم كل ما من شأنه تغييب العقل البشري والتأثير عليه، فمنعت الخمر والمسكرات.
واضاف: في عصرنا هذا ظهرت مؤثرات على عقول البشر عبر وسائل التقنية العصرية، التي فيها من الخير والنفع للإنسان الشيء الكبير، وكذلك فيها من الشر مثل ذلك، والمتابع لأحوال الناس مع هذه التقنيات وتأثيراتها الكبيرة على العقول حتى وصلت إلى ما يسمى بالمخدرات الرقمية التي لا تقل خطورتها عن المخدرات الحسية ليدرك جسامة الخطر.
ولهذا إذا كان الأزهر قد أصدر فتوى بتحريم لعبة البوكيمون فعلا فهي فتوى لها حظها من النظر الشرعي والله اعلم.
أما الشيخ إبراهيم بانصير، فقال ان القول بتحريم هذه اللعبة قول وجيه، حيث انها شر عظيم وقد ظهرت في السابق في الدول الأجنبية ويحذرون منها الآن وظهرت مؤخرا في البلاد العربية ولها سلبيات كثيرة جدا منها ان الشخص لا ينتبه أمامه فيقع في حفرة وقد يذهب الى أماكن زراعية أو أماكن جبال ويسقط في هاوية، وقد حدث ذلك من قبل، وقد يأتي شخص ويبحث على الخريطة ويعرض نفسه لحادث سيارة.
مضيفا: كما أن هناك نواحي أخرى أمنية حيث قد يذهب الشخص الى أماكن محظورة، والأمر الثاني هو الإيذاء للناس فقد يدخل البيكمون للبيت الذي بجوارك ويطلب من الناس فتح الباب والبحث عنه وهذا شر وسلبية كبيرة فالتسجيل بالكاميرا المباشر يطلعه على عورات الناس ويتجسس على الحرمات فينظر الى عورات النساء فقد يدخل الى أي مكان والنواحي الأمنية والمناطق المحظورة وقد وقفت الدول الأجنبية ذلك الآن وتحذر منه وخاصة ان الأمر لو انتشر لدينا فهو شر عظيم وأقول لأولياء الأمور احرصوا على أولادكم نسأل الله ان يقينا كل شر وسوء.
من جهته، قال الشيخ بسام الشطي إن هذه اللعبة حديثة ولكنها أخذت صيتا وتفاعلا كبيرا وهذه اللعبة عليها مآخذ كثيرة أولا أكل أموال الناس بالباطل وتبديده بدون وجه حق، والله عز وجل يسأل كل فرد عن ماله من أين اكتسبه وفيما انفقه وهنا ينفقونه على اللعبة وحسب ما رأيتم يقول احدهم دفعت ٣٠٠٠ دينار.
ثانيا: وقت المسلم محاسب عليه «عمره فيما افناه وشبابه فيما أبلاه».
والشباب يجلسون أوقاتا طويلة دون شعور وكان تضييعه مستورا داخل البيت الآن اصبح في الخارج.
ثالثا: تشبه بالغرب فيما لا يعود عليهم بالنفع «لتتبعن سنن من كان قبلهم حذو القذة بالقذة لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.. اليهود والنصارى».
رابعا: تسبب في إيذاء الناس بتصويرهم والتلصص والتجسس من خلال تصديق الخريطة عبر الأقمار الصناعية.
خامسا: إسقاط الحياء والأخلاق والقيم من خلال ملاحقة موقع بوكيمون داخل البيت ولو التحرش بالجنس الآخر و«الحياء من الايمان ولا يأتون الا بخير».
سادسا: تقديس مثل هذه الدمى وهذه الأشكال وتسويقها وحتما ستخرج أشكال وطرق أخرى تتنافس عليها الأسواق والدول وستكون للأطفال وللنساء والشباب.
سابعا: ستعلم الاجرام وفقدان العلم وعدم التنافس على العظائم من الأمور وتؤدي الى القطيعة.
أما د.محمد الحمود النجدي فيقول: أصبحت «بوكيمون جو» اللعبة الأكثر شعبية في العالم قبل أقل من أسبوع من إطلاقها، وتحولت إلى هوس أصاب مئات الملايين من المستخدمين حول العالم. وتعتمد اللعبة على الخلط بين الواقع والخيال، حيث يطلب من اللاعب مطاردة مخلوقات البوكيمون باستخدام كاميرا الهاتف، عبر تحديد مواقعها بين الأماكن العامة والخاصة التي يتواجد فيها اللاعب.
