رغم التبريرات وتصريحات النفي العراقية يبدو من الواضح ان ما شهدته الساعات الاخيرة من رسائل سلبية من العراق، وأبرزها اعتداء من وصفوا بـ «مجموعة من المزارعين» على حدودنا، هو مجرد محاولات تكسّب رخيص ومتعمد هدفه تسجيل نقاط سياسية تظن الأطراف التي تقف خلفه انها قابلة للصرف في سوق المزايدات الدائرة في العراق حاليا بشأن التشكيل الحكومي هناك، مع ان الكويت قد حرصت منذ اللحظة الاولى على عدم التدخل في الشأن الداخلي العراقي وعلى الانفتاح على جميع مكونات الشعب العراقي الذي يدرك جيدا ما قدمته الكويت من تضحيات تجاهه ودورها في إنقاذه من طغيان نظامه البائد.
ان التوضيحات التي تلت التصعيد في محاولة لاحتوائه وتطويقه من الجهات العراقية التي تدرك تماما وقبل غيرها خطورة عواقبه يجب الا تثنينا عن التوقف مليا امام ما جرى وما قد يتكرر مستقبلا من محاولات مكشوفة لإعادة الأمور بين البلدين الى الوراء.
ولابد في هذا المجال من الإشادة بجهود الديبلوماسية الكويتية وسرعة وفعالية تعاملها مع محاولات الاستفزاز، وهي بالمناسبة ليست الاولى من نوعها، والتزامها الكامل بثوابتنا فيما يخص حقوق بلدنا ضمن الإطار القانوني والقنوات الرسمية المحددة.
وقد جاء استدعاء وزارة الخارجية للسفير العراقي وتوجيهها مذكرة احتجاج حازمة اللهجة على تصريحات مندوب العراق لدى الجامعة العربية بمنزلة رسالة واضحة لكل من يظن ان الكويت قد تنجر وراء المحاولات اليائسة لإعادة مناقشة ما قد حسمه المجتمع الدولي ووافقت عليه حكومتا البلدين بشأن ترسيم الحدود وحقوق الكويت بعد كل ما قاسته من غدر وخسائر معنوية وإنسانية ومادية وبيئية على يد نظام الطاغية المقبور.
على بعد أسبوعين من الذكرى العشرين للاحتلال الصدامي الغاشم الذي جر الويلات على الكويت والعراق، نقول لمطلقي المهاترات من المسؤولين العراقيين: كفوا عن محاولاتكم العبثية لقلب الحقائق وتزوير التاريخ والالتفاف على القرارات الدولية، واعلموا ان بالونات الاختبار التي تلقون بها من وقت الى آخر لم ولن تجدي نفعا، فلا صوت يعلو فوق صوت الحق، وحقنا يشهد عليه التاريخ والعالم بأسره.
الطريق الوحيد أمام العراق ليثبت للعالم وللكويت ما سبق لمسؤوليه وحكومته ان أعلنوه من التزام بفتح صفحة جديدة عنوانها حسن الجوار هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية بحذافيرها، والانحراف عن هذا الطريق هو لعب بالنار باهظ الكلفة على العراق والعراقيين.
ان ما أظهرته الكويت من حسن نية وانفتاح على العراق يقتضي من العراقيين معاملة بالمثل أساسها الاحترام المتبادل والوفاء بالالتزامات واخذ العبر من الماضي الأليم.