غالبا ما يعول البعض سبب عدم تمكنه من تحقيق إنجازات معينة في حياته على انه لا يمتلك القدرات التي تمكنه من تبوؤ هذه المكانة، ولدى الحديث عن هذه الإمكانيات غالبا ما نجد أن تقديرها مجاز وغير مادي يمكن تعيينه في شيء ملموس.
فعلى سبيل المثال البعض يعول سبب فشله الدراسي على انه لا يملك الإمكانيات الذهنية التي تؤهله للاستيعاب والتي غالبا ما تؤدي إلى عدم تمكنه من إحراز درجات علمية عالية والتي تؤدي بالتالي إما إلى رسوبه أو إلى تدني محصلة درجاته.
وقد يكون لذلك الأمر عوامل متعددة إلا أن أبرزها هو «الرهاب العلمي» الذي يمكننا تعريفه بإيجاز بأنه: حالة من الخوف تصيب المتعلم فتشعره بضعف إمكانياته الذهنية التي تؤدي بدورها إلى صعوبة فهم المواد العلمية واستيعابها نتيجة التوقع الأولي للفشل الذي يؤدي بدوره هذا التنبؤ بإعاقة التعليم لدى المتعلم.
وبذلك نستطيع ان نستخلص من هذا التعريف الافتراضي بأن الرهاب العلمي أولى لبنات ترسيخه في ذهن المتعلم هو الإحساس بالخوف من التعلم نتيجة ضعف الثقة بالإمكانيات التي يمتلكها المتعلم والتي تؤدي بدورها الى ضعف وصعوبة الاستيعاب لديه وبالتالي إما أن تؤدي إلى تسرب المتعلم من مقاعد التعليم أو أنها تؤدي إلى فشله ورسوبه في المواد الدراسية وبالتالي تؤول الى فصله من التعليم نتيجة الرسوب المتكرر.
إن أول آثار وسلبيات الرهاب العلمي إعاقة القدرة لدى المتعلم على التعلم بحيث تكسبه الشعور المسبق بأنه سيفشل في التعليم لأنه لا يملك الإمكانيات الذهنية التي يمتلكها الآخرون.
وفي الحقيقة انه إلى الآن لا يوجد دليل علمي مادي يؤكد الفروقات الذهنية بين الأشخاص ولكن التجارب أثبتت مدى تأثير البيئة الاجتماعية المحيطة في الفرد على معدل درجات الطالب فتؤدي إما لتفوقه أو فشله.
فعلى سبيل المثال من ينشأ في أسرة قارئة ومثقفة يكتسب هذه المهارة من والديه فينعكس بالتالي على سلوكه ونجده يحب القراءة وحب القراءة تؤثر بشكل إيجابي كبير على التحصيل العلمي للطالب في مختلف مراحل حياته العمرية فليس من الضروري أن يكون المتعلم صغيرا، بل حتى الكبار ممن يتعلمون في سن متقدمة فتنعكس القراءة ايجابيا على مستوى تحصيلهم العلمي.
أيضا الإرادة لها تأثير إيجابي على التعليم فالذي يكون لديه إرادة تؤثر إرادته على مستوى تحصيله العلمي فمن لا يملك الإرادة غالبا ما يشعر بالعجز وبعدم القدرة على التعليم ليس لأنه لا يمتلك الإمكانيات، بل لأنه لا يملك العزيمة والصبر اللذين يؤهلانه لتحمل مصاعب التعليم ومشاقها والانتهاء منها.
إذن أبرز عاملين يتسببان في «الرهاب العلمي» هما البيئة المحيطة بالفرد والإرادة الشخصية للمتعلم، فالبيئة غالبا ما تتسبب في تكريس الشعور بالإحباط لدى المتعلم من خلال التعليقات السلبية التي يكتسبها من البيئة المحيطة به بحيث يشعرونه بأنه غير قادر نتيجة تكرار فشله فهم يحكمون عليه سلفا بأنه لن يفلح لأنهم لا يريدون في الحقيقة بذل مجهود أكبر معه حتى يتحسن مستواه، فإما ان تكون البيئة المحيطة كما أشرنا سلفا غير قارئة وغير مثقفة ويؤدي بالتالي إلى نشوء أجيال على أسلافهم بنفس السلوك والتوجه أو تكون البيئة محبطة بحيث تكثر فيها التعليقات السلبية التي تؤدي إلى إحساس المتعلم بالعجز عن التعليم ويصيبه رهاب التعليم بسبب البيئة.
بيد أن كل ذلك يمكن تخطيه بالعزيمة والإرادة والثقة بالذات فلا يوجد فشل مطلق ولا يوجد نجاح مطلق، بل يستطيع المرء ان يتخطى حالة الرهاب التي تصيبه بقليل من الإرادة.