وبالنظر لهذه اللعبة:
1- نرى انها ممكن ان تضر بحياة الناس، حيث تجعلهم يسيرون في الشوارع دون وعي أو انتباه يبحثون عن البوكيمون في البيوت وبيوت الناس والمحلات التجارية بل وأقسام الشرطة والمصالح الحكومية، وربما دور العبادة. ولا يخفى ما في ذلك من تجاوزات ومخالفات!
وربما إلحاق الضرر بالنفس لاسيما في الشوارع بين السيارات! قال تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).
2- إن لعبة «بوكيمون جو» هي الأقل لعبة مكروهة، لأنها تضيع الوقت فيما لا فائدة منه، ومن الأفضل الإقلاع عنها.
3- إذا أدت هذه اللعبة الى التقصير في الواجبات الدينية مثل الصلاة، فإنها تصبح حراما شرعا.
4- لابد من الحذر من ان مثل هذه الألعاب هي من صنع الغرب، التي يصدرها إلى الدول العربية والإسلامية، لإلهاء شعوبها عن العمل والإنتاج والصد عن سبيل الله والأعمال الصالحة.
ويمكن أن يضاف:
5- انها ربما تكون وسيلة من وسائل التجسس على الناس وخصوصياتهم عبر كاميرات الجوال.
من جهته، قال الشيخ سعد الشمري: إن مثل هذه الأشياء من الألعاب ليست مجرد تسلية وقضاء فراغ ومتعة بل تجاوزت إلى التأثير في عقل المرء وفكره سلبا لاسيما الصغار فصار الواحد منهم يعيش في خيال وأوهام ويتتبع كل ما هو غريب وما ليس له أصل. والألعاب عموما الأصل فيها الإباحة ما لم تتضمن محظورا، وهذه اللعبة المسماة بالبوكيمون ما وضعت إلا لمقصد سيئ وهو النأي بالشباب عما هو مفيد إلى ما هو ضار. ولا أبعد أنها سبب لمشاكل أسرية كثيرة لتأثيرها على العقل والتفكير. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا ضرر ولا ضرار». والحمد لله في ديننا غنى عن مثل هذه الألعاب من الألعاب المباحة كالسباحة والجري والرماية وتعلم بعض المهن المفيدة والمسابقات الثقافية التي تنمي العقل وتثري المعلومات. والله المستعان.
بدوره، قال الشيخ راشد العليمي: من المعلوم في حياتنا، أن الإنسان له أن يفعل ما يشاء من أمور ويمارس ما يحلو له من هوايات لكن ضمن ضوابط شرعية رائعة، تقوده وتوجهه في حياته، فعلا وقولا وسلوكا وفق منهج رباني حكيم.
ولعل اللعبة القديمة، وهي جديدة في طريقتها الحالية، بدأت تدب على الناس، صغارا وكبارا، وأصبحت حديث الساعة، وفيها هوس وإدمان لطائفة من الناس الصغار والكبار، بمختلف الجنسين، فأصبح من المهم النظر لها بعين واعية حكيمة، وضوابط الشرعية الواضحة.
فالألعاب الشرعية لها ضوابط مهمة، ومن تلك الضوابط:
1 ـ الحذر من اشتمالها على مخالفات عقدية.
2 ـ عدم شغلها لوقت المسلم أو المسلمة عن العبادات الشرعية.
3 ـ عدم شغلها لوقت الإنسان المسلم عن حاجة أسرته.
4 ـ عدم إضاعته للمال بإسرافه في شراء كل جديد مما يتعلق باللعبة.
5 ـ عدم وجود محذور طبي، بكثرة المتابعة لها، فيكون هناك خطر على صحة المستعمل، البصر أو السمع أو حتى المفاصل.
فهل تعتبر هذه اللعبة خطرة؟
نعم فيها خطورة واضحة من خلال ما مر علي من طريقة استعمال بعض الشباب لها، حيث لا ينبغي لعبها وهو يسير في الشارع أو يقود دراجته الخاصة أو السيارة أو لوح التزحلق أو أي شيء آخر يستدعي اهتمامه، وهذا ما أدى إلى قيام الشرطة الاسترالية بإصدار تحذير حول لعبة «بوكيمون غو» لتوخي الحذر أثناء اللعب. إضافة إلى ذلك، فإن رحلة البحث عن شخصيات «بوكيمون غو» قد تقود اللاعب إلى أماكن خاصة بأصحابها كأن يدخل إلى حديقة بيت ما، أو حتى داخل سيارة بسبب وجود شخصيات بوكيمون بداخلها، وهذا فيه تعد على حدود الأماكن الخاصة والحكومية، ومعلوم أن عاداتنا وسلوكياتنا مختلفة عن عادات الشعوب الأخرى.
