أحال مجلس الأمة إلى المحكمة الدستورية طلبا لتفسير المادة 111 من الدستور وجاء نص الإحالة كما يلي:
السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة الدستورية الموقر
تحية طيبة وبعد..
الموضوع: طلب تفسير المادة 111 من الدستور
يتقدم مجلس الأمة بهذا الطلب عملا بأحكام القانون رقم 14 لسنة 1973 بإنشاء المحكمة الدستورية، والمادة الأولى من لائحة المحكمة الدستورية.
تنص المادة 110 من الدستور على ان: «عضو مجلس الأمة حر فيما يبديه من الآراء والأفكار بالمجلس أو لجانه ولا تجوز مؤاخذته عن ذلك بحال من الأحوال».
وهذه المادة الدستورية تقرر بصورة مطلقة ما جرى العمل على تسميته بالحصانة الموضوعية لعضو مجلس الأمة في كل ما يبديه من آراء وأفكار بالمجلس ولجانه وهي حصانة مطلقة تعفيه من المسؤولية الجزائية والمدنية على حد سواء، كما انها تقرر الإعفاء منهما بصفة نهائية تمتد الى ما بعد فقد العضو صفة العضوية، سواء بانتهاء الفصل التشريعي أو باستقالته أو لأي سبب آخر، كما ان نص المادة سالفة الذكر (على خلاف المادة 111 كما سيجيء) لم تشر من قريب أو من بعيد الى ان هذه الحصانة مقصورة على دور الانعقاد، فهي تشمل أي عمل يقوم به العضو في المجلس أو لجانه، سواء أثناء دور الانعقاد بالنسبة للمجلس أو لجانه، أو فيما بين أدوار الانعقاد بالنسبة للجان البرلمانية التي يجيز لها الدستور واللائحة قيامها بمهامها فيما بين أدوار الانعقاد.
والى جانب ذلك تنص المادة 111 من الدستور على النوع الثاني من الحصانة البرلمانية التي يطلق عليها الحصانة الإجرائية وهي الحصانة ضد الإجراءات الجزائية.
وتنص هذه المادة على ما يأتي: «لا يجوز أثناء دور الانعقاد في غير حالة الجرم المشهود، ان تتخذ نحو العضو اجراءات التحقيق أو التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي اجراء جزائي آخر إلا بإذن المجلس، ويتعين إخطار المجلس بما قد يتخذ من اجراءات جزائية أثناء انعقاده على النحو السابق، كما يجب إخطاره دواما في أول اجتماع له بأي اجراء يتخذ في غيبته ضد اي عضو من أعضائه، وفي جميع الأحوال إذا لم يصدر المجلس قراره في طلب الإذن خلال شهر من تاريخ وصوله اليه اعتبر ذلك بمثابة إذن» وتقابلها المادة 20 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، ومؤدى هذه المادة تمتع العضو بالحصانة الإجرائية أثناء دور الانعقاد «وذلك فيما عدا حالات التلبس»، ولا حصانة له فيما بين أدوار الانعقاد «ما لم يدع المجلس الى اجتماع غير عادي»، ومن الطبيعي ان المجلس لا يجتمع فيما بين ادوار الانعقاد وبالتالي لا حاجة لأعضائه لحصانة ضد الإجراءات الجزائية.
غير انه وفقا لأحكام الدستور واللائحة الداخلية، ليس هناك ما يمنع اللجان البرلمانية من الاجتماع خارج دور الانعقاد «دائمة كانت أو مؤقتة ـ أصلية أو فرعية ـ أو لجان تحقيق» فتنص المادة 93 من الدستور على ان «يؤلف المجلس خلال الأسبوع الأول من اجتماعه السنوي اللجان اللازمة لأعماله، ويجوز لهذه اللجان ان تباشر صلاحياتها خلال عطلة المجلس تمهيدا لعرضها عليه عند اجتماعه».
وورد نص هذه المادة الدستورية بصيغتها كاملة في المادة 42 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، كما ان المادة 52 من اللائحة الداخلية تنظم كيفية دعوة اللجان البرلمانية للانعقاد فيما بين أدوار الانعقاد، وذلك بالنص على انه:
«لا يجوز تأجيل المجلس لجلساته دون انعقاد اللجان لإنجاز ما لديها من أعمال، ولرئيس المجلس ان يدعو اللجان للاجتماع فيما بين أدوار الانعقاد إذا رأى محلا لذلك أو بناء على طلب الحكومة أو رئيس اللجنة».
لذلك، فإنه من المحتمل ان يتعرض عضو مجلس الأمة فيما بين أدوار الانعقاد لإجراءات جزائية تحول بينه وبين أدائه لعمله في اللجان البرلمانية التي يكون عضوا فيها بحيث يحتاج الى حماية خاصة ضد المسؤولية الجزائية، شأنه في ذلك شأن العضو أثناء دور الانعقاد.
وفي ضوء ما تنص عليه المادة 111 من قصرها الحصانة الإجرائية على دور الانعقاد، وتوقفها فيما بين أدوار الانعقاد، وعدم شمولها للأعضاء الذين يشتركون في لجان برلمانية تعقد اجتماعاتها في غيبة المجلس، ثار التساؤل الآتي:
هل يتمتع عضو مجلس الأمة الذي يشترك في عضوية إحدى لجان المجلس التي تمارس مهامها فيما بين أدوار الانعقاد بالحصانة الإجرائية؟
وقد رأى المجلس بجلسته المعقودة في 19/5/2015 في التقدم الى المحكمة الدستورية بطلب تفسير نص المادة 111 من الدستور وما إذا كانت بصياغتها تفيد تمتع العضو في هذه الحالة بالحصانة ضد الإجراءات الجزائية.