ذكر وزير التجارة في أحد تصاريحه عن بعض الشركات الورقية المتواجدة بالسوق أنها «عفنة»، ويجب تنظيف السوق منها، ولا شك أن الاعتراف بالمشكلة هو نصف الحل، وهذا الكلام يطرح العديد من التساؤلات التي يجدر الحديث عنها: من المسؤول عن تنظيف العفن الموجود في السوق؟ بل ومن تقع عليه المسؤولية عن وجود هذه الشركات «العفنة» إلى اليوم؟، ومن هو المسؤول عن إخراجها منه؟، ومن الذي صرح لها بدخول السوق أصلا؟، وكل هذه التساؤلات لابد من الإجابة عنها بكل وضوح وشفافية، حتى نصل إلى الشخص المسؤول، وإذا لم يحاسب هذا الشخص ، بعد الكشف عنه، ويحول لجهات الاختصاص، كونه ضيع الأمانة الموكلة إليه فلن نستفيد شيئا، بل يجب أن نأخذ العبرة من دبي في طريقة محاسبة المقصرين بكل جدية، مهما كانت مناصبهم التي كانوا يشغلونها.
وفي ظل الحديث عن «عفن» السوق، يجب أن نفرق بين عدة شركات، فهناك شركات حقيقية لا تحتاج لمساعدة لأنها قادرة على عبور الأزمة وذلك لأن لديها قيادة حصيفة لم تقترض أموالا فوق طاقتها، ولم تدخل في مشاريع قصيرة الأجل بقروض طويلة الأجل، وهذه لا مشاكل لديها وقادرة على العبور، والنوع الثاني من الشركات هو الشركات التشغيلية المهمة للاقتصاد الحقيقي، وبها إدارة مميزة وجادة إلا أنها بحاجة لمساعدة، ومساعدتها دعم للاقتصاد الوطني الصرف، وهي لا تتجاوز ربع الشركات الموجودة في السوق، وهذه تستحق الدعم والمساندة، بل لديها ملاءة مالية، أم النوع الثالث من الشركات فهو السواد الأعظم فيجب إخراجه من السوق في أسرع وقت، حتى لا ينتشر الداء، مثل الطبيب الذي يبتر أحد أطراف المريض، ليحافظ على باقي الجسم سليما معافى.
إن المساهمين اليوم عليهم مسؤولية كبيرة وجسيمة في نفس الوقت، وذلك لمحاسبة أعضاء مجالس الإدارات، لأن هناك هروبا منظما من إدارات هذه الشركات، وذلك قبل الغرق الجماعي بسبب كثرة الثقوب الموجودة في السفينة، بل يجب على المساهمين أن يحذوا حذو علي الموسى، وطريقة محاسبته في الجمعيات العمومية وخاصة ما حصل في اجتماع الجمعية العمومية للبنك التجاري، وان يعلموا مدى شفافيته عندما أعلن عن استثماراته الموجودة بأسواق المنطقة بكل شفافية.
وكما يقول ناصر النفيسي، في مقاله الذي حمل عنوان «من المسؤول عن..العفن».. أما على صعيد الأرقام، فقد خسرت بورصة الكويت أكثر من 30 مليار دينار منذ بداية الأزمة الاقتصادية العالمية والأخلاقية الكويتية، وفي تقديرنا المتواضع، فإننا نعتقد أن 20 مليار دينار من الخسارة ترجع إلى أعمال «شيطانية» كويتية 100%، بينما يرجع الباقي إلى متغيرات اقتصادية عالمية.
إن مسؤولية تنظيف السوق عملية شاقة وكبيرة وبحاجة إلى تضافر الجهود، وقبل ذلك بحاجة إلى مصداقية في الإصلاح، والابتعاد عن تعيين أناس وفق المصالح والأهواء والمحاصصة، بل وفق منظور المواطنة والكفاءة والأمانة، وليس ضمن منظور «هذا ولدنا»، وذلك حتى يتمكنوا من إزالة العفن الموجود في السوق، وكي ترجع الكويت درة الخليج كما كانت في السابق.
[email protected]