وهي من الناحية الفنية تؤثر بشكل كبير على بطارية الهاتف، حيث تستخدم لعبة «بوكيمون غو» نظام تحديد المواقع والكاميرا ومعالج الرسومات في نفس الوقت، ما يجعلها أحد أكثر التطبيقات استنزافا لبطارية الهاتف، وفي هذا ضياع كبير للمال في شحن الموبايل أكثر من مرة باليوم. ونظرا لوجود دفع للنقود الحقيقية للقيام بشراء عناصر وميزات إضافية للعبة وللبوكيمونات خاصة الممارس للعبة، وهو حتما لن يتوقف عن شراء كل جديد من الشخصيات أو من التحديثات للعبة، حتى يكون متميزا بين أصدقائه.
والأمر الأخطر أيضا ألا تكون للاعب أي خصوصية لمعلوماته والصور التي في هاتفه، بعد تحميل هذا التطبيق، حيث يأتيه إشعار ينبهه بأنه سيستخدم المعلومات الموجودة على حسابه في غوغل، ما أشعر البعض بالخوف من انتهاك خصوصياتهم.
عضو في «البحوث الإسلامية»: صنيعة الغرب لإلهاء الشعوب العربية عن العمل والإنتاج
في أول تعليق من الأزهر الشريف على لعبة «البوكيمون» قال د.عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن الأطفال والشباب وجدوا في الألعاب الإلكترونية ضالتهم في اللعب والتسلية، وان تجاوز الأمر حده فصرفهم في كثير من الأحوال عن دروسهم وأعمالهم المرتبطة بمستقبل حياتهم، وكان من قمة الهوس الضار بحياة ومستقبل المغرمين بتلك الألعاب تلك اللعبة الباحثة عن البوكيمون في الشوارع والمحلات التجارية وأقسام الشرطة والمصالح الحكومية وبيوت الناس وربما دور العبادة، حيث تجعل من الناس كالسكارى في الشوارع والطرقات وهم يتابعون شاشة الموبايل الذي يقودهم إلى مكان البوكيمون الوهمي طمعا في الحصول عليه والإمساك به.
وأضاف شومان: وإن كانت هذه اللعبة قد تخدع الصغار ويصدقونها فلست أدرى أين ذهبت عقول الكبار الذين يتبعون هذا الوهم حتى تصدم أحدهم سيارة وهو منهمك في التتبع غير منتبه لقدوم سيارة، ويدخل آخر قسم شرطة طالبا من الضابط التنحي جانبا للبحث عن البوكيمون الذي تظهر شاشة موبايله أنه يختبئ تحته، ولست أدري هل سنجد بعض المخبولين يدخلون بأحذيتهم المساجد والكنائس والسجون والوحدات العسكرية للبحث عن مفقودهم وهل سيترك الناس أعمالهم والسعي خلف أرزاقهم سعيا خلف البوكيمون أم أنهم سيستردون عقولهم ويجنبون هذا العبث الملهي؟ داعيا «اللهم احفظ علينا عقولنا».
بدوره، قال عضو مجمع البحوث الإسلامية د. محمد الشحات الجندي إن لعبة البوكيمون مكروهة لعبها مثل الشطرنج، لأنها تضيع الوقت، وبالتالي فمن الأفضل ألا يتم لعبها على الموبايلات، وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية، في تصريحات لصحيفة «اليوم السابع» المصرية أنه إذا تسببت لعبة البوكيمون للآخرين الإهمال في واجبات الدين، فهذا حرام شرعا، موضحا أن مثل هذه الألعاب هي من صنيعة الغرب التي يصدرها إلى الدول العربية لإلهاء شعوبها عن العمل والإنتاج. فيما شن د.عبدالفتاح خضر أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة الأزهر، هجوما كاسحا على لعبة البوكيمون، لكونها لعبة «ضد العلم وتكرس الجهل بالله»، مطالبا بتجاهل اللعبة وعدم ممارستها، مضيفا أنها «تؤصل لمنهج باطل وما بني على باطل فهو باطل». وقال خضر «إن اللعبة تروج لنظرية النشوء والارتقاء للعالم تشالز داروين والتي تؤكد أن الإنسان أصله قرد وهي نظرية باطلة تنافي الإيمان بالله».