صرح أحد أعضاء مجلس الأمة عن عزمه تقديم استجواب لسمو رئيس مجلس الوزراء في حال خصخصة أحد القطاعات الحكومية، وهو بدوره يفتح الباب للنقاش حول موضوع الخصخصة وآلياتها وطرق تطبيقها وهل هي قائمة أم مستحدثة في النظام المالي الكويتي؟
وعليه، يتوجب التنويه على أن نظام الخصخصة ليس نظاما مستحدثا على النظام المالي المنتهج في الكويت، فمنذ أن افتتحت المدارس والمستشفيات الخاصة ومنذ بدأ العمل بعقود B.O.T والخصخصة قائمة في الكويت منذ زمن، إلا أن بدايتها لم تثر ضجة إعلامية كما التي نشهدها اليوم لأنها كانت قائمة دون أن ينتبه أحد ما لتسميتها بأنها أحد أوجه الخصخصة.
والتعريف العلمي للخصخصة: هو إفساح المجال للقطاع الخاص في إدارة وملكية بعض القطاعات الحكومية الخاسرة لما آلت إليه التجارب العملية في كفاءة القطاع الخاص أكثر من الحكومة في الإدارة وبالأخص في المشروعات ذات الطبيعة الربحية لما يحمله القطاع الخاص من نظام حوافز تشجيعية وسرعة في اتخاذ الإجراءات والتخطيط غير المركزي ذا الخطة القصيرة لأجل تحقيق الأرباح.
والتخلص من البيروقراطية المعقدة التي تتسبب في بطء الإجراءات وإفراز العديد من الأمراض الإدارية كالبطالة المقنعة والتكاسل والاعتماد على الغير في العمل.
ونظرا لأن الأنظمة الاقتصادية المنتهجة في العالم تتغير بتغير نتائج أبحاث دراسات الاقتصاد السياسي التي تنتهج نتائجها السياسة الاقتصادية المنتهجة في كل دولة على حدة للوصول إلى أفضل السبل والوسائل لتحقيق الأمن الاقتصادي في المجتمعات وتستطيع إدارة الدولة بالتالي تحقيق أكبر قدر من إشباع الحاجات المطلوبة لأفراد المجتمع.
وعليه، فإن الاقتصاد حول العالم مر بأربع مراحل رئيسية ختامها هو الخصخصة فقد كانت البداية في النظام الرأسمالي الحر ثم تلته الاشتراكية ثم بعد ذلك ظهر نظام رأسمالية الدولة وهو النظام القائم والمتبع في اكثر دول العالم حاليا، إلا أن أحدث الأنظمة العالمية هو نظام الخصخصة.
البعض يعتقد أن في نظام الخصخصة ستتخلى الدولة عن ملكيتها لأصولها، إلا أن هذا ليس من الضروري أن ينتهج، فالخصخصة لها أساليب متعددة منها أن يتم تحرير النشاط الاقتصادي فيسمح للقطاع الخاص بإنشاء مشاريع كانت حكرا على القطاع الحكومي، وهذا بدأ في بداية تأسيس المستشفيات الخاصة والمدارس والجامعات الخاصة وغيرها، وكذلك من أساليب الخصخصة فصل الإدارة عن الملكية بحيث توكل الدولة حق إدارة المرفق الحكومي للقطاع الخاص مع احتفاظ الدولة بكامل حقوقها في ملكية المرفق كما هو الحال في العقود الإدارية وعقود الامتياز والتأجير وسواها.
وبذلك تكون الدولة وفرت لخزينتها مردودا جيدا يدعم الموازنة العامة للدولة من خلال التخلص من نفقات بعض المرافق الحكومية الخاسرة وكذلك زيادة حصيلتها عن طريق التأجير فيدخل ضمن الميزانية وهو أحد أوجه تنويع المصادر المالية لدعم الموازنة العامة للدولة.
وبذلك فإن الخصخصة لا ضير منها متى ما فهم البعض أسبابها وطرق تطبيقها مع وضع ضمانات للعاملين فيها كما التي وضعتها رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر حين قامت بخصخصة قطاع البريد وملكت العاملين أسهم في قطاع البريد، وبذلك فمن الممكن لأعضاء مجلس الأمة أن يشرعوا قوانين لضمان حقوق العاملين في القطاعات التي ستتم خصخصتها كالتي انتهجتها مارغرت تاتشر إضافة عليه أن يتم ضمان عدم الاستغناء عن الموظفين العاملين أسوة بالقطاع الحكومي فلا يتم فصل الموظف إلا في الحالات التي يفصل فيها الموظف الحكومي وكل هذه الضمانات بيد أعضاء مجلس الأمة.
بيد أن ذلك الأمر لا ينفي عتبنا على بعض أعضاء مجلس الأمة الذين باتوا في كل شاردة وواردة يهددون بتقديم استجوابات دون مبررات علمية ومنطقية.