أحمد عفيفي - وكالات
قضية تثير جدلا كبيرا في مصر الآن ولا أظنها ستنتهي قريبا، وهي قضية الطالبة مريم التي جاءت نتيجتها في الثانوية العامة «صفر في المائة»، وهي الطالبة المتفوقة دوما في جميع مراحلها التعليمية.
النتيجة كانت صادمة للبنت وللمجتمع بعد إثارتها عبر وسائل الإعلام ومن خلال الفضائيات، وما من برنامج الا وتناولها وتحدث عنها، فما حكاية مريم و«صفرها» الكبير الذي ربما يهدد عرش المنظومة التعليمية بالكامل في مصر المحروسة؟!
مريم طالبة في إحدى مدارس المنيا جنوب الصعيد، متفوقة وذكية، وكانت تحلم بمستقبل باهر يليق بقدراتها في التحصيل، آخر مجموع حصلت عليه في ثانية ثانوي 98%، فهل يمكن لعقل تصديق ان مريم في الثانوية العامة تحصل على صفر في المائة؟! تعالوا لنتخيل مثلا ان مريم من الغباء بحيث لا تستوعب دروسها وكتبها، ولننسَ درجاتها المرتفعة جدا في سنوات دراستها السابقة، فهل يعقل انها لا تجيب عن سؤال واحد يمنحها بضع درجات فتأتي نتيجتها مثلا 20% وتكون راسبة بالطبع؟ فمن أين جاء هذا الصفر الكبير الذي يرفضه العقل والمنطق، الا اذا كانت الطالبة قصدت عن عمد ان «تلخبط» في الإجابات حتى تحدث هذه الضجة التي لن تهدأ؟!
وماذا ستستفيد مريم من هذا الصفر الذي يعطل مسيرتها عاما كاملا ويحرمها من تحقيق أمانيها المستقبلية؟! مريم أثارت الضجة بنفسها حين اتهمت المسؤولين في اللجنة بتغيير ورقة إجابتها بورقة أخرى لفتاة أخرى، ولا تعرف طبعا لماذا اختاروا تبديل ورقها هي بالذات، ولا الهدف من إلصاق ورق إجابتها الحقيقي لصالح طالبة غيرها، فما كان منها الا أن أقامت دعوى قضائية تقاضي فيها وزارة التربية والتعليم، وتتحدى ان يثبت القضاء صحة ادعاء الوزارة بأن الورق الذي حصل على الصفر هو ورق مريم، لكن كانت المفاجأة مدوية ليس لمريم وحدها، ولكن لكل المتابعين لقضيتها، فقد أثبت الطب الشرعي ان الخط خط مريم، وقد اتفق على ذلك ليس خبير خطوط واحد، وانما لجنة مكونة من 13 خبيرا أجمعوا كلهم بلا استثناء على أن دفاتر الإجابات في جميع المواد الخاصة بمريم تحمل خطها هي وليس سواها، وهذا ما اكده في مداخلة تلفزيونية د.هشام عبدالحميد المتحدث باسم الطب الشرعي، حيث قال ان اللجنة قدمت تقريرها النهائي للنيابة التي ستصدر حكمها بناء على هذا التقرير بأنه ليس للطالبة مريم حق الاعتراض بأي شكل كان، بعد ان اجمع 13 خبيرا على ان الخط خطها.
مريم تصرخ عبر الهاتف: لن أسكت عن حقي ولو لجأت الى خبراء خطوط دوليين ما دمت عاجزة عن استرداد حقي في بلدي مصر.
يسألها وائل الابراشي مقدم برنامج العاشرة مساء: ماذا تظنين يا مريم؟! هل يساورك شك في قرار لجنة الخطوط حماية للوزارة والوزير وللمنظومة التعليمية كلها؟!
ترد: أكيد، فلو قالت اللجنة إن الخط ليس خطي بعد كل ما أثارته القضية من اهتمام، فسوف يشجع ذلك طلابا كثيرين على اللجوء الى ما لجأت اليه ويسببون بلبلة رهيبة لا تهدد وزير التعليم كشخص، ولكن تهدد وتضرب المنظومة التعليمية كلها في مقتل.
وقالت بالحرف الواحد: «عشان كده قالوا تتحرق مريم وتولع بجاز، فيها ايه لما تعيد السنة، وترحمنا من فوهات النيران التي ستطالنا كلنا اذا ما كسبت القضية».
ولا احد يستطيع ان يقطع برأي في هذا الأمر، لكن تظل علامة الاستفهام كبيرة وربما اكبر من «الصفر» نفسه، كيف لطالبة متوقدة الذكاء أن تأتي نتيجتها في الثانوية العامة صفرا كبيرا؟!