مفهوم الخصخصة كما تذكر موسوعة ويكيبيديا يقصد به «فلسفة اقتصادية حديثة ذات إستراتيجية لتحويل عدد كبير من القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية التي لا ترتبط بالسياسة العليا للدولة، من القطاع العام إلى القطاع الخاص، حيث إن الدولة في المفهوم الاقتصادي الحديث يجب أن تهتم بالقضايا الكبيرة كالأمور السياسية والإدارية والأمنية والاجتماعية التي ترتبط بسياستها العليا، أما سائر الأمور الأخرى فيمكن تأمينها من قبل القطاع الخاص وذلك في إطار القوانين والأنظمة التي تضعها الدولة وتنظم من خلالها عمل هذا القطاع».
ودور الخصخصة كبير ومهم في إعادة الهيكلة المالية للدولة، خاصة إذا علمنا أن أكثر من 90% من الإيرادات مصدرها القطاع النفطي، وانه في أي وقت يمكن الاستغناء عن النفط، وهناك بحوث ودراسات وميزانيات وضعت لهذا ستوفر مبالغ كبيرة للدولة، ما يساهم بشكل فعال في الحفاظ على دخل الدولة القومي، وستلعب الخصخصة دورا رياديا في عملية التنمية لو تم الالتزام بالشروط الموضوعة لها، وكانت هناك إدارة رشيدة وصالحة لتدير شؤونها، وسوف تضبط إيقاع عدم التوازن المالي، بل ستكون من أهم الأمور التي ستقضي على البيروقراطية خاصة في المؤسسات الخدمية والفساد الإداري والمحسوبيات.
والذي يقرأ قانون الخصخصة الذي أقره مجلس الأمة في مداولته الأولى، يجد أنه قانون جيد لأكثر من طرف، فقد أعطى الحكومة كما ذكرت جريدة «الأنباء» السهم الذهبي، وهو التصويت ضد أي مشروع ترى الحكومة أنه غير مجد داخل مجلس الإدارة، واحتياطي الأجيال مستفيد أيضا وذلك لاحتفاظ الدولة بنسبة 20% من الشركات، أما فوائد الخصخصة للمواطنين والموظفين فهي كثيرة، مثل طرح نسبة 40% للاكتتاب، ومدة عقد العامل لا تقل عن 5 سنوات في الشركة التي آل إليها المشروع، وإعطاؤهم 3 سنوات نهاية خدمة تساوي الراتب الأساسي، بالإضافة إلى نسب للعمالة لكل مشروع، هذا بالإضافة إلى العديد من المزايا الأخرى.
كل الشكر لأعضاء مجلس الأمة على إقرار القانون في المداولة الأولى، وفي هذا الصدد لن ننسى تصويت العم أحمد السعدون، لصالح القانون وهو تصويت غير مستغرب حيث اعتبره السعدون من أجود قوانين العالم، وتصويته على القوانين المالية له طابع خاص، وذلك باعتباره من أبرز المدافعين عن المال العام، ومواقفه السابقة خير دليل على ذلك، ومن غير المعقول وقوف السعدون مع قانون ليس فيه مصلحة للمواطن أولا وأخيرا، وتاريخه يشهد بذلك.
إن أكثر المشاكل التي نعانيها اليوم هي سيطرة القطاع العام على القطاع الخاص في كثير من مناحي الحياة، وهناك دول سبقتنا مثل ماليزيا وبريطانيا في هذا القانون، بل هناك نماذج لدينا في الكويت، فتخيل لو أن شركة الاتصالات المتنقلة كانت لدى الدولة وليس القطاع الخاص، هل سنرى اسم «زين.. عالم جميل»، هل سيكون هناك حجم للعمالة الوطنية كما هو عليه الآن في الشركة، وهل سنرى الشركة ضمن اقوى شركات المنطقة؟ إنها حقا قصة نجاح تستحق أن تدرس في أعرق الجامعات.
[email protected]